أسمع من شباب في بداية حياتهم العملية يعملون في مؤسسات كبيرة حكومية وخاصة عن مواقف يواجهونها تعكس الأسلوب غير المهني الذي يتعامل به بعض المديرين والمسؤولين السعوديين مع موظفيهم، مدير يتحدث مع مرؤوسه عن مدير قسم آخر بصورة غير لائقة، أو ينتقد عمل الموظف بأسلوب ساخر، وآخر يفشي بعض أسرار العمل، أو يعطي تفاصيل عن حياته الشخصية، أو يغرق موظفيه بالطلبات المستعجلة، مسؤول متعجرف دأب على المماطلة في الرد على طلبات موظف إجازات يستحقها من زمن طويل، وكان يبلغه رفضه متأخرا متعللا بحاجة العمل مستغلا تسامح الموظف وحبه للعمل دون أي اعتبار لظروفه الخاصة، والغريب أن هذا المسؤول نفسه كان يتشدق في اللقاءات التي تعقد وأمام الملأ بأهمية العلاقات الإنسانية وضرورة تهيئة البيئة المحفزة ودعم فرق العمل! شيء مؤسف عندما يضطر الموظف الغض أن يتعامل مع مدير يتصرف بشكل سيئ وهو مايزال لا يملك الخبرة والشجاعة التي تمكنه من التعاطي مع سلوك رئيسه. هذه النوعية من المديرين بتجاوزهم الخطوط المهنية في العمل ليسوا قدوة للشباب الجديد، مع أن منهم من تلقى تعليمه العالي في الخارج، ولكن من الواضح أنه لاتجري عملية تقييم وفحص لأدائهم فهم يتصرفون وكأنهم محصنون من النقد، رغم أن الرقابة على الأداء يجب أن تستمر مهما علت المناصب، كيف لا وهؤلاء المديرون هم الذين يشكلون ثقافة وقيم المؤسسات التي يديرونها؟ من المؤكد أن شركات ومؤسسات تفشل بسبب سوء إدارتها وضعف الاتصال بين الرؤساء والموظفين الأمر الذي يؤدي إلى عدم أخذ الموظفين العمل بجدية، وقد ثبت أن مهارة الاتصال تسير يدا بيد مع القدرة على القيادة. هذا الأسلوب في الإدارة ينسحب على بعض القطاعات التي تديرها نساء، وقد لاحظت كيف تدنى الأداء وبرزت مشكلات في العمل نتيجة تغير الإدارة ومجيء مسؤولة ضعيفة، ولطالما لمست التأثير السيئ للمديرة التي لاتمتلك القدرات والمهارات المطلوبة، حيث يبدأ التسيب، ويبرز التقصير والتهرب من المسؤوليات، وتنعدم العدالة، فيتقدم من لايستحق ويتأخر من يستحق، لأن المديرة الضعيفة تتهرب من مواجهة الأخطاء وتتحاشى الموظفات المثيرات للمشاكل بل تجاملهن أحيانا لتأمن شرهن، وتتلقف أي فكرة أو مقترح دون تمحيص لأنها لا تستطيع التمييز بين المناسب وغير المناسب، فتكثرالاجتهادات المخلة، ويشيع النفاق والمجاملات، ويفسد جو العمل. هناك نمط آخر من الإدارات يمكن أن توصف بالباهتة، فلا لون ولا طعم لها ولا تأثير، والمشكلة عندما تكون هذه الإدارة تشرف على مؤسسات أكاديمية كبيرة، وكنت أستغرب من صعوبة تذكر أو عدم معرفة طالبات بأسماء من يرأس تلك الإدارات، ولكن يبدو أن السبب هو ضعف تأثير هؤلاء المديرات على حياة الطالبات ومستقبلهن! قصص الفشل في الإدارة لا تعني أنه لا توجد نماذج إدارية ناجحة ومؤثرة بين النساء والرجال ولكنها محدودة، ويبقى واقع الحال يقول إن هناك أزمة إدارية على كل المستويات تحتاج إلى معالجة شاملة.. قد يتساءل البعض كيف وصل هؤلاء الإداريون والإداريات إلى سدة الإدارة؟ أقول الواسطة أو الأقدمية أوفقر الميدان!