قبل ثلاثة اسابيع من الانتخابات الالمانية، تواجه المستشارة الالمانية انغيلا ميركل منافسها في مناظرة تلفزيونية الاحد ستعطي مرشح الحزب الاشتراكي الديموقراطي بير شتاينبروك فرصة اخيرة لانعاش حملته الانتخابية المتعثرة. ويتوقع ان يشاهد ملايين الناخبين الذين لم يحسم العديد منهم رأيهم بعد، المناظرة التلفزيونية الوحيدة والتي ستبثها خمس قنوات تلفزيونية، بين المرشحين على قيادة البلد الذي يمتلك اقوى اقتصاد في اوروبا. وقال اولريخ فون اليمان خبير العلوم السياسية في جامعة دوسلدورف ان "المرشحين مختلفان عن بعضهما كثيرا.. فميركل، الطبيبة المتحدرة من المانياالشرقية، هي شخصية عملية وحذرة جدا وهادئة. وشتاينبروك شخص قوي وصاخب ويتمتع بروح السخرية ويحب الهجوم". وخلال حملته الانتخابية وجد شتاينبروك صعوبة حتى الان في التفوق على ميركل التي تعتبر اقوى زعيمة في اوروبا وتلقى الاعجاب داخل بلادها لقيادتها الرزينة خلال الازمة المالية التي مرت بها دول منطقة اليورو. وتعثر شتاينبروك الذي يفخر ب"صراحته" السياسية، بسبب هفواته التي دفعت الاعلام الى السخرية منه كما دفعت اعضاء حزبه الى انتقاده. وقال مايكل سبرينغ المستشار السياسي في برلين ان "هذه المناظرة هي بالتأكيد فرصة لشتاينبروك ليبدو اقوى من ميركل" الا انه اضاف انه "نظرا الى قيادة ميركل التي لا تقهر، فمن غير المرجح ان تغير هذه المناظرة مسار الحملة الانتخابية". وقد رسخت ميركل اقدامها في المنطقة الوسطية للسياسة الالمانية من خلال تبنيها سياسات يسارية وسطية اشتملت على قضايا من بينها رعاية الطفولة والطاقة النظيفة، ما حرم خصومها من تقديم افكار جديدة في المعركة الانتخابية وخلق حملة انتخابية خالية من الاثارة على غير العادة. ورفضت ميركل ذكر اسم خصمها علنا وكأنه غير موجود بالنسبة لها. وقال سبرينغ ان استراتيجيتها لم تعتمد على حشد انصارها المحافظين بل على شل القاعدة الشعبية للحزب الاشتراكي الديموقراطي. وقال سبرينغ ان "الهدف من ذلك هو اخماد تلك القاعدة وتهدئتها باطلاق حملة غير استقطابية وغير عدائية ولا تتسم بالمواجهة.. والفكرة هي جعل ناخبي الحزب الاشتراكي الديموقراطي لا يخرجون من منازلهم يوم الاقتراع". وبالنسبة لشتاينبروك فان "المناظرة تمثل فرصة لاضافة بعض الاثارة ورفع درجة حرارة الانتخابات حتى موعد اجرائها في 22 سبتمبر والتركيز على الاختلافات بين الحزبين ومحاولة ايقاظ الناخبين من سباتهم الصيفي". وبعكس المفهوم العام بان الحزبين الرئيسيين في المانيا ما بعد الحرب التقيا منذ فترة طويلة في الوسطية، فان برامجهما الانتخابية تختلف بشكل كبير، بحسب خبير العلوم السياسية هاجو فونكي من جامعة برلين الحرة. المستشارة تسير بخطى ثابتة نحو ولاية جديدة ما لم تطرأ مفاجآت (أ.ف.ب) واضاف ان الحزب الاشتراكي الديموقراطي وبدعوته الى تحديد الحد الادنى للاجور وتحقيق العدالة الاجتماعية، اصبح لديه الان "واحدة من أفضل الاجندات الاشتراكية الديموقراطية ربما منذ فيلي برانت" الذي تولى زعامة الحزب لفترة طويلة والمستشار الاصلاحي الذي تسنم السلطة في البلاد من 1969 وحتى 1974. ورغم ان ميركل هي على الارجح الاوفر حظا للفوز بالمستشارية لمرة ثالثة، فان السؤال الحقيقي الذي يدور حاليا هو عن شكل الائتلاف الحاكم الذي ستضطر الى تشكيله بموجب النظام البرلماني. واظهرت استطلاعات الرأي الاخيرة ان حزب ميركل "الاتحاد الديموقراطي المسيحي" حصل على 41% من الاصوات، وهو تقدم كبير على نسبة 22% للحزب الاشتراكي الديموقراطي و11% لحزب الخضر، الحليف المفضل للحزب الاشتراكي الديموقراطي. ولن يكون بالامكان تشكيل حكومة ائتلاف يسارية الا اذا تعاون الحزبان الاشتراكي الديموقراطي وحزب الخضر مع حزب "لينكي" اليساري المتطرف الذي حصل على 10% في استطلاعات الرأي، وهو السيناريو الذي استبعده الحزبان. ومن بين الاحزاب الاخرى التي يمكن ان تلعب دورا الحزب الديموقراطي الحر الذي حصل على نسبة 5%، وهو الحد الادنى المطلوب للدخول الى مجلس النواب. وفي حال خروج هذا الحزب من المنافسة، فقد تضطر ميركل الى تشكيل ائتلاف اوسع مع الحزب الاشتراكي الديموقراطي كما حدث في الفترة من 2005 حتى 2009 عندما كان شتاينبروك وزير ماليتها. وقال بنك بيرنبرغ في تقرير بشأن الانتخابات ان السيناريو الاكثر ترجيحا بنسبة 55% هو ان يفوز ائتلاف ميركل بولاية اخرى يليها تشكيل ائتلاف واسع باحتمال 25%. وقال البنك انه اذا لم يحدث ائتلاف يساري وهو احتمال لا تتعدى نسبته 15%، فان السياسات الالمانية لن تتغير بشكل اساسي لان حكومة ميركل اجبرت بالفعل بالتنازل الى الاحزاب الرئيسية المعارضة التي تسيطر على مجلس الشيوخ في البرلمان. وقال ان "المانيا اليوم يحكمها ائتلاف غير رسمي من جميع الاحزاب الرئيسية .. والانتخابات المقبلة لن تغير ذلك".