المملكة العربية السعودية واحدة من عشرين دولة اجتمعت في لندن بعد نهاية الحرب العالمية الثانية للتتفق على إيجاد منظمة تسعى إلى نشر السلام في العالم، واتخذت هذه المنظمة لنفسها شعار: (لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تبنى حصون السلام) هذه المنظمة هي: منظمة الاممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، ومنذ ذلك الحين ساهمت المملكة في نشأت هذه المنظمة من خلال المندوبية الدائمة التي بدأت في عام 1964م وبقيت المندوبية تقوم بدورها خلال السنوات الماضية تعقب خلالها على مسؤوليتها ستة مندوبين، أولهم معالي الدكتور حمد بن عبدالله الخويطر وتمثل الدور الرئيس للمندوبية الدائمة في القيام بمهام حلقة الوصل بين منظمة اليونسكو، واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، والوزارات والمؤسسات الوطنية ذات الصلة باختصاصات المنظمة، كما تقوم بتمثيل المملكة في مؤتمرات واجتماعات المنظمة المختلفة. كان للمملكة خلال هذه المدة اسهام كبير في ميزانية المنظمة وخصوصا ما مرت به المنظمة في عام 1984م عندما انسحبت الولاياتالمتحدةالامريكية من عضوية المنظمة في عهد احمد مختار امبو الذي كان اول مسلم يتولى زمام إدارة المنظمة، وكان من أول اسهامات المملكة دعمها لبرامج المنظمة الخاصة بفلسطين والتي تعنى بالتعليم في الاراضي المحتلة. في عام 2006م بدأت المندوبية الدائمة مرحلة جديدة، اثمرت عن توسع في نشاط المندوبية وبالتالي مزيد من التعاون مع المنظمة تمثل في البداية في تأسيس برنامج الأمير سلطان بن عبدالعزيز يرحمه الله لدعم اللغة العربية، والذي ساهم في الحفاظ على اللغة العربية في اليونسكو واستخدامها في الاجتماعات المختلفة ودعم محتوى الانترنت في موقع المنظمة، توالت انشطة المندوبية مع المنظمة من برامج ومشاريع ومنها: تأسيس اول كرسي بحثي سعودي في اليونسكو في عام 2007م بالتعاون مع جامعة الملك سعود للعلوم الصحية، وفي نفس السنة فازت المملكة بعضوية المجلس التنفيذي لتزيد من حضورها الدولي في المنظمة، كما اعيد انتخابها مرة اخرى في 2011م. في 2008م سجلت المملكة اول موقع تراثي على قائمة اليونسكو وهو موقع الحجر مدائن صالح، وتلاه موقع حي الطريف في الدرعية التاريخية (2010م) وقريبا جدة القديمة (2014م)، ومواقع اخرى. وقع سمو الأمير فيصل بن عبدالله وزير التربية والتعليم اتفاقية لتأسيس برنامج (عبدالله بن عبدالعزيز العالمي لثقافة الحوار والسلام) في اليونسكو مع المديرة العامة للمنظمة السيدة إيرينا بوكوفا 2010م. تعددت أنشطة المندوبية الدائمة لدى اليونسكو خلال السنوات القليلة الماضية: من إقامة معارض وندوات، ومن هذه المعارض: معرض مدائن صالح، ومعرض صوت الصمت، ومعرض عشرون نافذة، ومن الندوات: ندوة الترجمة.. وسيلة تعارف، ندوة: دور مؤسسات المجتمع المدني في التقارب بين الثقافات، ندوة الترجمة ودورها في تعزيز التقارب بين الثقافات. في 2010م أقيم حفل توزيع جائزة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة في مقر اليونسكو الرئيس في باريس. أول امسية شعرية سعودية في اليونسكو اقامتها المندوبية للشاعر غازي القصيبي رحمه الله، والتي شهدت حضورا كبيرا من العرب والفرنسيين. في عام 2011م صوتت المنظمة على عضوية فلسطين كدولة عضو في اليونسكو، وكان للمندوبية دور كبير في حشد الدعم والتأييد لعضوية دولة فلسطين، بل إن كلمة المندوب الدائم للمملكة بعد التصويت كان لها صدى واسع لدى الدول الاعضاء وفي الاعلام الحاضر بكثافة لتلك الجلسة. نظمت المندوبية بالتعاون مع وزارة الثقافة والاعلام الايام السعودية في اليونسكو والتي افتتحت بحضور وزير الثقافة والاعلام وتعرف اعضاء المنظمة والحضور الفرنسي على الثقافة والفنون في المملكة العربية السعودية من خلال المعارض المختلفة التي اقيمت والفنون الشعبية التي عرضت على مسرح المنظمة. توسع مكتب المندوبية ليضم ممثلا لوزارة الثقافة والاعلام، وممثلا لوزارة التربية والتعليم وممثلا لوزارة التعليم العالي وكان من شأن هذا التوسع ان زاد من فاعلية ونشاط المملكة في المنظمة الدولية وعزز حضورها في اجتماعات وللقاءات اليونسكو المختلفة. منظمة اليونسكو تتكون من اربع هيئات المؤتمر العام، المجلس التنفيذي، الأمانة، المدير العام، المؤتمر العام ويتكون من جميع الدول الاعضاء في المنظمة 195 دولة، المجلس التنفيذي لليونسكو يتكون من 58 عضو من اعضاء المنظمة والدخول للمجلس من خلال الانتخاب المجلس التنفيذي اهم هيئة في المنظمة فيه تصنع السياسية التي من خلالها تعمل المنظمة الدولية، والقرارات المهمة التي تخرج عن المنظمة تبدأ في هذا المجلس. وفي 2012م انتخبت المملكة لعضوية المجلس التنفيذي للمرة الثانية على التوالي وكذلك لمنصب نائب رئيس المجلس التنفيذي عن المجموعة العربية، وكانت المملكة دخلت المجلس أربع مرات منذ انضمامها للمنظمة. رئاسة المجلس التنفيذي تكون في إحدى المجموعات الانتخابية في المنظمة وفي هذه السنة ستكون الرئاسة من نصيب المجموعة العربية، "وهو اتفاق بالرأي بين المجموعات الانتخابية". والمملكة هي مؤهلة لهذا الدور، لما تحظى به من مكانة وفاعلية في المنظمة، ولعلنا نحظى بها فهذا الوقت المناسب ولدينا الرجل المناسب، فمن خلال ست سنوات من الخبره في دهاليز المنظمة والعلاقات الوطيدة مع مكوناتها، سيكون د. زياد الدريس مثلا للمثقف والدبلوماسي السعودي الذي مثل بلاده من خلال عمله الذي أتقنه وأصبح قدوة للكثير من الزملاء العاملين في بيت الثقافة العالمي اليونسكو. *المستشار الثقافي للمندوب الدئم للمملكة لدى اليونسكو