تعد بيئة الشاعر وثقافة المجتمع من حوله اكبر مؤثر على شاعريته وطريقة صياغة الجملة الشعرية لذا استخدم العديد من الشعراء ومنذ القدم المؤثرات الطبيعية ومحفزات البدع في مقدمة القصائد ومن أمثلة ذلك صوت الحمام الراعبي وحنين الخلوج وعواء الذيب كماعني الشعراء بمظاهر الطبيعة في أماكنهم ووصفوها فأحسنوا الوصف، وصوروها فأبدعوا التصوير، وبثوها آلامهم وأشجانهم ووصفوا الأرض وما عليها من: أنهار ووديان وجبال وأشجار وأزهار وثمار فالطبيعة هي المعنى التي تتفجر منه شاعرية الشاعر، وفي أرجائها يطوّف خياله، وهي في مخيلته كائن حيّ يتفاعل معها ويخاطبها بحديث له شجون وبصحبتها تطيب الساعات، وبأفيائها تحلو رقائق العيش وعلى اغصانها غرد الحمام وايقظ جروحه يقول الشاعر ابن عبد ربه: وإن ارتياحي من بكاء حمامة كذي شجن دويته بشجون كأن حمام الأيك حين تجاوبت حزين بكى من رحمة لحزين لقد تناغم احساس الشاعر مع الصوت الحزين والذي يعني له الوجد والفراق ووصف هذا التأثير في قصيدة الوجد وايقاظ الجروح يقول الشاعر عبدالله بن عون: عسيب عليه الراعبية تجر الصوت تهزه ليا منه ركد بالتفاتتها تجر الونين لحالها والحمام سكوت ليا سمعها راع الولع ون ونتها ولم يقف هذا التناغم بين الشاعر وبين عناصر المكان من حوله بل وجد في الرجم ومرتفع الارض مسرحاً لصياغة القصيدة بأسلوب أقرب للواقعية كون المكان المطل ينبش الذكرى ويلهبها الشفق عندما تغوص شمس الغروب فيه يقول الشاعر سويلم العلي: عدّيت لولاحٍ رفيع الحجايا في رأس ملموم القرى قمت أحني كنّي خلوجٍ يوم صفق الرعايا تحن بالمفلا لما روحني