قد تُدخل بعض الفتيات المتزوجات أنفسهن في مقارنة دائمة مع شقيقاتهنَّ المتزوجات، مِمَّا يُحدث الغيرة التي تتملك قلبهنَّ وتجعلهنَّ يعشن صراع الند مع أخواتهنَّ اللاتي تربين معهن في بيت واحد، حيث تحدث هذه المقارنة عندما تتبع الأخت شقيقتها في طريقة حياتها مع زوجها في البيت الذي تسكنه، سواءً على صعيد المستوى المعيشي الذي قدمه زوجها لها، أو غير ذلك من الأمور الحياتيَّة الأخرى، بل إنَّ ذلك قد يصل إلى حد عقد المقارنة بين الأبناء، فتبدأ حينها في ملاحظة مايقدمه زوجها لأبنائها وما يقدمه زوج شقيقتها لأبنائه، وقد تشعر بالغيرة والشعور بالنقص حينما تجد أنَّ أبناء أُختها ينعمون بالعيش في مستوى معيشي أفضل من المستوى الذي يكون عليه أبناؤها، وعندها تشتعل الغيرة بداخلها الأمر الذي قد يجعلها تشعر بتحوّل مالديها من غيرة وترقُّب إلى تحامل على أُختها وعدم قبول لها، وربما حاولت الإساءة لها في تصرفاتها وطريقة انتقادها، وهذه الغيرة -دون شك- هي ما تُحدث كثيراً من النتوءات على جبين العلاقة الأخوية بين الأختين. «غيرة الأخوات» قد تنتهي إلى الحسد.. والفراق ومع أنَّ هذا النوع من الغيرة قد يكون مُنتشراً بين الأخوات إلاَّ أنَّه من الممكن أن يظهر أيضاً على الأخوة الذكور تجاه بعضهم البعض، وكثيراً ما أدَّت هذه الغيرة إلى تصدّع جدار العلاقات الإنسانيَّة بين العديد من أفراد المجتمع بشكلٍ عام والأخوة والأخوات بشكلٍ خاض، وهنا نتساءل عن أسباب ظهور هذه الغيرة بين الأخوات المتزوجات؟، وهل يعود ذلك إلى وجود هذه الرابطة الأخوية التي تجعل كل طرف أكثر قُرباً من الطرف الآخر، وبالتالي فإنَّه يكون حينها على بعد خطوات قليلة من ملاحظة شيء من تفاصيل حياته؟ أم أنَّ هذه الغيرة غيرة طبيعية بُنيت أُولى لبناتها بين الأخوة والأخوات منذ سنّ الطفولة المبكرة؟. تراكمات نفسيَّة وقالت "لمياء حسن" -معلمة-: "أصبحت الغيرة في الوقت الراهن تحكم علاقات العديد من الناس، فهناك غيرة من أدق التفاصيل في حياتنا قد نفعلها دون أن نشعر بأن هناك من يراقبنا ويشعر بالتحامل علينا بسببها، فهذا الوقت وقت الغيرة غير المبررة التي تأتي من الحقد والشعور بالنقص ونتاجاً لضعف الوازع الديني في كثيرٍ من الأحيان"، مُضيفةً أنَّ الغيرة بين الأخوات تُعدُّ إحدى الصور السلبية التي قد تخدش الصورة الجميلة لمعنى الأخوة الصادقة. زوجة الرجل الغني تثير أخواتها بالحديث عن الماديات والدلال الزائد وأضافت أنَّ غيرة الأخت من شقيقتها قد تعود إلى شعورها أنَّها في وضع اجتماعي أو معيشي أفضل منها، مُشيرةً إلى عدم وجود أسباب واضحة للغيرة في كثير من الأحيان، لافتةً إلى أنَّها قد تنشأ نتيجة تراكمات نفسية موجودة داخل الأخت تجاه أختها منذ الصغر، وبالتالي فإنَّها تشعر بالغيرة منها حتى حينما تملك المميزات الحياتية التي لاتمتلكها شقيقتها في حياتها الزوجية. وأشارت إلى أنَّ للوعي والقناعة دوراً كبيراً في التحكم بمشاعر الأخوات المتزوجات، مُشيرةً إلى أنَّ هناك من الأخوات من تسعى دوماً إلى ذكر وإبراز مميزات الزوج؛ لتبين للآخرين حينها أنَّها تنعم في كنفه بالسعادة والراحة، حتى إن كانت الحقيقة مختلفة عن ذلك، لافتةً إلى أنَّ من يحرك خيوط الغيرة لا يستطيع أن يتفادى نيرانها حينما تشتعل في النفوس، ولذلك فإن الأخت الحكيمة هي التي تبتعد عن الحديث عن أدق تفاصيل حياتها أمام شقيقاتها، وخاصَّةً أمام من تعلم أنَّها تعيش في مستوى معيشي أقلَّ من المستوى الذي تعيش فيه، كما أنَّه ينبغي على الوالدين، خاصةً الأمهات عدم التفريق في المعاملة بين بناتهن، إلى جانب عدم الاحتفاء بواحدة منهن عند تحقيق زوجها أو أحد أبنائها إنجازاً شخصياً لم يسبقه احد إليه من بقيَّة أفراد الأسرة، مُشدِّدةً على ضرورة أن يكون هناك عدل وعدم تمييز بين الأخوات حال زيارتهنَّ لبيت العائلة؛ وذلك لضمان عدم وجود غيرة في النفوس تؤدي إلى توتر العلاقات الأخويَّة بين الأخوات، الأمر الذي قد تنعكس آثاره بشكلٍ سلبي على علاقة أبناء وبنات الأخوات مُستقبلاً. استعراض المميزات الفقر لا يدوس على المشاعر إلاّ حين يكون القلب كاذباً وطامعاً في المال وقالت "سراب محمد" -موظفة- إنَّ الغيرة تتولَّد بين الأخوات حينما تحاول إحداهنَّ أن تُبيِّن لأخواتها أنَّها الأفضل دائماً، مُضيفةً أنَّ الغيرة تأتي من استعراض المميزات، كما أنَّ تدخل أطراف أُخرى قد يُسهم في إشعال فتيلها، مشيرةً إلى أنَّها شعرت بهذه الغيرة نحو شقيقتها المتزوجة التي تصغرها بعامين، لافتةً إلى أنَّه على الرغم من أنَّ شقيقتها تتعامل معها بشكلٍ راقٍ ومميز إلاَّ أنَّ ذلك لم يمنعها من أن تشعر بالغيرة منها؛ لكونها دائماً ما تكون محط أنظار جميع أفراد الأسرة، إذ كثيراً ما يُثنون عليها ويُشيدون بمواقفها معهم، مُضيفةً أنَّ والدتها تتعاطى مع تأخرها عن الزيارة الأسبوعية لبيت العائلة بشكلٍ مُميَّز ومختلف عن أخواتها الأُخريات، حيث إنَّها تتصل بها وتسأل عنها وعن زوجها وأبنائها باهتمام وقلق بالغين، إلى جانب تقبُّلها لأن تترك أطفالها لديها وتذهب لتقضي حوائجها في الوقت الذي تبدي فيه تذمرها من ترك أحفادها الآخرين لديها. وأضافت أنَّ اهتمام والدتها بشقيقتها تلك انعكس على صعيد الاهتمام بزوجها وأبنائها، إلى جانب ثنائها الدائم على زوجها وقربها منه، لدرجة أنَّ إخوتها الذكور لاحظوا هذا الأمر، وهو ما انعكس بشكلٍ سلبيٍّ عليهم. تبرير الفشل وأوضح "د. عيد بن شريدة العنزي" -أستاذ الخدمة الاجتماعية المساعد، ووكيل كلية إدارة الأعمال بحوطة بني تميم- أنَّ الغيرة تُعدُّ إحدى الغرائز الفطريَّة لدى جميع البشر، مُضيفاً أنَّها ليست سلبيَّةً على الدوام، إذ إنَّ هناك غيرة إيجابية أيضاً، مُشيراً إلى أنَّ الغيرة التي تشعر بها الفتاة من شقيقتها المتزوجة تأتي من شعورها أنَّ شقيقتها تمتلك جوانب لاتمتلكها هي، وبالتالي فإنَّه يجب أن تدفعها هذه المشاعر إلى تطوير نفسها وإحداث الفرق في حياتها، بيد أنَّ ما قد يحدث أحياناً انعكاس هذه الغيرة بشكل سلبي، فالأشخاص الذين يغارون من الآخرين لايحاولون أن يصلوا إلى تميزهم وإنَّما يحاولون أن يصفونهم بالفشل، فتظهر ردة الفعل بشكل عدواني سواءً كانت ردة الفعل لفظيَّةً أو عن طريق الأفعال، فتحاول الفتاة المتزوجة أن تُظهر أنَّ شقيقتها التي تغار منها فاشلة، لافتاً إلى أنَّ هذه سلبية كبيرة موجودة حتى على مستوى الزملاء في العمل، فالموظف الفاشل يحاول أن يحارب الموظف الناجح ليس لأنَّه يرغب أن يكون أفضل منه، بل لأنَّه يحاول أن يُخفي فشله عن الآخرين. وقال إنَّ العديد من أفراد المجتمع يحاولون دائماً تبرير فشلهم بأيَّة صورةٍ كانت، فالأخت التي تغار من شقيقتها تحاول أن تبرر جوانب الفشل في حياتها بالتقليل من شأن الآخرين فتسقط أخطاءها على شقيقتها كنوع من الدفاع عن النفس، مُوضحاً أنَّ تعاطي الأسرة قد يؤثر على إشعال الغيرة بين الأخوات المتزوجات، إذ إنَّ إبراز مميزات زوج إحداهنَّ قد يثير الغيرة لدى الأخت الأخرى فتشعر بالتحامل عليها؛ لأنَّ الأسرة تمجد زوجها في الوقت الذي لا تمنح تلك المميزات لزوجها، مُشيراً إلى أنَّ العوامل الاجتماعية والمحيطة هي المثيرة، فالأسرة قد توجد المشكلة أو تسهم في تفاقمها في نفس الابنة فتظهر على السطح على شكل غيرة لديها، لافتاً إلى أنَّ العوامل الاجتماعية هي عوامل مساعدة لإبرازها بشكل ظاهر. وأضاف أنَّ العلاج يكمن في التوعية، مُوضحاً أنَّ توعية الفتاة والأسرة له دور كبير في تعديل العديد من السلوكيات السلبيَّة، مُشيراً إلى أنَّ على الشخص الذي يجد أنَّه لايملك مايملكه الآخرون ألاَّ يشعر بالغيرة والحسد، بل يجب عليه أن يفكر في تطوير نفسه بدل أن ينشغل بغيرته، لافتاً إلى أنَّ على الأخت التي تغار من شقيقتها أن تعلم أنَّ لدى شقيقتها العديد من المميزات في حياتها، وفي الوقت نفسه فإنَّها قد تمتلك مميزات في حياتها لاتملكها شقيقتها، مُبيِّناً أنَّ المشكلة هنا هي في الاندفاع العاطفي وعدم وجود القناعة والالتزام الديني والأخلاقي، مُشدِّداً على أهميَّة ألاَّ يتدخل الفرد في حياة الآخرين وأن يلحظ المميزات التي في حياته ويستثمرها، مُستشهداً في هذا الشأن بمقولة "ليس بالضرورة أن نملك أشياء جميلة كي نكون سعداء، ولكن من الضروري أن نكون سعداء لنرى كل شيء من حولنا جميلاً"، ناصحاً أن نغيِّر نظرتنا للأشياء من حولنا، وأن نحمد الله على ماوهبنا من نعم كثيرة في حياتنا، وأن تكون هذه النظرة شاملة، مع عدم التركيز على جانب واحدٍ دون الجوانب الأخرى.