من ليس له ماضٍ ليس له حاضر.. والمتأمل لتاريخ المملكة العربية السعودية يجد عجباً؛ فقد كانت الجزيرة العربية تعيش في صراعات قبلية، من سلب للأموال وسفك للدماء وترويع للآمنين بل وصل الأمر إلى صُلب العقيدة الإسلامية، فهيأ الله لها الإمامان: الإمام محمد بن سعود والإمام محمد بن عبدالوهاب، فانتعشت الآمال والتمّ الشمل وانطلقت دعوة التوحيد قوية مدوّية في كل أرجاء الجزيرة العربية. وقد مرّت الدولة السعودية بمراحل إعادة كان أقواها وأثبتها بفضل الله تعالى المرحلة الثالثة التي قادها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود الإمام المؤسس الذي وحّد البلاد وجمع الله به شتات الأمة وأمّن الله به السبل، ونهضت البلاد واستقرت أمورها وشقّت طريقها نحو التقدم والازدهار.. ثم أتى بعده أبناؤه البررة فاستمرت خطط التنمية في تواصلها؛ فبُنيت الجامعات والكليات والمدارس بجميع مراحلها وطُوّرت المستشفيات حتى أصبحنا نضاهي أفضل دول العالم في القطاع الصحي، كما أُقيمت الجسور ومدّت الطرق المعبدة العملاقة وأُنشئت الموانئ والمطارات وحصلت توسعات عملاقة في الحرمين الشريفين وفُتحت الأنفاق في المشاعر المقدسة وبُنيت الأكاديميات في الخارج وزاد عدد المبتعثين فارتفعت منارات العلم. ومن الواجب علينا في مناسبة اليوم الوطني الثالث والثمانين للمملكة العربية السعودية أن نتفحّص ذلك التاريخ كثيراً وأن نسترجع ذكرى كفاح وجهاد الملك عبدالعزيز رحمة الله عليه. فيا أيها الشاب الناشئ المتمتع بهذه الخدمات هل تعتقد أن ما تعيش فيه اليوم هو محض صدفة أم أنه ثمرة من ثمار أولئك الرجال الذين التحفوا السماء وافترشوا الأرض وامتطوا أديم الصحراء شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، الذين تسلقوا الجبال بدون طرق معبدة وامتطوا صهوات الجياد داعين أبناء الجزيرة العربية إلى الوحدة والتلاحم والعطاء والبناء من أجل قيام دولة عصرية قوية تلتزم بشرع الله وتحكّم الإسلام في كل صغيرة وكبيرة من حياتها.. فكن أخي الشاب محافظاً على تلك المكتسبات الوطنية متأملاً لذلك التاريخ، فما نعيشه اليوم من خير وعطاء ونماء ليس مجرد صدفة وإنما هو بتوفيق من الله ثم نتاج لجهد الآباء والأجداد. ختاماً لا بد من الإشارة إلى ما نعيشه اليوم في هذا العهد الزاهر عهد والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، هذا العهد الذي واكبت فيه المملكة ازدهاراً في كافة المجالات بفضل من الله ثم بفضل حسن القيادة التي تسير عليها دولتنا بتوجيه كريم من مقام خادم الحرمين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله. فهنيئاً للوطن بهذا المجد، وهنيئاً لقيادتنا الرشيدة بصادق الولاء والطاعة، وهنيئاً للشعب السعودي بيومه الوطني. حفظ الله لهذه البلاد أمنها واستقرارها.