يا علي حط القبر بين البلادين في مدهل البطحا جنوبٍ من القاع ورز النصايب صوب مريوشة العين هبايب الصلفات تقرع به اقراع وحط النصايل يا علي قدر بوعين بهن المهل ياخوي لو زدت به باع وليا دفنتوني ورحتوا مقفين يا علي حطوا لي مع القبر مطلاع وجدي عليها وجد راعي قليبين متجرحٍ من كثر حفره من القاع جاه البرد ترمي اسوات المحاقين خذا البرد يومين بالزرع ما ماع ساقوا سوانيهم وراحوا ذليلين لا حصلوا مدٍ ولا حوشوا صاع أو وجد راعي هجمة وسرها زين ترعى طرات العشب يا وي مرباع شافه بوسط القفر قومٍ مخيفين متغترينٍ عن اشبوحٍ وطلاع عزل كمين القوم جوها مغيرين ولحقوا على صفرٍ من النزل فزاع وعلمي ارويعيها يصفق بالايدين قطوه منها ما بقي حاشيٍ ضاع ردوا عليه وردة القوم شينين تقاطعوه بكل شلفا ولماع الشاعر: لا نعلم من اسمه إلا أنه عالي الجلعودي من قبيلة عنزة . مناسبة النص: جاء في تقديم النص عند الربيعي"عيال الجلعودي من عنزه قيل إنهم أربعة أولاد من كبر منهم تولع بالهوى ومات ..وهم علي وعالي وراشد قال عالي يوصي أخاه علي بعد ما أحس من ألم الهوى"فالربيعي يؤكد أنهم أربعة إخوة قتلهم العشق ولم يذكر منهم سوى ثلاثة ولم نجد إلا هذا النص لأحدهم والذي سماه عالي وليس هناك تفاصيل واضحة حول قصة عشقه سوى ما تضمنه النص. مخطوط قصيدة الجلعودي دراسة النص: بدأ الشاعر مخاطباً أخاه علياً بأن يحفر قبره بين(البلادين)ويقصد بالبلاد المزرعة فهو يحدد موقع قبره بين مزرعتين في مفيض الوادي جنوباً من(القاع) الأرض المستوية وأن يوضع قبره مما يوالي حبيبته بحيث تمر الرياح على القبر من جهتها وأن يوسعوا له في القبر ويصنعوا فيه مخرجاً يخرج منه بعد دفنه، ثم يتوجد على تلك الحبيبة مشبها حالة الألم والحسرة التي يشعر بها بحالة صاحب المزرعة الكبيرة التي بها بئرا ماء وقد أدمت يداه من كثرة عمله في حرثها وزراعتها والعناية بها وبعد أن استتم الزرع أتاه برداً من السماء فأصاب الزرع وتراكم فوقه الثلج لمدة يومين ولم يذب، فأنهى جميع الزرع فغادر المزارع أرضه ذليلاً يدفع دوابه التي يستخرج بها الماء ولم يدرك من المحصول مدا ولا صاعا، كما أن حالة الألم والحسرة التي يشعر بها تتشابه مع حالة صاحب قطيع الإبل التي هي من سلالة جيدة وهي حسنة الحال سمان بعد أن رعت عشب الربيع الوافر فكانت بعين غزاة مختفين عن الأعين في الصحراء وقد هجموا عليها وساقوها جميعاً ولم يتركوا منها شيئاً حتى الحوار، وعندما فزع صاحب الإبل ومن معه على ظهور الخيل في طلب إبلهم كروا عليهم الغزاة فقتلوا صاحب الإبل الذي تمزق جسده بين الرماح والسيوف. نهايات العشاق ودور الرواة: أعتقد أن النص الشعري له دور كبير في حياكة الأسطورة الشعبية فعندما يصور الشاعر معاناته العاطفية ويضع الموت حلاً لها فمن هنا تبدأ تخيلات الرواة، لذا تكثر النهايات المتشابهة لقتلى العشق بل ويتسابق الرواة في تأكيد موت العشيقة على جثة العاشق وكأن النهاية لا تكون جميلة إلا هكذا فمثلا نجد أن دخيل الله الدجيما في نصه الأشهر : يا جر قلبي جر لدن الغصوني غصون سدرٍ جرها السيل جرا على الذي مشيه تخطٍ بهوني لعصر من بين الفريقين مرا ومنه قوله: أن مت في دافي حشاه ادفنوني في مستكن الروح ما هوب برا فهو يوصي بنفس الأسلوب أن يدفن ويتخير مكان قبره فيذهب الرواة ليؤكدوا أنه مات بعد فراغه من هذا النص وأن حبيبته بعد أن سمعت بخبره جاءت إليه فاحتضنته وماتت ويشابه ذلك أيضا راشد الوليعي في قوله: لا مت في راس الطويل ادفنوني حطو براس مصودعه لي مكاني متبينٍ لأهل النضا واذكروني قولوا لقينا بالمصدع مباني وكذلك نص مسلم الوليعي والذي يؤكد الرواة أنه ألقى بنفسه من جبل رضوى بعد فراغه من القصيدة : عديت في رضوى ورضوى منيفه وأخيل في عيني جنوب وشام غروٍ قراني يوم قرصة أبهامي غروٍ صغيرٍ ما عليه لثام قراني وهو يسفح من الدمع ناظره ليته قراني والعيون نيام ترى الصبا مثل الربيع الى زهى وا حسرتي ما للربيع دوام ذكرت بنفسي طلحةٍ نستظل بها عليك يا دار الحبيب سلام وأنا جيتكم من رأس رضوى عشية كما شن غربٍ باد منه وذام وأقول لو أن الشاعر لويحان تقدم زمنه مع زمن قتلى العشق فهل سيختلق له الرواة نهاية مأساوية وتكون فرصة لخيالاتهم الواسعة بسبب نصه الشهير: إن مت في شارع فؤاد ادفنوني ياطا على قبري بناتٍ مزايين ما عاد اكذب عقب شافت عيوني بنات من نسل البوش والسلاطين وأستطيع القول إنه عند الرواة لا نهايات سعيدة لأغلب قصص العشق لذا جعلوا الحرمان والموت أنموذجا رائعا للعشاق ويبدو أن هناك من العشاق من صدقهم فتقمص الدور.