برغم ما يتردد إعلاميا بأن حركة النهضة قد أعربت عن قبولها خارطة الطريق التي طرحتها المنظمات الراعية للحوار الوطني وموافقتها على الخارطة دون شروط بما يعد تراجعا عن مواقفها المعلنة سابقا فإن جل الأطراف السياسية اتفقت على أن التسريبات الإعلامية حول إعلان بعض قيادات حركة النهضة على القبول بخارطة طريق الرباعية الراعية للحوار و "الدخول فورا في الحوار الوطني داعية كل الأطراف إلى تجاوز خلافاتها بالحوار وإلى البحث عن توافقات تجنب البلاد مخاطر العنف وتضعها على طريق استكمال المسار الانتقالي". هو مراوغة جديدة من النهضة الغاية منها المزيد من كسب الوقت لتجذير تواجدها وترسيخ قدمها في مفاصل الدولة لغايات انتخابية لذلك قررت معظم الأطراف السياسية ومنظمات المجتمع المدني الاصطفاف خلف الاتحاد العام التونسي للشغل والمنظمات الراعية للحوار من أجل الضغط على الترويكا الحاكمة وفي مقدمتها حركة النهضة بإعلان التعبئة العامة وتنظيم مسيرات سلمية بكامل البلاد وذهب بعضهم إلى حد المناداة بالعصيان المدني لإجبار الحركة على القبول الفعلي بخارطة الطريق الوطنية والدخول فورا ودون قيد أو شرط في تطبيق بنود الخارطة التي منها استقالة الحكومة وتحديد سقف زمني قصير لعمل المجلس الوطني التأسيسي للانتهاء من صياغة الدستور. وبالرغم من سعي بعض الأطراف "العاقلة" للتهدئة والعمل على إيجاد مخرج يرضي الجميع فإن الصراع أضحى مفتوحا على كلّ الاحتمالات بما فيها السيناريوهات العنيفة والصّدامية لاسيما في ظلّ تحوّل المعركة إلى مسألة "حياة او موت" بين الطرفين اللذين يتوجّسان خيفة من بعضهما البعض حسب تعبير أستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد الذي أكد أن باب التهدئة مازال مفتوحا لإيجاد توافقات لكن حتّى في حال وقوع ذلك فإن الأوضاع لن تستقر كثيرا حيث توقّع في تصريح ل"حقائق "حصول تصعيد جديد من هذا الطرف أو ذاك باعتبار أن القضية بالنسبة للفرقاء السياسيين تحوّلت إلى قضية وجود. هذا وقد انطلقت منذ الخميس في عدد من جهات البلاد مسيرات سلمية حاشدة للمطالبة بقبول خارطة الطريق التي تقدم بها الرباعي الراعي للحوار، وأكد الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المولدي الجندوبي عن استعداد الاتحاد لوقف كل التحركات الاحتجاجية فور إعلان النهضة قبولها الرسمي لخارطة الطريق. وقال أن قبول حركة النهضة بمبادرة الرباعي الراعي للحوار الوطني الذي أكدته مجددا مطلع الأسبوع الحالي وعبرت فيه عن استعدادها للدخول فورا في الحوار لم يعد له معنى اليوم بعد ضبط الاتحاد العام للشغل لخارطة طريقة مفصلة لحل الأزمة السياسية التي تعيشها تونس.