في محاولة جادة وربما نادرة للبحث والتنقيب في تفاصيل ونتائج اللقاء التاريخي الهام الذي جمع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (يرحمه الله) بالملك فاروق بن أحمد فؤاد الأول (يرحمه الله) على أرض خليج رضوى بينبع في شهر صفر من عام 1364ه الموافق يناير 1945م، قدم المؤلف الإعلامي عاطف القاضي كتابًا جديدًا أسماه “قمة رضوى” – الملك عبدالعزيز والملك فاروق في ينبع وبداية وضع حجر أساس جامعة الدول العربية – حفل بالكثير من عبق التاريخ وزخم التوثيق. عرض الفصل الأول سيرة ونشأة الملك عبدالعزيز، مستعرضًا مسيرة حياته المليئة بالجهاد والبطولات وتحقيق الإنجازات التاريخية المباركة ورفع راية التوحيد وبناء الدولة وتأسيسها على ركائز راسخة، ليسجل التاريخ ميلاد دولة فتية ذات سيادة وقوة ومهابة على أرض الجزيرة العربية، ودولة مترامية الأطراف تأخذ بكل أسباب الرقي والتقدم وتجعل من كتاب الله وسنة رسوله محمد عليه أفضل الصلاة والسلام دستورًا ومنهجًا لها في الحياة. وفي الفصل الثاني يقدم المؤلف رصدًا لنشأة وسيرة الملك فاروق ابن الملك أحمد فؤاد الأول ملك مصر والسودان مبينًا أنه الفرع الأخير في أسرة محمد علي التي كانت تحظى باهتمام الشعب المصري، موضحًا أنه خلف والده على العرش ولم يبلغ السن التي تؤهله للحكم فتشكل مجلس وصاية إلى أن تسلم سلطاته الدستورية كاملة في يوليو 1937م، وهكذا حكم مصر والسودان إلى أن أرغمته ثورة مصر في 1952م التنازل عن العرش لابنه الطفل (أحمد فؤاد الثاني) الذي ما لبث أن خلع، بتحويل مصر إلى جمهورية. ودخل الكتاب في فصله الثالث المعنون ”الملك عبدالعزيز والملك فاروق في رضوى ينبع” إلى صلب موضوعه، مقدمًا عرضًا توثيقيًا كبيرًا للمكان والناس والزيارة وأجوائها وأهم ما تمخض عنها، وبذل المؤلف الذي أبرز إمكاناته وخبراته الإعلامية جهدًا وافرًا في لقاء وحوار الأعيان والأشخاص الذين عاصرو هذه الزيارة وعاشوا أحداثها. وأشار الكتاب في هذا الفصل إلى الأجواء الأخوية التي طغت على اللقاء، وعززت شعور جلالة الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه) بأهمية إقامة سياسة ثابتة بين البلدين تقوم على أسس من التفاهم والتعاون كما تناولت الزيارة التي استمرت ثلاثة أيام، البت في أمر إنشاء جامعة الدول العربية، وتم فيها تبادل الأوسمة والعلمين السعودي والمصري في احتفال عسكري على أرض خليج رضوى اشتركت فيه ثلة من الجيش السعودي وثلة من جيش البحرية المصرية. واستعرض الفصل الرابع تفاصيل الزيارة الرسمية للملك عبدالعزيز لمصر في يناير 1946م ، ردًا على زيارة الملك فاروق للمملكة، متناولاً أثرها في دعم وتمتين العلاقات السعودية – المصرية، وصداها في الصحافة العربية والعالمية، لافتًا إلى أن مصر الرسمية والشعبية احتفت بالضيف العظيم أيما احتفاء، وأن زيارة العاهل السعودي جاءت في أوانها متجاوبة مع الأصداء في جميع الأنحاء بجامعة الدول العربية الناشئة الفتية. وتناول الفصل الخامس مراحل تأسيس جامعة الدول العربية منذ نشوء فكرتها الأولى في خطابات ودعوات أنتوني إيدن وزير خارجية بريطانيا في مطلع الأربعينيات من القرن المنصرم، مرورًا ببروتوكول الإسكندرية إلى ميثاق الجامعة مستعرضًا القمم العربية المختلفة وأهم ما تمخض عنها. وأوضح المؤلف في الفصل السادس الذي عرض بعضًا من مواقف وملامح السياسة الخارجية للملك عبدالعزيز، أن أهم الأدلة التي لايمكن إغفالها عن اهتمام الملك عبدالعزيز بالسياسة الخارجية كون (وزارة الخارجية) هي أول وزارة يتم إنشاؤها في المملكة، مبينًا أن السياسة الخارجية للملك عبدالعزيز ارتكزت على استقلالية الموقف من الأحداث المختلفة ودعم الوحدة العربية والتعاون الدولي بما يخدم احتياجات المجتمع التنموية. ولم يخف المؤلف حبه لمدينته ينبع، فأفرد الفصل السابع عنها (ينبع: لمحة تاريخية)، مبينًا اعتماده وبشكل موسع على دراسة أعدها الباحث التاريخي الشريف محمد بن حسين الحارثي، مستعرضًا الموقع الجغرافي، علماء ينبع، تاريخ ينبع في مختلف العهود والعصور وصولاً للعهد السعودي العامر، مستعينًا ببعض الأشعار والقصص عن ينبع. واختتم المؤلف عاطف القاضي مؤلفه بالفصل الثامن الذي خصصه لمدينة ينبع الصناعية، متناولاً أسباب وظروف اختيارها كمحور للتنمية الصناعية، وأهم مراحل نموها وتطورها، مستعرضًا تجربة الهيئة الملكية للجبيل وينبع في تحويلها من صحراء قاحلة إلى مدينة حديثة يتوفر فيها كافة مقومات الحياة العصرية.