رؤية الرئيس الأمريكي جورج بوش الطموحة أو الخطرة كما يقول البعض عن الديمقراطية في الشرق الأوسط ستكون على المحك في الانتخابات العراقية. فبعد ان فشلت الادارة الأمريكية في العثور على أسلحة دمار شامل في العراق تعلق بوش باهداب إقرار الديمقراطية هناك كمبرر لشن الحرب التي أطاحت بالرئيس السابق صدام حسين وقتل فيها حتى الآن أكثر من الف أمريكي. ويقول بعض المنتقدين إنه إذا تسببت انتخابات العراق في مزيد من الفوضى أو في حرب أهلية فإن آفاق الديمقراطية ستتضرر في المنطقة وفيها دول تتطلع للعراق كنموذج لاستبدال دكتاتور بزعيم يختاره الشعب. وانتخب الفلسطينيون في مطلع الأسبوع رئيسا لهم لكن الخبراء يقولون إن هذا كان بمثابة تقدم محدود في العملية الديمقراطية لأنه لم يكن هناك فعليا سوى مرشح واحد والقاعدة الانتخابية أضيق بكثير منها في العراق. وفي فترة التحضير للانتخابات العراقية تصاعدت هجمات مسلحين معارضين للوجود الأمريكي في البلاد وأقر رئيس الوزراء بالحكومة المؤقتة إياد علاوي بأن بعض «الجيوب» في بلاده خطرة حتى أن الناخبين لن يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم رغم وجود 150 الف جندي أمريكي في البلاد. وجاء أحد أكثر التقييمات رصانة من اللفتنانت جنرال المتقاعد برنت سكوكروفت مستشار الأمن القومي للرئيس الاسبق جورج بوش الأب. وقال سكوكروفت لمؤتمر استضافته مؤسسة امريكا الجديدة إن الانتخابات العراقية إذا جرت «لن تمثل تحولا واعدا وهناك احتمال كبير أن تعمق الصراع.» وأضاف «ربما نرى ارهاصات حرب أهلية في هذا الوقت.» ودعت صحيفة نيويورك تايمز الأربعاء الى تأجيل الانتخابات لاقناع الاقلية السنية التي خسرت السلطة بالإطاحة بصدام بأن الاغلبية الشيعية تضع مخاوفهم في الاعتبار وستعمل على ضمان مشاركتهم في الحكم. وأقر البيت الأبيض مخفضا سقف توقعاته بأن الانتخابات «لن تتسم بالكمال» لكنه أصر على عدم التأجيل. وقال كليفورد ماي من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات «لا شك في أن هذه الانتخابات ستتسم بالفوضى والدموية وستكون بها ثغرات لكنها كذلك ستكون اكثر الانتخابات ديمقراطية على الإطلاق في الشرق الأوسط فتشمل مرشحين وأحزابا وحرية تعبير أكثر من أي مكان آخر.» وتوقع أن يدلي 80 بالمئة من العراقيين بأصواتهم خلافا لتوقعات المتشائمين. وقال دانييل سيروير مدير برامج السلام والاستقرار في معهد السلام الأمريكي «الأمر الوحيد الذي يعطيني بعض الأمل هو الالتزام الواضح والتصميم من جانب العراقيين على القيام بذلك بالشكل الصحيح.» وأضاف «إنهم يريدون الإدلاء بأصواتهم. يريدون حكومة يعتبرونها حكومتهم. قد لا تنطبق عليها المعايير الغربية لكن هناك فرصة كبيرة لتحقيق نوع من الديمقراطية.» ويقول سيروير وغيره من المسؤولين بالمعهد إنه رغم العنف يصر العراقيون على إعادة بناء بلادهم فهم يقودون سياراتهم 12 ساعة عابرين نقاط تفتيش خطرة للحصول على كتيبات وارشادات من العراقيين المشاركين في برامج المجتمعات المدنية بشأن كيفية إدارة الصراعات الطائفية والعرقية. ومن الآن تبدو نتائج الانتخابات واضحة. سيفوز بأغلبية الأصوات مرشح متحالف مع علي السيستاني الزعيم الشيعي العراقي. ولكن السؤال هو هل سيشارك السنة في الانتخابات. يقول سيروير «إذا شارك أكثر من 50 بالمئة من السنة في الانتخابات ستكون هذه إضافة كبيرة وإذا شارك اقل من 30 بالمئة سيكون ذلك نقصا كبيرا.» ويقول كينيث كاتزمان من مكتبة خدمة ابحاث الكونغرس إنه إذا لم تسفر الانتخابات عن تقدم بشأن تحقيق الاستقرار فإن فوائدها لن تتجاوز حدود العراق. وأضاف أن معظم القلق السياسي في المنطقة بدأ قبل أن يجعل بوش إقرار الديمقراطية في الشرق الاوسط من أولوياته ووراءه عوامل داخلية.