لا يبدو أن لبنان سيخرج بعد عطلة عيد الأضحى من «الثلاجة» السياسية الموضوع فيها لكنّه مرشّح للدخول في نفق أمني مظلم من جديد وهذه المرّة تبدو عاصمة الشمال طرابلس هي «الردّة الارتدادية» المقبلة للمعارك السورية التي تقترب رويدا رويدا من منطقة القلمون المحاذية للحدود اللبنانية بين النظام السوري والمعارضة ما يعني امتداد النيران عمليا الى الحدود اللبنانية الشرقية مع سورية. فالجوّ المذهبي المشحون في المدينة بين محوري باب التبانة (ذي الغالبية السنية) وجبل محسن (ذي الغالبية العلويّة) يشي بجولة عنف جديدة تحمل الرقم 17 بين الطرفين يتخوّف الطرابلسيون من أن تكون الأعنف، وذلك على خلفيّة توقيف المدعو يوسف دياب من جبل محسن من قبل شعبة المعلومات وهو المشتبه فيه بالتفجيرين الإرهابيين اللذين استهدفا مسجدي «التقوى» و»السلام» في 23 أغسطس الفائت، بالإضافة الى مشتبه بهم آخرين منهم من لا يزال متوارياً أبرزهم: حسن جعفر وأنس حمزة وأحمد مرعي وحيّان رمضان والأخير رجل دين يقيم في سورية. هذا التفجير الأمني العتيد جمّد الخطّة الأمنية لطرابلس والتي كانت تدرس على نار هادئة، وانعكس توترا في العلاقات الاجتماعية في النسيج الطرابلسي بحيث يروى بأنّ أهالي «جبل محسن» باتوا يقنّنون تحرّكاتهم في مدينة طرابلس خوفا من أعمال انتقاميّة ضدّهم بسبب التحريض المذهبي المتفاقم. حتى الآن لم تلق دعوات نواب طرابلس «بعدم الانجرار وراء الفتنة نتيجة الاستفزاز بالنار والقنص الذي مارسته المجموعات المسلّحة في جبل محسن، وترك أمر معالجة الخلل الأمني للجيش وللقوى الأمنية» آذانا صاغية. بموازاة الهمّ الطرابلسي الأمني المتصاعد، لا تزال الجهات الأمنية مشغولة بمتابعة سلسلة التفجيرات المستمرة وخصوصا بعد ضبط سيّارة المعمورة في ضاحية بيروت الجنوبيّة وهي منطقة كثيفة سكنيا عشية عيد الأضحى ما يطرح تساؤلات عن فاعليّة الخطّة الأمنية التي بدأت منذ أسبوعين في الضاحية الجنوبيّة لبيروت. في هذا الوقت يستمر الجمود على المستوى الحكومي وسط «وعيد» من الرئيس المكلّف تمام سلام ب»كلام آخر» بعد انتهاء عطلة الأعياد. وتتمسك قوى 8 آذار بصيغة ال9\9\6 التي فاجأ النائب وليد جنبلاط بتبنيها أخيرا، وهي صيغة تعطي حقّ التعطيل الحكومي للفريقين الأساسيين في البلد أي قوى 8 و14 آذار، علما بأن «الفريق الآذاري لا يريد الثلث المعطّل ولا يرغب بإعطائه أيضا لقوى 8 آذار» كما قال مصدر سياسي مطلع قريب من هذا الفريق ل»الرياض». وفيما يتمسك فريق 8 آذار بهذه الصيغة وبالمداورة في الحقائب بالإضافة الى تضمين البيان الوزاري ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة»، تتشبث قوى 14 آذار بصيغة الثلاث ثمانيات، في حين قال المصدر السياسي المطلع بأن « لبنان سيبقى في «الستاتيكو» القائم الى حين انبلاج تفاصيل إضافية عن التقارب الأميركي الإيراني ومدى جديته أو عدمها». وأمس قال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فيّاض إن «المسار الذي سيأخذه تشكيل الحكومة، مهما كابر البعض في الداخل والخارج، لا يمكن أن يتجاوز المقاومة لأنّ هؤلاء يستطيعون تأجيل الحكومة لكن لا يستطيعون تجاوز المقاومة وسيعودون في النهاية الى مواجهة الحقائق كما هي بعد أن يكونوا قد ضيّعوا وقت اللبنانيين سدى».