الماء هو سر الحياة، انه مصدر الحيوية والحياة في هذا الكون الذي نعيش فيه.. ولا غنى للإنسان أو للحيوان أو النبات عن الماء، والماء هو أحد أهم المكونات الغذائية التي يحتاج إليها كل كائن حي بلا استثناء، ويشكل الماء نسبة 70٪ من وزن الكائن الحي، وقد تصل هذه النسبة إلى حوالي 90٪ في بعض الكائنات الحية الأخرى. كما أن الماء وسيط أساسي وهام للتفاعلات الطبيعية والكيميائية لجميع النظم البيولوجية على اختلافها.. كما أن مياه الأنهار والبحار والمحيطات تشكل حوالي 80٪ من سطح الكرة الأرضية، بينما لا تزيد مساحة اليابسة على 20٪ من سطح الأرض. وقد أكد القرآن الكريم على أهمية الماء باعتباره أساس الحياة وجوهر الوجود، يقول الله عز وجل: {وجعلنا من الماء كل شيء حي} (سورة الأنبياء، الآية 30). وقد ورد ذكر الماء في القرآن الكريم بمعناه الذي نعرفه (59 مرة)، حيث وضح القرآن الكريم أهمية الماء وضرورته لجميع الكائنات الحية. وجميع الموضوعات التي ورد فيها ذكر الماء في القرآن الكريم يكون مرتبطاً بالأرض، وهي إما أن تكون ميتة أو خاشعة أو هامدة، فينزل الماء عليها فتهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج.. فكأن الماء هنا بمثابة الروح للجسد يحيا عندما تنفخ فيه الروح، ويموت عند مفارقته لها، يقول الله تعالى: {وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج} (سورة الحج، الآية 5). ورغم الأهمية القصوى للماء والتي تفرض على الإنسان مسؤولية الحفاظ عليه باعتبار أن ذلك جزء من الحفاظ على حياته وحياة الكائنات الحية الأخرى، والتي سخرها الله له إلا أن الإنسان قد فعل العكس في كثير من الأحيان.. فقد قام الإنسان بتلويث المياه وخاصة في هذا العصر، ومن ذلك تلويث المسطحات المائية والتي تشمل الأنهار والبحيرات والبحار والمحيطات، وقد تحولت هذه المسطحات إلى سلة مهملات عالمية ومحلية، لكل ما يريد الإنسان أن يتخلص منه من فضلات ومخلفات مصانع وصرف صحي وغيره. وتسبب ملوثات الماء أمراضاً خطيرة مثل الكوليرا والإسهال والدوسنتاريا والتيفود والالتهاب الكبدي الوبائي والبلهارسيا. وتؤكد الاحصائيات ان أكثر من نصف سكان العالم يعانون من الأمراض الناتجة عن عدم توفر مياه الشرب النقية وشرب المياه الملوثة.. ففي دول العالم الثالث ونتيجة لتلوث المياه فإن هناك (25) مليون طفل يموتون بسبب الأمراض المذكورة أعلاه.. كما تسببت المياه الملوثة في إصابة حوالي (750) مليون شخص في افريقيا وآسيا بمرض البراغيث، كما أصيب حوالي (300) مليون شخص بمرض البلهارسيا في حين أن هناك حوالي (800) مليون شخص مهددون بالإصابة بالملاريا الناشئة عن وجود المستنقعات الراكدة. وقد جاء التوجيه الإسلامي الكريم واضحاً في المحافظة على الماء، وصيانته من التلوث أو العبث أو إفساده، وهناك بعض الأحاديث النبوية الشريفة التي تحض على ذلك بشكل رائع. إننا مطالبون في بلادنا الحبيبة ليس فقط بالمحافظة على الماء وترشيد استخدامه بل أيضاً بالنظافة الشخصية، وعدم تلويث الماء سواء داخل المنزل أو خارجه كما أن للمرأة دوراً فاعلاً وأساسياً في ذلك، من أجل أسرة سعيدة خالية من الأمراض، فالماء سر الحياة وهو أيضاً عنصر مهم في صحة البيئة والإنسان. والله ولي التوفيق،،،