تعيش الأوساط التربوية والتعليمية حالة ترقب لوضع الوحدات الصحية المدرسية إثر صدور قرار مجلس الوزراء بنقلها إلى وزارة الصحة، بعد أن تنهي اللجنة المختصة والمكونة من التربية والصحة والخدمة المدنية وعدد من الجهات الأخرى عملها في نقل إدارة الصحة المدرسية، وعلى الرغم من مرور ما يقارب العام من تاريخ صدور القرار الذي حدد بداية العام المقبل لاكتمال النقل، إلاّ أنّ الرؤية ما زالت ضبابية إلى اليوم، وبعيداً عن إجراءات النقل التي يفترض أن تكون قد استكملت خطواتها؛ فإنّ تطلعات أولياء أمور الطلاب ومنسوبي التربية والتعليم كبيرة في تحسن خدمات وواقع الصحة المدرسية، خاصةً وأنّ وزارة الصحة هي معقل الطب وتمتلك أدوات الخدمة الصحية والطبية. آمال وتطلعات ويقدر عدد الوحدات الصحية المدرسية بحوالى (329) وحدة صحية للبنين والبنات في مختلف مناطق المملكة، ويتوقع أن تواجه وزارة الصحة تحديات متعددة في إدارتها وإشرافها على الوحدات الصحية، ككون معظم الوحدات الصحية المدرسية عبارة عن مبانٍ مستأجرة، إلاّ أنّه يعول على إفادة وزارة الصحة من الكوادر الصحية والمخصصات المالية المرصودة للوحدات الصحية المدرسية؛ مما يؤمل معه تقديم خدمات للطلبة والمدرسين بشكل أوسع وأفضل في تلك المراكز الصحية، كما يُنتظر أن تكون الصحة هي الجهة المخوّلة بصرف الإجازات العلاجية، من خلال مراكزها الصحية، وستتحقق الإفادة للطلبة والطالبات والمدرسين والمدرسات من نظام الإحالة للمستشفيات والخدمات المقدمة لها، حيث يتطلع المواطنون إلى توسيع الخدمات العامة والمتخصصة بجميع تخصصاتها المقدمة للطلبة والمدرسين. تأهيل المقرات وبارك عدد من منسوبي التربية والتعليم وأولياء أمور الطلاب والطالبات قرار تحويل خدمات الوحدات الصحية المدرسية إلى وزارة الصحة، الذي سوف يسهم في تأمين خدمات صحية متميزة –على حد قولهم- لمنسوبي التربية والتعليم، قياساً على الإمكانات البشرية والمادية في وزارة الصحة، وبالنظر إلى الخدمات المقدمة في مراكز الرعاية الصحية الأولية التي تتبع وزارة الصحة، والمستوى التي هي عليه الوحدات الصحية المدرسية حالياً، خاصة بعد تقلص الخدمات العلاجية واقتصار دورها على الجانب الوقائي في أبسط صوره، وحملت تمنياتهم تحقيق تطلعات الكثير من المستفيدين من خدماتها بتأمين كافة التخصصات، وإمدادها بالكوادر الطبية والفنية، وتأهيل المقرات، والتي سوف تنعكس بالإيجاب على مرافق وزارة الصحة بتقليل عدد المراجعين لها، كون الصحة المدرسية تخدم أعداداً كبيرة من الطلاب والطالبات. اكتفت ببرامج التوعية والتثقيف الصحي وعجزت عن توفير الخدمات العلاجية هدر مالي وبيّن "فيصل الفرساني" أنّ خدمات الوحدة الصحية المدرسية في تراجع كبير عاماً بعد آخر، لافتاً إلى أنّه تفاجأ بوجود طبيب عام واحد يخدم مدارس قطاع الشمال في "جدة" التي يتجاوز عدد طلابها البنين (43.000) طالب، وعلى الرغم من ذلك لم يجد في المبنى إلاّ عدد محدود جداً من المراجعين؛ مما يؤكّد على انصراف أولياء الأمور عنها بحثاً عن خدمات صحية أفضل في المستوصفات والمستشفيات الخاصة، موضحاً أنّها بوضعها الحالي تحولت إلى هدر مالي من دون أدنى مردود، متمنياً أن تتحسن أوضاعها بعد تحويلها لوزارة الصحة. خدمات متواضعة وطالب "على القحطاني" بسرعة الإنتهاء من إجراءات التحويل والإفادة من المبنى الذي يحتاج إلى القليل من اللمسات، وتأمين الأطباء المتخصصين والاستشاريين؛ مما سيسمح بتقديم خدمات متميزة لأبنائنا وبناتنا بعد إهمالهم طيلة الفترة السابقة، مبيّناً أنّه حين يراجع الوحدة الصحية المدرسية فهو يهدف إلى الحصول على تحويل إلى أحد المستشفيات، حيث الخدمات في الوحدات متواضعة. وحدات فرعية وتمنى "عقيل بلغيث" -معلم- أن تبادر وزارة الصحة في إنشاء ثلاثة مستشفيات في كل من "الرياض" و"جدة" و"الدمام" كنواة، وتستكمل سلسلة المستشفيات بعدها في كافة مدن المملكة، مشيراً إلى أنّ منسوبي التعليم يستحقون مثل تلك الالتفاتة، حيث أنّ المستشفيات تكون مواعيدها بالأشهر، إلى جانب تواضع خدمات الوحدات المدرسية، معتبراً أنّ واقع الوحدات الصحية المدرسية حالياً غير جيد، ويستدعي سرعة تحويلها للصحة لعلها تلقى العناية والإهتمام بعد التراجع الملحوظ في الخدمات العلاجية، لافتاً إلى افتقاد الوحدات الرئيسة للإمكانات البشرية من أطباء وممرضين وتجهيزات، منوهاً بتوفر جميع التخصصات قبل ما يقارب العشر سنوات حتى العلاج الطبيعي والأشعة، في حين لا تجد الآن أكثر من طبيب وصيدلي في الوحدات الفرعية. تخفيف معاناة ورأى "سعود الفايزي" -معلم- أنّ المعلم يستحق أن يكرم، كاشفاً عن استقطاع مبلغ كبير من راتبه التقاعدي لعلاج ابنه وابنته، اللذين يعانان من أمراض الدم الوراثية، مضيفاً: "لو وجدت مستشفيات أو على الأقل وحدات صحية يعمل بها استشاريون وأطباء متخصصون لأراحتنا كثيراً ووفرت علينا، وخففت من معاناتنا، كما أنّ الوحدة المدرسية متى ما اكتملت بها الكوادر البشرية تساهم في التخفيف عن المراكز الصحية والطورائ في المستشفيات". تقليص العيادات وناشد "علي الحارثي" -إداري بأحد المدارس- وزارة التربية أو الصحة أن تعيد للوحدة المدرسية مكانتها، مشيراً إلى أنّ الوحدة المدرسية كانت تغنيهم عن المراكز الصحية والمستوصفات؛ لتوفر كوادر جيدة، ويجدون فيها العلاج والعناية، ولكنها على حد قوله أصبحت شبه خاوية بعد تقليص العيادات والإبقاء على طبيب عام. جهد كبير وقالت "د.سونيا المالكي" -مديرة الوحدة الصحية المدرسية بتعليم جدة- "أشرف على تسع وحدات صحية، اثنتان للطالبات وأربع للطلاب داخل جدة ، إضافة إلى وحدتين صحيتين في محافظة رابغ، ووحدة أخرى بالبرزة بمحافظة خليص، يعمل فيها (90) كادراً من الأطباء والطبيبات والصيادلة والممرضين والممرضات، ولاشك أنّ دراسة موضوع ضم الوحدات المدرسية من قبل المختصين في وزارتي الصحة والتربية والتعليم ليس جديداً، فالعديد من الدول العربية والأجنبية تأخذ بنظام دمج الوحدات الصحية بوزارة الصحة، لكن عملية النقل ستحتاج إلى جهد كبير ودراسة متكاملة، تشمل كافة النواحي الفنية والتنظيمية والإدارية، التي سيتم من خلالها العبور إلى الوضع الجديد، بحيث تتم تلك العملية بسلاسة، والوحدات الصحية تستطيع تقديم خدمات أفضل عندما تتوفر إمكانات أكبر، ومن المهم تعزيز الثقافة الصحية في المجتمع، وغرس المفاهيم والقيم التي تحقق التوازن في حياته المعيشية وتحافظ على صحته الجسمانية والنفسية". جوانب وقائية وتوقع "د. وحيد الخميس" -طبيب في صحة الرياض المدرسية- من الوحدة الصحية عند انتقالها الى الصحة التحسن في خدماتها الصحية، من خلال تعزيز الصحة في المدارس، وتفعيل انطلاق الصحة من المدرسة عن طريق تطبيق ما جاء في قرار مجلس الوزراء من تفعيل دور ممرض المدرسة، الذي سيعمل على تعزيز الصحة داخل المدرسة، وهو الهدف الذي تعمل الصحة المدرسية على تحقيقه دائماً، معتبراً أنّ الصحة المدرسية حالياً مكلفة بالأعمال العلاجية كموروث تعارف المجتمع عليه، لكن في الحقيقة الجانب العلاجي للصحة المدرسية لا يتعدى التشخيص والتحويل إلى الجهات المختصة أو مباشرة الإسعافات الاولية للحالات الطارئة، والمتوقع لدى انتقالها الى وزارة الصحة أن تضع عن كاهلها ما يرهقها وليس مطلوباً منها، وتركز مجهوداتها وخبراتها في تفعيل الجوانب الوقائية في المدارس. دراسة متأنية وأبدت "د. ريم النهدي" -رئيس اللجنة الوقائية لصحة الفم والأسنان بصحة جدة- تخوفها من أن تتضرر اللجنة من نقل الوحدات المدرسية إلى وزارة الصحة، للتشابه الكبير في الخدمات المقدمة منها مع المراكز الصحية، مشيدةً بجهود القائمين على إدارة الصحة المدرسية في تعليم جدة وتعاونهم الكبير مع البرامج والمشروعات التي تنفذها اللجنة الوقائية لصحة الفم، مطالبةً بأن تتم الإفادة من تجارب دول الخليج التي نجحت في تأمين خدمات صحية وعلاجية متقدمة من خلال الوحدات الصحية المدرسية التي تتبع دائرة الصحة، من دون تداخل مع الخدمات المقدمة للمواطنين، مضيفةً: "مدينة جدة بها (60) مركزاً للرعاية الأولية ومع ذلك فنسبة الرضا عن خدماتها متدنية، فكيف نطالب بخدمة أفضل من الوحدات المدرسية التي لاتتجاوز (6) وحدات؟، فما يحدث حالياً هو هدر للوقت والجهد والمال، ولابد من دراسة متأنية لقرار النقل، وإقرار آلية يتفق عليها، تضمن تقديم خدمات طبية وصحية تليق بما يحتاجه طلابنا وطالباتنا". توفر الوحدات المدرسية الجهد على المستشفيات نجحت بعض مشروعات الوحدة التثقيفية يحتاج الطلاب إلى رعاية صحية مستمرة عقيل بلغيث علي الحارثي