بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي واقتصار دورنا على القص واللصق والإرسال لما نتلقفه عبر أجهزتنا أصبح انتشار أي معلومة كبيرا جداً, ولكن المشكلة أننا ننقل ما يصل إلينا دون تصحيح أو تعديل في النص بما يتوافق مع ما يليق بأي فرد منا كناقل للمعلومة. لقد كشفت وسائل التواصل الاجتماعي زيف تعليمنا فلدينا من الأخطاء الإملائية الشيء الذي لا يوصف وأبسطها الظاء والضاد, فكم نظام كتبت "نضاماً" وكم ضروري كتبت "ظرورياً" وقس على ذلك الكثير في مسألة هل هي بعصا أو بدون عصا؟! وهذا يثبت أنه كان للعصا دور سلبي في تعليمنا وتربيتنا. لنتجاوز الأخطاء الإملائية لما هو أهم منها وهو المفاهيم الخاطئة ومنها أننا ننسب خفة الدم والطرفة إلى الشخص الذي يتعاطى الحشيش ولا أعلم من أين أتينا بفكرة أن من يغيب عقله يتحول إلى إنسان ظريف وطريف فليس بالضرورة أن المستريح من العقل خال من الهموم خفيف الظل, فمن يغيب عن عقله هو من يتصرف دون إدارك أو وعي منه ولو كان المتعاطي لأي نوع من أنواع المسكرات أو المخدرات "المغيبات للعقل" خفيف دم لما هدمت بيوت بسبب فشل وسلبية هذا المتعاطي ولما فقد أي فرد منهم عمله لأنه باختصار يملك موهبة الإضحاك وهذه كافية أن تبقيه في عمله حتى ولو "داوم" يوم واحد في الأسبوع! تابعت على أكثر من موقع وعبر أكثر من برامج تأثير ربط خفة الدم بالمتعاطي للحشيش عبر الكلمة الشهيرة "واحد محشش" التي تسبق كل طرفة وكان التركيز على تأثيرها على الأطفال وذهب البعض إلى أنهم قد يتناولون هذه المادة لكي يتحولوا إلى ظرفاء وذهب البعض إلى أبعد من ذلك حيث ذكروا أن مروجي الحشيش يقفون خلف إطلاق هذه النكات, أما الاقتراح الأطرف في هذا الموضوع هو أن البعض يرى أن من الأفضل عدم تداول النكت لمنع هذه العبارة بدلاً من أن يقول لنستبدل عبارة واحد محشش بعبارة واحد ظريف بكل بساطة. وهنا يبرز دور الإعلام في تصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة التي ينساق خلفها الناس وكما أن في كل شخص منا رجل أمن ففي كل شخص منا إعلامي فأنت اليوم تكتب وتنشر, أنت اليوم كاتب وناشر ومراسل, فلا تنقل ما يصل إليك كما وصل إليك, إن كان خبراً فتأكد منه حتى لا تكون مروجاً للشائعات, وإن كانت مجموعة من النكت منسوبة إلى هذا المحشش البريء منها! فخذ من وقتك ثواني لاستبدال العبارة وحذف ما تراه غير لائق فثق أن من ستنقلها إليه لن يعيدها من واحد ظريف إلى واحد محشش وسينقلها كما وصلت إليه وبهذا تنتشر وفق التعديل المنطقي فلا تحرم نفسك من الطرفة وأنت في حاجة إلى سماعها ولا تنساق خلف ترويج مفهوم خاطئ للشخص الذي وقعت له, فالطريف هو من يتصنع الحدث ويمتلك عقلاً مدركاً وهو في هذه الحالة عكس المحشش الذي غيب عقله ولا يملك صناعة الحدث, وإن كان ما وصل إليك طرفَة تحمل عبارات ترى سلبيتها على المجتمع فصححها قبل أن ترسلها أو دعها تتوقف عندك, وحينها سنجد أنا وأنت وهو وهي أننا قد ساهمنا في تصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة وسنبقى المجتمع الذي يعبر عن إعجابه بالشخص الظريف بعبارة "منسم".