الأستاذ عبدالعزيز محمد الأحيدب، رحمه الله تعالى، كان من أوائل من اشتغل بالتأليف والكتابة والنشر منذ وقت مبكر فقد أسهم في ذاك الزمن الجميل بمؤلفات ومصنفات ممتعة ومفيدة ومسلية وكانت ذات طابع عام يقرأها كل شخص يعرف القراءة والكتابة، فهي كتب شعبية بمعنى أنها في متناول جميع الطبقات ولا تحتاج إلى إعمال الفكر في قراءتها بل هي للعامة، وهذا لكل مؤلفات الأحيدب رحمه الله فهي منتشرة عند الناس وخصوصاً ما يتعلق بالأدب الشعبي والتاريخ المحلي والأدب بصفة عامة. أما حياته وسيرته فإنه ولد سنة 1333ه ببلدة جلاجل وتعلم فيها بمدارس الكتاتيب وتعلم مبادئ العلوم الإسلامية ثم خاض غمار الحياة بحلوها ومرها وكبدها وكدرها وصفوها وفي عام 1352ه دخل عالم العسكرية والأمن والشرطة متنقلاً بين الرياض وحائل والشرقية حتى تقاعد – رحمه الله - لقد كانت مؤلفاته في الزمن الماضي متداولة بين الشعراء عامة، وكانت اختياراته من التراث العربي لطيفة ومليحة ومقبولة فكان يريد أن يعرّف القراء بهذا التراث العربي القديم بأنه يحوي كثيرا من الطرائف والحكم والأمثال والقصص والمواقف النبيلة، وأن هذا التراث العريق زاخر بكل الفنون الأدبية، فكان قلم الأحيدب موفقاً في التقاط وصيد هذه الشوارد واللطائف والظرائف والملح والفكاهات والنكت والنوادر، فأصدر كتاب حكم قيمة من مآثر العرب والكشكول وحكم وآداب من مآثر العرب ووصايا الملوك في حسن السيرة والملوك، وأما الإسهامات في الأدب الشعبي فهي لا تقل عن احتفائه بالأدب العربي القديم وأشهر كتاب ألفه، بل أول كتاب شعبي يصدر للأستاذ الأحيدب هو (الممتاز من الأحاجي والألغاز) الذي اتحف به القراء قبل ستة وأربعين سنة، وكان ذلك في عام 1388ه والكتاب من أوائل الكتب الشعبية التي تضم في محتواها ألغازاً شعبية ومفردة بالتأليف، مع أن الأحيدب لم يقتصر على الألغاز الشعبية بل انتقى كثيرا من الألغاز العربية الفصيحة، فهو من أوائل المصنفات التي تحتوي على الألغاز الفصيحة والشعبية سواء كانت نثرية أم شعرية، لكنه في النهاية فالكتاب ليس لنخبة الناس وأصحاب القلم والفكر، بل هو لعامة الشعب لمن يحسن القراءة، فهو كتاب شعبي من هذه الناحية وبهذا استطاع الأستاذ الأحيدب رحمه الله أن يصل إلى جمهرة القراء بكتابه هذا الذي انتشر بين صفوف القراء وخاصة النشء من الشباب والأطفال الذين تحلو لهم الألغاز فتحرك فيهم جانب التفكير والمنافسة وشحذ الأذهان. وقد جمع الأحيدب رحمه الله تعالى في كتابه الطريف من الألغاز والأحاجي سواء كانت من الألغاز اللغوية والمعنوية والألغاز الفقهية واللفظية والنحوية والفرضية والحسابية أو استخراج الاسم المضمر أو من معاريض الكلام، ثم ختم كتابه بالألغاز الشعبية بأنواعها، والأحيدب رحمه الله له سبق كما قلت بإفراد الألغاز الشعبية بالتأليف والنشر، صحيح أن الشاعر علي الصفراني كان قد نشر بعض الألغاز الشعبية في مؤلفه (من البادية) رحمه الله تعالى، ولم يفردها بالتأليف كما صنع الأحيدب، وقد نقل الأحيدب بعضاً من ألغاز الصفراني رحمه الله ولعلهما التقيا في الرياض ومكة والأحيدب جمع في كتابه هذا 894 لغزاً وأحجية نثرها في كتابه وافرد في نهاية الكتاب الحلول لكل لغز وحله، وكل حل له رقم يرجع إليه القارئ، وبما أن الشاعر إبراهيم بن جعيثن رحمه الله قد أخذ عنه الأستاذ الأحيدب من حيث شعره وجمع له ديوانا فقد سرد الأحيدب له جملة من الألغاز الشعرية الشعبية وكذلك الشاعر حاضر العازمي رحمه الله تعالى وكلاهما صديق للاحيدب فمن قول ابن جعيثن هذا اللغز: أنشدك عن شيء للعرب منه مصلوح يعرف وفي كل الدير له نمونه له مدة تلقاه جسم بلا روح ما هوب ياكل والعرب ياكلونه وله هجرة يحفظ عن البرد والفوح لابد يحبس عند عذرا تصونه ثم تدخل به الروح ويروح يمشي على أقدامه وتفتح اعيونه مع ذا ونفعه للمخاليق ممدوح واللي يبونه باثمن يشترونه والحل كما ذكر الأحيدب هو البيض وكذلك لابن جعيثن رحمه الله هذا اللغز الشعري وهو: لقيت ميت ينقله خمس اناثي كلف ثلاث وسالم منه ثنتين اللى شكا كثر الضماء واستغاثي سارن همام وردونه على العين يمشن به معهن يحضر المراثي لو كان ما يعرف عن الشين والزين والحل هو القلم