كم من شخص نفدت منه أنبوبة غاز أفسدت عليه طعامه الذي لم يكتمل طهوه، وأذهبت عليه فرصة الاستفادة منه، وجعلت مآل هذا الطعام ومستودعه إلى مكب النفايات بسبب عدم وجود ما يحتاط به كأنبوبة أخرى يستعيض بها عن تلك التي نفدت. وكم من شخص انقطعت عنه الكهرباء، وأصبح حبيس ظلام دامس، ورهين أجواء ملتهبة بسبب عدم وجود مولد عنده يستجير به عند وقوع مثل تلك الأحداث غير المرغوبة. وكم من شخص فرغ عليه خزان الوقود في سيارته في مكان لا يحسده عليه أحد، فعز عليه ايجاد الوقود، مع توفر المال والنقود، فهو يجر عليه تبعات هو في غنى عنها، وعواقب يتمنى أن يكون في فكاك منها، يتذكر ويتحسر ويتمنى أن لديه جالون بنزين ينقذه من هذا الموقف.. ينبغي علينا أن نوعي أنفسنا، وننمي فيها هذه الثقافة (الاحتياط) التي تسهم في تجنب الكثير من المشاكل التي من الممكن أن تعترض المرء في شؤون حياته اليومية، وأن لا يقتصر على أشياء لا يستبعد أن يفقد الاستفادة منها مستقبلاً، ولا يتكهن بما تصبح عليه لاحقاً، فالمسلم كيس فطن، يدرك المتغيرات، ويتأهب للغيبيات. الحيطة والحذر مفهوم يغيب عن أذهان كثير من الناس، فالعاقل المفكر لا يعيش وقته فحسب، فكلما ضاق فكر الإنسان، وأضحى محدود الأفق، ولم يعش إلا لحظاته، وتناسى ما يتكهن بحصول ما يعرض له في المستقبل القريب، وغاب عن عقله ما قد يتنبأ بحدوثه في الأيام المقبلة، فإنه حتماً سيعرض نفسه لمتاهات لا مناص منها، وسيرى العقد والعراقيل التي تأزم طريق حياته.