منذ فتح الرياض عام 1319 ه أعلن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- عن نفسه واحداً من أهم رجالات القرن العشرين وصانع أهم وحدة سياسية في تاريخ العرب الحديث، وظل العالم يتابع أخبار فتوحاته عن كثب إلى أن أعلن عن اسم المملكة العربية السعودية كياناً مستقلاً متحداً بقبائله وبكل مكوناته الاجتماعية في العام 1932. وكانت مسيرة التوحيد العظيمة محط إعجاب العالم العربي ورجالات السياسة العالمية الذين رأوا في ما أنجزه الملك المؤسس إعجازاً سياسياً يندر أن يتكرر في التاريخ، من حيث قدرته على توحيد جزيرة العرب تحت راية واحدة واستنهاض طاقاتها وقدراتها بعد أن كادت تطوى خلف التاريخ بسبب تناحر قبائلها وتعدد ولاءاتها. ولأن الملك عبدالعزيز رجل استثنائي فقد حظيت رحلاته للخارج –على قلّتها- باهتمام غير عادي واحتفاء شعبي كبير يصاحبه احتفالات بهيجة تدل على عظمة الضيف في نظر مستضيفيه، ولعل رحلته التاريخية إلى مصر عام 1946 خير شاهد على ما يمثله الملك عبدالعزيز من قيمة ووزن إقليمياً ودولياً، حيث اعتنى المصريون بهذه المناسبة غاية العناية واستعدوا لها جيداً فكانت من الزيارات الخالدة في تاريخ مصر. ومن بين ما أعده المصريون لهذه الزيارة أغنية ترحيبية غناها ولحنها الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب وشدا بها بكلمات الشاعر المصري الكبير صالح جودت والتي عبر فيها عن شعور المصريين وسعادتهم باستقبال القائد السياسي المحنك الذي تابعوا مسيرته التوحيدية منذ لحظاتها الأولى وحتى إعلان اسم المملكة العربية السعودية في مطلع الثلاثينيات. الأغنية التي تم بثها عام 1946 عبر الإذاعات المصرية بالتزامن مع زيارة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن –طيب الله ثراه- يصف الشاعر في مطلعها شعور مصر بهذه الزيارة، فيقول: يا رفيع التاج من آل سعود يومنا أجمل أيام الوجود موكب الخير من البيت العتيد جاء يختال على النيل السعيد فصحت مصر مع الفجر الجميل تنثر الورد على كل سبيل ثم يتحدث عن قيمة الضيف ومكانته عند المصريين، وما يمثله البلد الذي جاء منه من الناحية الدينية، فيقول: وهي تستقبل أنوار الخليل ورسول الخير من عند الرسول التحيات لمن حج إلينا وهو من حجت لواديه الشعوب تاج المطلع كالشمس علينا صيغ من أكرام حبات القلوب ويعبر الشاعر عن سعادته بهذا الاحتفاء وبهذا التوحد بين أقوى دولتين عربيتين، والتي يمثل إحداها الملك عبدالعزيز رحمه الله، داعياً أن تكون هذه الزيارة بداية عهد جديد للعرب تتحقق فيه الكرامة لجميع الشعوب العربية، فيقول: واعقداها وحدة للعربي واجعلا بنيانها بيتاً حراماً كلما طاف بها ذكر النبي نزلت في الشرق برداً وسلاماً وقد حملت الأغنية مشاعر وطنية صادقة أكدت على أهمية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله بالنسبة للمصريين وللشعوب العربية كافة، وقد منح صوت الموسيقار محمد عبدالوهاب هذه الأغنية تميزاً وجمالاً يعكس حقيقة شعوره تجاه القائد المؤسس، وبفضل أدائه المميز احتلت الأغنية مكانها في سماء الخلود وأصبحت رمزاً موثقاً لحدث تاريخي ولمكانة قائد تاريخي. محمد عبدالوهاب