في يوم الاثنين 26/6/1426ه رحل مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله وفي وفاته تكون المملكة العربية السعودية وجميع الدول الإسلامية قد خسرت ملكاً زعيماً وحاكماً عظيماً وسياسياً قوياً حكيماً حليماً وصاحب نظرة بعيدة لا تشغله هذه النظرة عن صغائر الأمور والاهتمام بها لأنه كان يتسم بالتسامح ولين الجانب وهذه السمات من سمات الخلفاء الراشدين ورجال الدين. فكان أباً للصغير وأخاً للكبير يوليهم كل اهتمامه ورعايته رغم انشغالاته التي لا تنتهي فكان يعلّم ويعالج ويوظف ويرعى الأيتام والمساكين، فكم يتيم كان له أباً وكم مريض ميئوس من علاجه كان سبباً في شفائه وكم من طالب وصل إلى الشهادات العليا برعايته داخل وخارج المملكة. ومنذ فترة حكمه التي مضى عليها حوالي 25 عاماً كان يتحمل الشيء الذي لا أحد يقدر على تحمله فهو يعمل جاهداً بكل تفان ودون كلل في نهضة هذه البلاد إلى ان وصلت ما وصلت إليه الآن من رقي وتقدم. وكذلك بذل كل جهد ممكن لخدمة الدول الإسلامية والعربية والدول الأخرى والقضايا الدولية التي كانت عبئاً كبيراً عليه رحمه الله فقد أخذ موضوع تحرير الكويت كثيراً من صحته والذي أثنت عليه كل دول العالم أهمها الحكومة الكويتية قيادة وشعباً جزاهم الله كل خير على تقديرهم لهذه الوقفة. وكذلك عمل على نشر الإسلام في الدول المسلمة وغير المسلمة فكان أكبر عمل سجله التاريخ لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله هي تشييد التوسعات الكبيرة في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وطباعة المصحف الشريف ونشره وترجمته بجميع اللغات. وكذلك عمل على إنشاء المراكز الإسلامية والمساجد في الخارج فقد شاهدت هذا بنفسي عندما كنا في الولاياتالمتحدة في رمضان وذهبنا لصلاة التراويح في أحد المراكز الإسلامية التي أقامها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله هناك فكان عبارة عن مسجد ومركز للندوات الإسلامية وتحفيظ القرآن الكريم من جيبه الخاص وأثناء وجودنا في المسجد تبادلنا الحديث مع بعض النساء المسلمات الأجانب فكانوا يلهجون بالدعاء لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد يرحمه الله لما يوليه لهم ولغيرهم من اهتمام في نقل الدعوة الإسلامية إلى الغرب اسأل الله العلي العظيم ان يجعلها في موازين أعماله وان يجزاه عنا وعن الأمة الإسلامية كل خير وان يظله الله في ظله يوم لا ظل له إلاّ ظله. اللهم أرحمه برحمتك يا أرحم الراحمين وارفعه واجعل كتابه في عليين ونقه من الذنوب كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وانقله من ضيق اللحد ومراتع الدود إلى جنات الخلود في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود. وأخيراً الحديث عن خادم الحرمين الشريفين رحمه الله لا تسعه الأوراق ولا توفيه الأقلام والكلمات حقه فالوصف يقف أمامه عاجزاً عن التعبير والمشاعر تجوش تجاه ذلك الرجل الذي نذر نفسه وما له وصحته لخدمة الدين الإسلامي والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. وما علينا الآن إلاّ ان نتوجه بالدعاء لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله وولي عهده الأمين سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز بأن يحفظهم الله لنا وللإسلام والمسلمين ذخراً وان يجعلهم خير خلف لخير سلف وان يعينهم على حمل الأمانة وينصرهم على من عاداهم. اللهم علمهم ما جهلوا وذكرهم ما نسوا وافتح عليهم بركات السموات والأرض إنك سميع مجيب الدعوات. اللهم إني اسألك لهم قوة الحفظ وسرعة الفهم وصفاء الذهن واجعلهم أوفر عبادك حظاً في الدنيا والآخرة. وان تحفظ أبناء خادم الحرمين الشريفين وبناته وان يسيروا على نهج والدهم ويبروا فيه بعد موته لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينفع به وولد صالح يدعو له). وإن شاء الله ان أبناء خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله من الأبناء الذين يعرف عنهم حبهم للخير الله لا يحرمه رحمه الله مبرتهم له بعد وفاته. وأن يحفظ لنا الأسرة المالكة جميعاً من أبناء الملك عبدالعزيز رحمه الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله واخوانه وأبنائهم. وان يجبر مصابنا في حبيبنا وحبيب الأمة الإسلامية الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله {وإنا لله وإنا إليه راجعون}.