الانفلات لم يعد محصوراً على المشجعين.. وما يحدث لايليق بمن هدفه التخطيط لبلوغ مستقبل مشرق يتبادل بعض أنصار الأندية خصوصاً الكبيرة، منها الهلال والنصر التعليقات التي تتسم بالتشفي والشماتة وغياب المنطق والدعوة الى التعصب والتحريض، ومنذ بداية دوري (عبداللطيف جميل) وهم مستمرون بذلك، وكأنهم وسط معركة تستحق التعبئة والتسلح بماهو متاح باليد واللسان وآي وسيلة أخرى، ومثل هذه الاساليب لم نتعودها في أعوام مضت كانت فيها الكرة السعودية ممثلة بأنديتها ومنتخباتها هي المتسيدة لقارة آسيا، صحيح ان هناك تصريحات مثيرة وتحديات تفرضها المباريات الكبيرة ومستوى المنافسة ولكنها لاتخرج عن بعض رؤساء الاندية والشرفيين الذين تترقب "قفشاتهم" الجماهير، ويتابعهم الاعلام، وينتظرهم الوسط الرياضي لإيمانه ان جلهم لن يتجاوز الخطوط الحمراء ويخرج عن مسار اللحمة الوطنية مهما كانت حدة التنافس وقوة المنافسة، وحرص كل فريق على هزيمة الآخر، لم يصل الأمر الى الرسومات ودبلجة الصور وتسجيل المقاطع والمكالمات والترصد ووضع المكائد استعداداً للصيد الثمين ان وجد، نعم هذا لم نعهده في وسطنا الرياضي الذي بات مفلوتاً من كل جهة، لاتدري ممن تسمع، من المدرب المنفعل او اللاعب المتهور في كلامه ام الرئيس الذي بات لايخشى العقوبة ام من الشرفي الذي لايدعم واذا نساه الوسط الرياضي ساق اتهامات حتى يلفت الانظار اليه، ام من الاداري الذي لايعرف طبيعة المنافسة وحدودها؟ حتى بعض المعلقين والحكام ساروا مع الركب وركبوا الموجة ودخلوا في معمعة (مع او ضد) عبر كابينة التعليق والتغريدات المسيئة واعلان الميول، فصرنا لانميز بين تصريحات اكبر مسؤول وتغريدات اصغر مشجع، جميعها بفكر واحد ومستوى واحد ونبرة اقل ما يقال عنها انها بلا مسؤولية، ان اتفقت وانساقت خلف ميول البعض باركها واعتبرها حرية رأي وان كانت ضد توجهاته وميوله اعتبرها خدشاً للذوق العام وكسرا للعادات والتقليد، واختراقاً لروح وسرية الاسرة الواحدة، هذا مع الاسف مستوى منافساتنا وواقع رياضتنا وفكر من يعمل فيها مسؤولاً ومشجعاً، بل ربما ان بعض المشجعين اكثر نضجاً ووعياً ممن يعملون في الاندية واللجان والاتحادات، هذه الفوضى من الطبيعي ان تحدث اذا كان المسؤول اما انه يقبل بهذا الشيء او ان ليس له حول ولاقوة في تعديل الوضع وردع المتجاوزين عبر الجهات المعنية بذلك، وبسبب هذا المستنقع والبيئة غير الصحية التي مع الاسف اوجدها المسؤول اياً كان مستواه ومكانته ومنصبه خرج الوضع عن مساره الطبيعي ووصل به الحال الى ما هو ابعد من الرياضة والاحتفال بفوز فريق والحزن على هزيمة الآخر، هناك من يتكفل بتسجيل الاغاني، وآخر يؤلف القصص، وثالث يرسل شماتته عبر وسائل الاتصال المختلفة، لاتشعر ان هناك رابطاً بين مختلف فئات الوسط الرياضي، اندية ومسؤولين وجماهير وإعلاماً، الكل يشعر ان الطرف الآخر هو عدوه اللدود (نفسي ثم نفسي.. وفريقي ثم فريقي) هو الهدف الرئيسي، حتى لو ادى الأمر الى اعدام الطرف المقابل بأي طريقة كانت، المهم ان يفوز الفريق المفضل بعيداً عن اي اعتبارات اخرى من الممكن ان تجر شباب الوطن الى ماهو ابعد من متابعة مباراة وتشجيع فريق ومساندة منتخب وبناء مستقبل رياضي مشرق. بالأمس تصدر النصر دوري (جميل) ثم خرجت اهزوجة "متصدر لاتكلمني" التي اطلقها احد العاشقين لارسنال الانجليزي قبل ان تنتقل الى الدوري السعودي، قبل ان تنتقل الصدارة للهلال ويقوم عشاقه بالدور ذاته، ليجري خلفهم مشجعو الاندية الاخرى بين مؤيد ومعارض وكاره ومحب بعبارات استفزازية عبر (تويتر) و(الواتس)، هذا غير المداخلات الفضائية والاستضافات في بعض البرامج الرياضية ومع الأسف ان بعضها يبث من خارج الوطن، لايهمها ان يعم التآلف وبين المجتمع الرياضي ام يستمر الانفلات؟ والكثير منها يتيح الفرصة للتشمت بنا خارج الوطن ويسيء للحمة الوطنية لأنها تعدت حدود الادب واللباقة واصبحت مملة وبعيدة عن الفكاهة، وانما سخرية يجب ان تتوقف وان يلتزم الجميع بالعقل والايمان بضرورة المنافسة الشريفة والتعليقات المثالية، فالأمر مع الأسف وصل الى مرحلة سلبية، وزاد الطين بلة انه تم اشراك مطربين شعبين من خارج الوطن يمارسون اساءات واسقاطات لايرضاها منطق ولاعقل ولامبدأ وبعضهم لاينطق العبارات العربية جيدا، جميع ابناء الوطن بمختلف انتماءاتهم بمافيهم من تطرق اليهم الفاشلون من المطربين هم في منزلة واحدة بالنسبة للوطن واهله الاوفياء، بل انهم أعز واثمن من مطرب اشبه ب(تليفون العملة) وكاتب تتبدل مواقفه بين يوم وآخر. كم نحن بحاجة الى حملة وطنية جادة وسريعة لتجاوز هذه الاساءات والاسفاف والاسقاطات والابقاء على المنافسة الشريفة داخل الملعب، وليس عبر المنابر الاخرى التي فرقت الاسرة والواحدة واوجدت بينها شبه عداء دائم، وهذا نتاج عجز الجهات المسؤولة لتأدية مهامها على اكمل وجه، وقد اصبنا بخيبة أمل، ونحن نرى رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم احمد عيد وكأنه يرفع راية الاستسلام امام تجاوزات بعض الشرفيين، ويحاول ان يضعها على طاولة غيره، على الرغم من انه المسؤول الاول والأخير عن الاتحاد السعودي والمنتخبات والاندية واللاعبين مهما كانت انتماءاتهم، هذه الخيبة نتمنى ان لاتطول وان يتبعها قرارات مبهجة لكل من يبحث عن ردع المتجاوزين الذين لاهم لهم الا الظهور عبر الإعلام وتفريغ شحنات التعصب لديهم ضد المنافسين والبحث عن الأضواء.