في مقال سابق تحدثت حول الإعلام والجماهير ومن يؤثر في الآخر، ولدي قناعة تامة أن كثيرا من الأطروحات المتعصبة ربما لا تكون خارجة عن قناعة أصحابها بقدر ما هي تلبية لحاجات من يطلب ذلك ممن لا يرون سوى ألوان أنديتهم، ولا يتورعون عن الإساءة لمن يخالفهم الميول الرياضية. مواقع التواصل الاجتماعي كشفت انغماس كثير من الكتاب المهتمين بالشأن الاجتماعي والاقتصادي وغيره في الرياضة وشؤونها، لتتطور متابعتهم العادية البعيدة عن الانظار للأحداث إلى مشارك في التعليق على كثير منها وطرح حلول لها، وهذا الاهتمام يحسب للرياضة التي يخوض فيها معظم الناس بشتى مجالاتهم وتخصصاتهم، ويبدو أن الانفتاح الإعلامي سهل من مهمة معرفة نبض الشارع، وتطلعات الجماهير، وسهولة إيجاد فكرة للتعليق عليها سواء في الرياضة أوغيرها، وهو ما لم يكن متوافرا في زمن سابق، أتذكر أن كاتباً مصرياً كبيراً سئل من أين تستقي أفكار مقالاتك اليومية فأكد أن تواجده في مقاهي الحسين بالقاهرة وسماعه لما يتداوله الناس يقوده لمناقشة همومهم في زاويته اليومية، وفي هذا الزمن لا يحتاج كاتب للبحث عن مقهى أو غيره لمعرفة هموم الناس؛ في ظل تضاعف أعداد المنضمين لمواقع التواصل الاجتماعي "تويتر" و "فيسبوك". ومن المناسب هنا الحديث عن أغنية متصدر_لا_تكلمني للملحن الشهير ناصر الصالح والشاعر عبدالله أبوراس التي جاءت فكرتها من الهاشتاق الشهير للجماهير النصراوية إثر تصدر فريقها ترتيب الدوري بعد الجولة السادسة، كانت الكلمات أنموذجا للاستعانة بما يدور في "تويتر"، ربما لا يكون عيباً؛ لكنه يقلل من مكانة ملحن العمل الشهير "الأماكن"، وكاتب الأغنية الوطنية "أبشرك" التي لاقت صدى واسعا؛ إذ ليس من المعقول أن يقود تصدر مؤقت وبفارق نقطة والدوري لم تنتصف جولاته بعد لعمل غنائي مكلف ومتعوب عليه، ربما لم يجد ملحنه من يقبل بغنائها لعدم القناعة بفكرتها وتوقيتها فلجأ للتصدي له ملحنا ومغنيا!!. الجهد الذي بذل في هذا العمل قلل من استمراريته الحديث عن الصدارة، فلن يكون من المناسب الاستماع لها إلا حين يكون النصر في صدارة الترتيب، فيما لو كانت غير مرتبطة بهذه الصدارة الوقتية مثل معظم الأغاني الرياضية لكانت أجدى، ثم إن تصدر الهلال اليوم والأهلي غدا وهو ما أتوقعه عند نهاية الدور الأول يتوجب أغنية لكل متصدر إذا ما وافقنا الصالح على عمله الذي أراد من ورائه شهرة مؤقتة هو ليس بحاجة لها.