كرة القدم ومنافساتها ومتعتها وقيمتها الفنية والجماهيرية لم تعد تجري على المستطيل الأخضر في الملاعب السعودية، انما اصبحت الفرق واللاعبون والجماهير والاعلاميون والاداريون والشرفيون يتبارون خارج الملعب وكأنهم استحسنوا ذلك، هكذا يردد الكثير الذين اصيبوا بخيبة أمل كبيرة نتيجة الفوضى في الطرح والتعاطي مع الاحداث الرياضية التي تجري فقط لفترة قصيرة في الملعب ثم تنقل كل الوقت الى الفضاء واعمدة الصحف وبطرح لا ينم عن وعي ومسؤولية وادراك لعواقب الأمور، وخشية ان يصل الأمر الى ماهو ابعد من كرة قدم، هناك من عزا المشكلة الى تعصب الاعلام، وآخرون حملوها رؤساء الاندية بتصريحاتهم المسيئة، فئة ثالثة ترى ان غياب العدل وتفاوت القرارات اديا الى الفوضى العارمة من دون توفر اي حلول، او بارقة امل تضىء الطريق نحو تعديل ما يحدث. «دنيا الرياضة» طرحت اكثر من سؤال حول هذه القضية على اطراف عدة لمعرفة وجهة نظرهم ومحاولة تلمس العلاج، والتوجيه نحو رياضة ومنافسة خالية من الاساءات والتهور في القول وتوتير المجتمع، وترك الساحة الرياضية مجالا الى العداوات بسبب انتصار او خسارة في مباراة. في البداية يقول المعلق الرياضي السابق الشهير ونائب رئيس تحرير صحيفة اليوم محمد البكر: «هذا اتهام غير منطقي وليس في محله، إذ كيف يمكن كيل الاتهامات بشكل مباشر لكل من له علاقة باتحاد القدم، هذا لا يجوز وإن كانت هناك أخطاء، الحكم معرض للخطأ واللجان كذلك والكل يشتكي وهذا يعني أن الظلم إن وقع فهو على الأغلبية وليس على ناد بعينه ، وأنا وباعتباري منتسباً للإعلام منذ أكثر من 30 عاما يؤسفني أن اتهم وبشكل مباشر الإعلام الرياضي المقروء والمرئي، فهو يسير نحو منحدر خطير سيدمر رياضتنا وما هو أكثر من ذلك، شيء مؤلم أن تقرأ لكاتب أمضى عقدين في الكتابة الصحفية وهو يقول (لقد ظلمونا) وهو يتحدث عن ناد يعشقه هل هذا معقول !؟ واضاف: «من وجهة نظري فإن المسؤولية تقع على الإعلام الذي تخلى عن دوره الحيادي وأصبح يزايد على حب ناديه ليكسب المزيد من الشعبية بين مشجعي ناديه المفضل ورؤساء الأندية الذين يبحثون عن الشهرة على حساب رسالتهم الوطنية ولجان اتحاد القدم التي تتخبط في قراراتها ولا تستند على أدلة قاطعة ولا تستحق المراكز التي هي فيها ولجنة الحكام التي لم تنجح في اختيار الطواقم التحكيمية المناسبة لبعض المباريات ولم تتخذ القرارات المناسبة لإيقاف مسلسل الأخطاء». مدني: هناك من يستغل الرياضة لتفكيك لحمة المجتمع.. وإذا استمر الصمت سيكبر ويصبح ظاهرة ويؤكد عضو شرف نادي الاتحاد والمحلل الرياضي مدني رحيمي ان الاعلام حول المنافسة خارج الملعب من اجل التسويق والاستفادة من المتابعة الجماهيرية للمباريات والمنافسات، وقال: «الفضائيات بدأت في المتابعة، واذا حدث لغط وهرج يكون هناك متابعة اكثر عبر الاعلام الذي يحرك المنافسة، ويتحمل ذلك المسؤولون في الاعلام الذين يحركون السوق من اجل الفائدة والتسويق لبضاعتهم، ومن ناحية مضر فهو نعم مضر لأنك اججت الامور كثيرا وربما تخون العلم والقول على الرغم من انها مجرد رياضة، وهذا يعتبر شقاً بالثوب الرياضي السعودي واذا سكتنا سيكبر ويصبح مصيبة، فمؤسس هذا البلد الملك عبدالعزيز يرحمه الله تعب حتى اسس الوطن الكبير ولم الشمل، ثم تأتي الرياضة لتفكك البلد (اذن لا بارك الله بها)، الرياضة تقرب ولاتبعد، الرياضة محبة، وهناك من الشباب في مختلف الانتماءات من يسافرون مع بعضهم البعض، يذهبون سويا الى الملعب، فلا نؤثر على علاقتهم بعضاً ببعض بسبب الكرة والرياضة، لابد من استشعار المسؤولية وتقديم ما يجمع الناس، واعادة اللعبة الى مكانها، وما يهمني البلد ولايهمني فوز اي فريق، نحتاج الى مجتمع مثالي خصوصا اننا وجهة العالم الاسلامي، في اوروبا لامكان للعنصرية، حتى روسيا اصبح لديهم مشكلة بسبب هذه العنصرية». الانتماءات لا نحولها إلى تناحر واسترسل رحيمي قائلا: «اضرب لكم مثالاً، هناك رجل لايقرأ ولايكتب فيأخذ الصفحات الرياضية ويذهب بها الى البيت، فسئل كيف تأخذها وانت أمي فقال( اطلب من الابناء ان يقرأوا عليّ الاخبار) وهذا يعني ان هناك من يتأثر ويصدق، لذلك لابد ان يكون هناك مصداقية حتى يكون هناك ثقة، الانتماءات ليست عيبا، ولكن لا نحولها الى تناحر، احترمني احترمك، الفوز والخسارة دائما في كرة القدم، والرياضة تسلية ومبادئ اصبحت الآن احترافاً وعقوداً وتطويراً للاداء ولكن تفسد اخلاق مجتمع بسببها فهذا خطأ كبير، لاتدعوا المباريات وكأنها حرب ولاتعطوا الفرصة لمن يريد ان يفرق وحدتنا باستغلال الرياضة، اذكر ان اتوبيس الهلال اضرمت النار فيه عندما لعب مع الاتحاد في جدة قبل اعوام وبعد التحقيق اتضح ان الذين فعلوا ذلك غير سعوديين». ويلخص مدني العلاج بقوله: عندما يجتمع «اهل الرياضة» على مصلحة الوطن والرياضة قبل كل شيء وتبعد اللجان عن الاخطاء الكوراثية التي سببت احتقاناً في الوسط الرياضي بسبب قراراتها، اضرب مثالاً، لجنة الانضباط يفترض ان تستقيل بعد احداث لقاء الهلال والاتحاد وقبول استئناف الأول، كيف يتقدم الاتحاد بشكوى وترفضها ويقولون الشكوى غير مكتملة، طيب كيف نظرتِ فيها فيما بعد، اذن انتِ متناقضة ورئيسك غير صادق!! صدروا ثقافة الإساءات الى الخارج! ويؤكد عضو ادارة نادي النصر السابق والكاتب الرياضي عبدالعزيز الدغيثر ان المباريات فعلا اصبحت تلعب خارج المستطيل الاخضر وقال: «للأسف ان الذي يحدث خارج الملعب اكثر مما يحدث داخله، اساءات وتهم ودخول في الذمم ومحاولات للاصطياد في الماء العكر وعلى الرغم من وجودي في الرياض منذ 30 عاما لم اشاهد واسمع ما يحدث من فوضى من الطرح الاعلامي في جميع المنابر الاعلامية، وما يؤسف له ان هذه الثقافة اصبحت تصدر الى الخارج عبر الفضاء، وهناك من أخذ فكرة سيئة عن الاعلام الرياضي السعودي، وهناك من يقحمون انفسهم وهم بعيدون كل البعد عن المجال الرياضي بسب حرصهم على الظهور بعدما خفت بريق برامجهم الميتة». واضاف: «مايحزن ان هناك قامات رياضية ولاعبين مميزين اختاروا الوقت غير المناسب للخروج ونشر الغسيل والتطرق الى مواضيع وقامات رياضية كبيرة هم في غنى عن التطرق اليهم». دعوة للجهات الرقابية للتدخل وفي سؤال للدغيثر من اوجد هذه البيئة رد قائلا: «بعض الاعلاميين النشاز واصحاب المصالح الشخصية والمتعصبين من منسبي الاندية، وارى ان العلاج يكمن في التدخل من وزارة الثقافة والاعلام لردع المتجاوزين والمسئين للرياضة على اعتبار ان رعاية الشباب ليس لها سلطة ولا تملك الحق في ذلك، واتمنى ان يكون للجهات الرقابية في الدولة دور في ايقاف من يسيء للبلد وسمعته في الرياضة وغيرها، فجميع مايحدث في الوقت الراهن ينعكس على المجتمع السعودي بكامله، كما اتمنى ان يكون هناك علاج سريع لهذه الظاهرة حتى لا تؤثر على النشء وابناء الوطن الصغار، وهناك من يعكس صورة سيئة عن الرياضة السعودية والاعلام من خلال التصريحات والاطروحات المتعصبة، كذلك اللجان في الاتحاد السعودي لكرة القدم لها دور ولكن محدود، والدور الكبير على وزارة الاعلام ، لأن هناك من بدأ يسيئ لشباب الوطن، واتوقع استمرار هذه الفوضى ان لم يكن هناك قرارات رادعة، والخوف ان تتضاعف خطورتها في المستقبل». رياضتنا نحو الشاشة وأيد مهاجم المنتخب والشباب السابق فهد المهلل أن كرة القدم السعودية تحولت بشكل كامل من الملعب إلى الفضاء، وقال: «الدليل على ذلك أن الإعلاميين في الوقت الراهن أشهر من اللاعبين، واحمل القنوات الرياضية المتخصصة المسؤولية فكثرتها بالإضافة لساعات البث الطويلة والتي تمتد ل12 ساعة يومياً من المبثر المباشر، بالإضافة لوجود عدد من الإعلاميين الذين يجيدون ترتيب الجمل واختيار الكلمات المؤثرة في الشارع الرياضي، عوامل اجتمعت لتنجح في تحويل رياضتنا إلى الشاشة واللجان أكثر منها في الملعب، في فترة مضت وعلى الرغم من إجماع الوسط الرياضي على مواهبنا إلا أننا حتياطيون في المنتخب من دون أي إثارة إعلامية، عكس الوضع الحالي فالإعلام يثور ويقيم الدنيا من أجل ضم لاعب وإبعاد لاعب، وهذا أضر كثيراً بالكرة السعودية وجعل الشاشات موجهاً لرياضتنا، اللجان هي الاخرى أصبحت تتنافس في الظهور الإعلامي مما حول الإثارة بشكل كامل خارج المستطيل الأخضر». ووضع المهلل حلاً لهذه المعضلة بالقول: «متى ما استطاع المنتخب السعودي اقتناص ضعف منافسيه في البطولات الخليجية والإقليمية، وليس قوته فإن الكرة ستعود للملعب تدريجياً، الإنجازات المفقودة في الاعوام العشرة الماضية أتاحت للإعلام أن يتبنى الإثارة في الكرة السعودية، ولأن الإعلام تصدى لكل إخفاقات الكرة السعودية فاستحق أن يسحب البساط من الملعب، فهو من أشغل المتابعين وأوهمهم بقوة الدوري مقارنة بالدوريات العربية في حين كان المنتخب يخرج من البطولة تلو الأخرى ويتلقى النتائج الكارثية. البكر رحيمي المهلل الدغيثر