يُعرَّف ال"كهف" بأنَّه تجويف طبيعي موجودٌ تحت سطح الأرض أو في الصخور، وله فتحة تسمح بالدخول إليه والخروج منه، حيث عرفت البشريَّة هذه الكهوف منذ أن بدأت الخليقة، إذ سكنها الإنسان منذ القدم فكانت المنزل الذي يقيه من تقلُّبات الطقس وافتراس الحيوانات، ولجأ إليها للاحتماء زمن المعارك والحروب، كما استخدمها أيضاً في تخزين الأطعمة. شهدت قصصاً ومغامرات لا تنسى وتركت لنا ذكريات جيل لم يعرف الخوف أو التردد وتشتهر العديد من الكهوف في عددٍ من دول العالم بكبر مساحتها وقِدمها، ولعلَّ أعمقها في العالم موجود في فرنسا، إذ يزيد عمق بعضها على (3000) قدم تحت سطح الأرض، فأصبحت بذلك قبلة السُيَّاح ومثار إعجابهم. وعرفت المملكة العديد من الكهوف منذ القدم، ويُطلق عليها محلياً اسم "الغار" وجمعها "غيران"، وأقدم ذكر لها عند العرب ما ورد في القرآن الكريم من ذكرٍ لقِصَّة أصحاب الكهف الذين لبثوا فيه (309) سنوات نياماً، أمَّا في كتب السيرة فقد ورد ذكر الغار، وأعظم غار هو "غار حراء" الذي كان يتعبَّد فيه النبي "محمد" -صلى الله عليه وسلم- في جبل النور بمكةالمكرمة، حيث لا تزال آثاره باقية إلى اليوم في قمَّة هذا الجبل الواقع في شرقها، وهذا الجبل شديد الوعورة إلاَّ من الجهة الشرقيَّة إذ يُمكن الصعود منه إلى الغار، وكان النبي "محمد" -صلى الله عليه وسلم- يتعبَّد في هذا الغار حتى أتاه فيه أوَّل وحي غيّر حياة البشريَّة في ذلك الحين ونقلها من الظلمات إلى النور. أشهرها: «حراء»، «ثور»، «قارة»، «أبو قاطور»، «ابن شعلان»، «أبو مدخنة»، «الهبكة»، «أبو جدار» غار حراء و"غار حراء" بحد ذاته يتجه باتجاه الكعبة المشرفة، وبعد انتشار الإسلام ومحاربة قُريش للنبي -صلى الله عليه وسلم- وللدين وأتباعه جاءت الهجرة النبويَّة الشريفة من "مكةالمكرمة" إلى "المدينةالمنورة" فاختبأ النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه "أبو بكر" -رضي الله عنه- في غار "ثور" على طريق الهجرة؛ للاحتماء من "قُريش" التي كانت تطلبه حياً أو ميتاً، فأنجاه الله وصاحبه من مكرهم وغدرهم بمُعجزةٍ سطَّرتها كتب السيرة، ووصل -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى "المدينةالمنورة" بسلام، لتشهد بذلك انتصار الإسلام وانتشاره. دحول الصمان: «أبو مروة»، «راشد»، «أبا الجرفان»، «أبا السيقان»، «أبا الضيان»، «أبو صالات» الغيران وتشتهر المملكة بوجود العديد من الكهوف المُنتشرة في طول البلاد وعرضها، وهي تُمثِّل فُوهات جوفيَّة مملوءةً بالهواء نشأت لفعل حركة المياه سابقاً على الصخور؛ مِمَّا أدَّى إلى إذابة الصخور على مدى فترةٍ زمنيَّة طويلة وتكوين فتحات وأنفاق داخل الأرض، بيد أنَّ الدارج على ألسنة الناس تسميتها ب"الغيران" ومُفردها "غار"، وهي توجد في الجبال ولها مدخل واحد قد يكون واسعاً أو ضيِّقاً، كما أنَّ ارتفاعها مُختلفٌ أيضاً، فمنها ما يكون قريبا سقفه أو مرتفعاً يسمح بدخول الشخص وقوفاً، وهناك أيضاً ما يكون داخل تجويف الأرض ويُسمَّى "دِحْل" وجمعه "دحول"، ويكون كالجحر إلا أنَّه واسعٌ وكبير يُؤدِّي إلى باطن الأرض وتجويفها، وغالباً ما يوجد بداخله الماء بكميَّاتٍ كبيرةٍ إلاَّ أنَّها تنعدم فيه الإضاءة بسبب عدم دخول أشعَّة الشمس فيه. غار «بدها» شاهد على شجاعة «ابن خنيزان» ومقتل «السعر».. و«ﺍﺑﻦ ﺟﺪﻋﺎﻥ» نجا من ظلمة الدحل غار"قارة" من أشهر الكهوف "الغيران" تلك الموجودة في جبل "قارة" بالأحساء؛ إذ أنَّ هذا الجبل يُعدُّ من أبرز المعالم السياحيَّة الطبيعيَّة في "الأحساء" وأكثر المواقع التاريخيَّة شُهرةً، ويقع على مساحة قاعدتها (1400) هكتار، ويتكوَّن من صخور رسوبيَّة، ويتميَّز بكهوفه ذات الطبيعة المُناخيَّة المُتميِّزة، ويبلغ ارتفاع الجبل (70م)، ويتبع الجبل رأس القارة، وهو قمَّة صخريَّة وسط بلدة "القارة"، ويوجد بجبل "قارة" العديد من الكهوف "الغيران" التي تمتاز باتّساع مساحاتها وتدرُّجها بشكل يشبه إلى حدٍ ما تدرُّج "المسارح الرومانيَّة". كهف في جبل القارة عام 1929م وتمتاز هذه "الغيران" أيضاً ببرودتها في فصل الصيف اللاهب وباعتدال درجة الحرارة فيها في فصل الشتاء، وقد أطلق القدماء أسماء على بعض هذه الكهوف ترمز إلى طبيعتها أو إلى أسماء مكتشفيها، ومن ذلك "كهف الغيران" الذي كان كبار السن يُقيمون فيه ما يشبه حلقات تحفيظ القرآن الكريم، وغار "الناقة" الذي يحتوي على عدد من الكهوف، ويمتاز بشدة البرودة في الصيف والدفء في الشتاء، وفي بطنه غارٌ يُسمَّى "المعظمة" بسبب زيادة برودته في الصيف حيث تقل درجات الحرارة فيه عن (20) درجة مئويَّة، وهو يُوصِل إلى كهوف أشدَّ برودة، إلى جانب كهوفٌ أخرى، مثل: غار "الميهوب" وغار "أبو صالح" و"عزيز" و"مهدي" و"الذهبي"، وغيرها. مغامرة البحث في الكهوف والغيران تبدو أسهل مع التقنية لكنها تبقى مخيفة «أرشيف الرياض» ويشهد جبل "قارة" بالأحساء توافد العديد من السائحين من مدينة "الهفوف" و"المنطقة الشرقيَّة" على وجه الخصوص، إلى جانب العديد من السائحين من مختلف مناطق المملكة ودول الخليج؛ وذلك لِما يملكه هذا الجبل من مُقوِّمات سياحيَّة حقيقيَّة ومناظر جميلةٍ خلاَّبة، ولِما يحتوي عليه من مغاراتٍ وكُهوف كثيرة، وبظاهرة انخفاض درجة الحرارة داخل الجبل صيفاً وارتفاعها شتاء، مِمَّا جعل الجبل على الدوام وجهةً مُفضَّلةً للسائحين الباحثين عن المتعة والإثارة. ويوجد في قرية "الهبكة" الواقعة غرب محافظة "رفحاء" ب(160كم) واحداً من أشهر الكهوف في "منطقة الحدود الشماليَّة"، ويُعدُّ أحد المعالم السياحيَّة في المنطقة ومصدر جذب سياحيّ كبير، ويتميَّز هذا الكهف بوجود أحجار في سقفه تلمع بالإضاءة، وهي على أشكالٍ بلوريَّة، ويوجد في آخر الكهف ممرات صغيرة، إلى جانب وجود العديد من الكتابات التي لا يُعرف تاريخها. غار "أبو قاطور" ويقع في الجهة الجنوبيَّة الغربيَّة من مدينة "حوطة سدير"، وهو غار مُقوَّس الشكل، وسمي ب"أبي قاطور" لأنَّ الماء يَقطُر منه طوال العام حتى في سنوات الجدب والقحط، ويُعدُّ هذا الغار مُتنزَّهٌ طبيعيّ يتميَّز بكبر مساحتة والمنطقة التي حوله، كما يوجد في جهةٍ منه حوضٌ دائري مبني من الحصى تتساقط فيه قطرات الماء طوال العام مِمَّا شكَّل منها بركةً مملوءةً بالمياه. غار"ابن شعلان" ويقع في "روضة سدير"، إذ يبعد عنها حوالي (15كم) في وادي سدير الذي ينحدر من أعلى جبال "طويق" من الغرب إلى الشرق مروراً بعدد من المدن والقرى، وهي: المعشبة، والروضة، والداخلة، والحصون، والحوطة، والجنوبيَّة، ومقبلة، والعطار، والجنيفي، والعودة. غار "مرات" ويقع على بُعد ثمانية كيلو مترات جنوب غرب "محافظة مرات"، وهو من الأماكن الأثريَّة، وجُدرانه وسقفه رمليَّة، وبها بعض الكتابات القديمة، وقد تساقطت عدَّة أجزاء منه على مر السنين، كما أنَّه بات يبدو بحجمٍ أصغر مِمَّا كان عليه سابقاً. غار "أبو جدار" ويقع على بعد (10 كم) جنوب غرب "مرات"، وسُمِّي ب "أبو جدار" لوجود جدار مبني فيه حديثاً، وهو وُجهة السُيَّاح الأجانب، ويُحيط بالغار العديد من الجبال التي يوجد بها نقوش وحفريَّات أثريَّة ضاربةً في القدم. الراوي «ابن شرهان» يسجل إحدى حلقات برنامجه التلفزيوني بغار «أبو مدخنة» في محافظة «مرات» غار "أبو مدخنة" ويقع بالقر من غار "أبو جدار" بمحافظة "مرات"، ويمتاز بوجود مدخنة طبيعيَّة في وسطه يخرج منها الدُّخان عند إشعال النار، وترتفع إلى حوالي (20م)، وقد عملت "بلدية مرات" مؤخراً على توسعته وتهيئته للزوَّار والسَّائحين، إذ أصبح من مصادر الجذب السياحي للمحافظة بروعته وجماله الطبيعيين وارتفاعه الشاهق وإطلالته على منطقة "المروت"، وقد بلغت شهرة هذا الغار كافة المناطق المُحيطة بالمحافظة، وكان الراوي المعروف "محمد الشرهان" سجَّل برنامجه "مجلس الراوي" الذي بثته القناة الأولى بالتلفزيون السعودي بواقع ثماني حلقات في هذا الغار. كهف جامعة الملك فهد ويُعدُّ من الاكتشافات الرئيسة للفريق المُشترك لخبراء الكهوف من "جامعة الملك فهد للبترول والمعادن" و"الأكاديميَّة النمساويَّة للعلوم"، ويحتوي هذا الكهف على ممرات تقع في ثلاثة مستويات مُختلفة، وبداخله قاعة ضخمة أبعادها (45م)، و(80م)، و(17م)، وكانت تحتوي على بُحيرة جوفيَّة في الماضي. غار «أبو قاطور» بحوطة سدير غار عريض "السعر" ويوجد في الجهة الشرقيَّة من جبل "عريض" غارٌ يُسمَّى غار "بدها" أو غار "عريض"، و"عريضٌ" هذا جبلٌ مُمتد من الشمال إلى الجنوب، طرفه الشمالي مقابل ل "طريف الحبل" حبل الرغام، وطرفه الجنوبي الشرقي مُقابل لمركز "البرة"، وهذا الجبل مُعترضٌ هناك أمام "المحمل" من الغرب وأمام "صفراء الشمس" من الشرق، يبلغ امتداده حوالي (15كم)، وفيه ثنايا وشعاب، وتكتنفه رياض ومغائض سيول. ويُعرف هذا الغار عند العامة بغار "السعر"، واشتهر هذا الغار بقصة تُروى عنه، إذ سكنه في عهود غابرة أحد أكلة لحوم البشر، ويُطلق على من يرتكب هذا الفعل "السعر"، وذلك لأنَّه إذا أكل المرء لحم البشر استسعر وصار لا يقاوم حاجته إلى المزيد من أكلهم، وقد لجأ هذا الرجل ومعه أمُّه وأبوه الضريران إلى هذا الغار، فجعل يقتنص من يخلو به من البشر، ويطعمه مع والديه إلى أن تصدَّى له رجلٌ يُدعى "ابن خنيزان" فقتله، ولمقتله قصَّة طويلة مُلخَّصها أنَّ أحد سُكَّان "رغبة" ويُدعى "ناصر بن خنيزان" ويُلقَّب ب"البواردي" لدقَّته في الرمي، وكان حينها مُولعاً بالصيد، وكان رجلاً شجاعاً يصطحب معه في مقناصه "كلاب سلوقيَّة"، وفي يومٍ ما وعند رجوعه من أحد رحلاته وافق مروره بالقرب من ضلع "عريض"، ولمعرفته بالأرض أراد أن يدخل في الغار ليرتاح من بعد التعب، فلمَّا كان حول الغار شمَّ رائحة نار تخرج من الغار فاستغرب من ذلك، وكانت الكلاب التي معه تُخرجُ أصواتٍ وحركاتٍ غريبة تدلُّ على خوفها، فلمَّا اقترب من مدخل الغار وجد رجلاً مُقيَّداً وقد صُلخ باطن قدميه حتى لا يهرب، وكان هذا صيداً لهذا السعر، فلمَّا أبصر الرجل "ابن خنيزان" ابتهل وصاح فيه: "تكفى يا ابن خنيزان لا تخلِّيني"، وكان هذا الرجل من أحد ديار "الشعيب" وكان يَعرف "ابن خنيزان" وقصَّ له الرجل قصَّة الرجل الذي يصطاد فرائسه من البشر ويفعل بهم ذلك ويسجنهم ليأكلهم ويُطعمهم لوالديه المُسنين. غار «ابن خنيزان» شاهد على قصة «السعر» المشهورة وعلى إثر ذلك دخل "ابن خنيزان" وسط الغار وقتل العجوزين، ووجد العديد من الناس مربوطين ويستغيثون به، وما هي إلاَّ لحظات حتى أقبل "السعر" فهرب "ابن خنيزان" منه ليأتي بالنجدة، بيد أنَّ "السعر" لمَّا رأى أبويه مقتولين خرج على الفور وتحسس المكان فرأى أثر "ابن خنيزان" فلحق به وكان سريعاً جداً وضخم الجسد، فأخذ يجري خلف "ابن خنيزان" حتى كاد أن يُدركه، فلمَّا دنا منه رماه "ابن خنيزان" برصاصة وهو يركض فكسر أحد ساقية. ويقول الرُّواة على لسان "ابن خنيزان" فنهض وأخذ يركض على رجل واحدة وكان في سرعته عندما كانت له رجلان اثنتان، ولشدة تعب "ابن خنيزان" وخوفه الشديد أصبح يحاول فقط أن يكيل البارود في بندقيته وهو يجري، ومن ثمَّ التفت إليه بسرعة لمَّا أدركه وأطلق عليه رصاصةً أصابت "السعر" في مقتل وسقط "ابن خنيزان" من شدة التعب والخوف مغشيَّاً عليه، أمَّا كلاب الصيد التي كانت معه فقد ذهبت حتى وصلت إلى بلدة "رغبة" فلمَّا كانت بالقرب من "الجامع" وكان الناس في ذلك الزمن يجتمعون بالقرب منه أبصروا سلوقي "ابن خنيزان" فعرفوها وصارت تُصدر العديد من الحركات، وتذهب وتجيء فعلموا أنَّ "ابن خنيزان" أصابه مكروه، فتبعوها إلى أن وصلوا إلى مكانه وكان مغشيَّاً علية وبالقُرب منه رجلٌ كبير الجسم بشع المنظر له رائحة نتنة، فلمَّا أفاق "ابن خنيزان" أخبرهم الخبر فحمدوا الله على سلامته وتوجهوا للغار وأنقذوا من فيه. الكهوف التاريخية بحاجة إلى اهتمام أكبر كمقصد للسياح أشهر "الدَّحول" قال علاَّمة الجزيرة "حمد الجاسر" -رحمه الله- "الدَّحْل" -بفتح الدال وضمِّها- عرَّفه اللُّغويُّون بعباراتٍ متقاربةٍ منها "نقب" ضيّقٌ فمه، مُتَّسعٌ أسفله، أو "هُوِّة" تكون في الأرض وفي أسافل الأودية فيها ضيق، ثمَّ تتّسع حتى يُمكن المشي فيها، وقد ينبت "السدر" داخلها، وجمعه "أدحل"، وأكثر ما توجد "الدحول" في "الصمّان" على مقربة من "الدهناء" لدرجة أنَّ عرقها الموالي للصمان يُعرف بعرق "الدحول"، ومنها ما هو غرب هذا العرق أيّ في "الدهناء" وهي ذات أهميَّة باعتبارها موارد كان يستقي منها المُسافرون والعابرون إلى أن بُدئ في حفر الآبار الارتوازيَّة، إذ أنَّ فائدتها زالت بعد كثرة الآبار، ويقول "عبدالله بن خميس": وقد ألممت ببعض هذه "الدحول" ودخلت واحداً منها هو دحل "الهشامي" ويقع على مقرُبة من جبل "معقلة" غرب "روضة الخفيسة" في الطرف الغربي من عروق "حزوا" جنوب "دحل أبي مروة" وغرب "دحل أبي سديرة". دحل "أبو مروة" وقد وثَّقته قصيدة الشاعر المشهور، والفلكي "الخلاوي" عبر قصته الشهيرة التي أخفى فيها بندقيته "أبو فتيلة" عندما ضعف من الكبر وذكر المكان لابنه بصورة غير واضحة؛ ليختبر ذكاءه فقال في وصف الموضع: عن طلحة الجودي تواقيم روحه عليها شمالي النسور يغيب وعنها مهب الهيف رجم وفيضه وحروري إن كان الدليل نجيب فلمَّا كبر ولده وسمع شعر أبيه ذهب إلى المكان فوجد ما خبأ له أبوه، وقال: وترى دليله مروة فوق جاله خيمة شريف في مراح عزيب دحل "أبو صالات" ويقع غرب منطقة "الصمان" ويبعد عن طريق المجمعة -حفر الباطن- (20كم) تقريباً، ومنها أيضاً دحول "راشد"، و"أبا الجرفان"، و"أبا السيقان"، و"أبا الضيان"، و"أبا الكبود"، و"أبرقية"، و"ابن غازي"، و"أبو حرملة"، وغيرها، ومعظم هذه "الدحول" كبيرة ومُتّسعة، وإذا ما دخلها الإنسان وجدها متاهات، وقد يمشي فيها مئات الأمتار في الظلام الدامس، وقد يكون فريسةً سهلةً للحيوانات المُفترسة ولدغات الأفاعي وقد يضل فيها فيموت، وفي دليل على ذلك نورد قصةً طريفةً حدثت لشخص يُدعى "ﺍﺑﻦ ﺟﺪﻋﺎﻥ"، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺣﺪﺛﺖ ﻣﻨﺬ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ (100سنة) تقريباً، ﻭهي قصَّة وﺍﻗﻌﻴَّﺔ، ومُلخَّصها أنَّ "ابن جدعان" كان لديه إبل كثيرة وسمان، وكان بالقرب منه جارٌ فقيرٌ مُعدم فعمد إلى أطيب ناقة حلوب فقادها وحُوارها إلى جاره فأهداها له، ففرح بها جاره وصارت بذلك مصدر سعادته ورزقه، وفي أحد السنين شَحَّ الماء في المرعى فذهب "ابن جدعان" برفقة أولاده الثلاثة للبحث عن مكان يرعى فيه إبله، وفي طريق البحث وصل إلى أحد "الدحول" وﻫﻲ حُفَر ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ تُوصلُ ﺇﻟﻰ محابس مائيَّة ﻟﻬﺎ ﻓﺘﺤﺎﺕ فوق ﺍﻷﺭﺽ يعرفها أهل البادية. غار «ابن شعلان» بروضة سدير وما كان من "ابن جدعان" إلاَّ أن دخل إلى "الدحل" ليجلب الماء ويشرب هو وأولاده منه، إلاَّ أنَّه تاه في "الدحل" وأولاده في خارجه ينتظرونه، فمكثوا يوماً ويومين فلما انتهى اليوم الثالث يئسوا من رجوعه وقالوا لعلَّ ثُعباناً لدغه فمات أو لعلَّه تاه تحت ﺍﻷﺭﺽ ﻭهلك، وعادوا إلى ديارهم وكأنهم يستعجلون موته، فقسَّموا الأموال بينهم، وقال أوسطهم أتذكرون الناقة التي أهداها والدنا إلى جارنا الفقير؟ دعونا نأخذ بعيراً أجْرب ونُعطيه إيَّاه ونسترد الناقة، وبالفعل ذهبوا إلى جارهم وطلبوا منه أن يرَُدَّ الناقة ويأخذ بدلها البعير، فقال لهم: "إنَّ أباكم أعطاني إيَّاها"، فقالوا: "إنَّ أبانا مات"، قال: "وكيف مات؟"، قالوا: "ﺩﺧل دحلاً ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﻭلم يخرج"، ﻗﺎﻝ: "ﺍﺫﻫﺒﻮﺍ بي ﺇﻟﻰ هذا الدحل ﺛﻢَّ ﺧﺬﻭﺍ ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ ﻭﺍﻓﻌﻠﻮﺍ ماشئتم ﻭﻻ ﺃُﺭﻳﺪ جملكم"، ﻓﻠَّﻤﺎ ﺫﻫﺒﻮﺍ به ﻭﺭأى ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺧﻞ ﻓﻴﻪ صاحبه ﺍﻟﻮﻓﻲ ذهب وأحضر حبلاً وأشعل شعلةً ﺛﻢَّ ربطه خارج "الدحل" ﻓﻨﺰﻝ ﻳﺰﺣﻒ ﻋﻠﻰ ﻗﻔﺎﻩ حتى ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ مكان يحبو ﻓﻴﻪ ﻭﺁﺧﺮ يتدحرج معه وشمَّ رائحة الرطوبة تقترب، ﻭﺇﺫﺍ به يسمع أنيناً فأﺧﺬ ﻳﺰﺣﻒ ناحية الأنين ﻓﻲ الظلام ويتلمَّس ﺍﻷﺭﺽ، ووقعت ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻰ طين ﺛﻢَّ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺟﻞ فوضع يده ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ حيٌّ يتنفَّس بعد أُسبوع ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻴﺎﻉ، فجرَّﻩ ﻭﺭﺑﻂ ﻋﻴﻨﻴﻪ ثمَّ أخرجه معه خارج "الدحل" وأعطاه ﺍﻟﺘﻤﺮ ﻭسقاه ﻭحمله ﻋﻠﻰ ظهره وجاء به ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭﻩ، ودبَّت ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ، ﻭﺃﻭﻻﺩﻩ ﻻ يعلمون. دحل «أبو صالات» في الصمان منظر علوي لغار «ابن شعلان» دحل «أبو مروة» في الصمان أعضاء الكشافة داخل غار «أبو قاطور»