من منّا لا يترك أثراً يُؤثر على البيئة..؟؟ قليل ممن لديهم وعي بيئي لا يتركون آثاراً بعد زياراتهم للحدائق أو جلوسهم على الشواطئ أو نزهاتهم في الصحاري والجبال، بل يوجد لدينا أُناس في كبريات المدن وصغار البلدات والقرى من يُلقي نفايات منزله بجانب حاويات القمامة تماماً مع أن البراميل فارغة، ولكنه العجز واللامبالاة والجهل المُركّب في الأدمغة، فأما العجز فيتمثل في إلقاء مسؤولية رمي أرطال من قمامة المنزل على الخادمة تلك القادمة من بلدان سرق الفقر من أهلها كل شيء فلا يوجد لديهم مخلّفات كما لدينا، لهذا فالعاملات المنتميات لتلك البقاع يستغربن هذا الإهدار في رمي النعمة فيستكثرن وضعها في (البراميل) لمعرفتهن إلى أين ستؤول إليه، فهي قطعاً لن تملأ البطون الخاوية ولن تكسو الأجساد العارية..!! وأما الجهل المُركّب فهو يرتع في أدمغة البعض حين يعتقدون أن البلدية لا تقوم بواجبها في جمع النفايات، لهذا فهم يعاقبونها في ترك القمامة شذراً مذراً تستهوي شهية القطط وتستدعي كل شارد من الحشرات والقوارض لترتد عليهم الهجمة فيصبحون ضحايا لأمراض قد تسببوا أنفسهم فيها..!! لي قريب لا يكتفي بأن لا «يترك أثراً» بعد تنزهه في الصحراء بل يبدأ رحلته بجمع المخلفات التي قد تركها أعداء البيئة فيقوم ومعه أولاده بتنظيف ما يستطيع من مساحات ملوثة فيجمع مخلفات كل تشكيلات البلاستيك والعلب المعدنية والأوراق والأخشاب وغيرها ويضعها في أكياس خاصة بالنفايات ليأخذها معه في رحلة العودة فيلقيها في حاويات القمامة الفارغة (وما أكثرها قرب المتنزهات)، وهو بهذا يستحق أن يُطلق عليه المواطن البيئي ويستاهل الإشادة به في كل مناسبة لعلنا بذلك نجعله مثالاً للمحاكاة، وأصدقكم القول بأني لم أسأله يوماً إن كان قد وجد في حملاته التطهيرية للصحاري عن ما يدل على أفعال للسحر أو الشعوذة..؟؟ لأنه لم يخطر في بالي أبداً ولا أعتقد أن الأمر قد خطر في باله أيضاً فهو يقوم بعمل جليل متحضّر ليس له علاقة بالشعوذة ولا بصدأ العقول، إنما الذي أثار قضية السحر هذه هو قراءتي لخبر صحيفة الحياة عن إبطال (18) عمل سحر وشعوذة استخرجها الغواصون من قاع البحر ضمن حملة «لا تترك أثراً» التي نظمتها الهيئة العليا للسياحة بتضامن بين بعض الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص على كورنيش مدينة جدة لتطهير مياه الشواطئ..!! يُشير الخبر إلى أن أعضاء لجنة إبطال تلك الأعمال قد عرضوا عدداً من القناني والأوعية التي وضعت فيها بعض الطلاسم والكتابات السحرية تلك التي تستقصد التفريق بين الأسر وهي من النوع الخطير الذي يحوي أمواساً ودبابيس وأقفالا..!! أرأيتم كيف كشفت حملة تنظيف الشواطئ ما كان مستوراً ومسكوتاً عنه، وهذه لعُمري إحدى الثمار غير المتوقعة للحملة التي وصفها الأمير سلطان بن سلمان أمين عام الهيئة العليا للسياحة في حديثه لقناة العربية بأنها حملة ل (تنظيف العقول) فالعقل النظيف أكيد لن يستسلم لحكاوي الشعوذة ولا مكان فيه للخرافات ولا حجرات يرتع فيها الجهل..! كأني فهمت من حكاية الطلاسم والكتابات السحرية المزعومة أن علينا تنظيف عقولنا أولاً من الخرافات ثم لننظف حياتنا بعد ذلك من بقية الأوحال، وهذا يتطلب أُناسا تخلو حياتهم من العُقد. والصحراء بطبيعتها غير الرخوة كفيلة بحل كل عُقدة..!