ليس هناك مصاب على الأمة يعادل فجيعته رحيل ولي أمرها.. وحين يكون الراجل هو فهد بن عبدالعزيز فإن المصاب أكبر والفجيعة أعظم.. فقد عشنا مع الفهد أربعة وعشرون عاماً حافلة بكل شيء على كالة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.. ولعلي - بحكم التخصص - أكتب عن الجانب الرياضي تاركاً لمن هم أقدر مني تسليط الضوء على الجوانب الأخرى.. فالفهد هو باني النهضة الشبابية والرياضية في المملكة.. بل إن المنجزات الرياضية لم تتحقق إلا في عهد (الفهد) وبدعم مباشر منه.. ولنضرب مثلاً بسيطاً بكرة القدم فالانجاز الأول كان التأهل لأولمبياد لوس انجلس 84 بعد عامين من تولي «الفهد» مقاليد الحكم لتتوالى بعد ذلك الانجازات ونسيطر على الساحات الخليجية والعربية والآسيوية ونصل بفضل وقفته المشهودة إلى العالمية.. إذ يروي «خليل الزياني» أن بعثة المنتخب قبل السفر إلى أولمبياد لوس انجلس تشرفت بلقاء الفهد فقال للطلاب من اللاعبين المكملين: «إذهبوا لأداء واجب الوطن وإذا عدتم ولم تجدوا من يختبركم الدور الثاني.. أنا أختبركم».. هكذا يتواضع الملوك فيملكون القلوب. ويقيني أن أهم دعم من الفهد للرياضة تمثل في ابنيه وحفيده الذين قدمهم لخدمة الرياضة والرياضيين.. أي تقدير لنا - معشر الشباب - أكبر من أن يمنحنا الملك ابنه الأكبر ثم يعزز بابنه سلطان.. وحين رحل فيصل عوضنا بالحفيد نواف فكان خير خلف لخير سلف. هنا أتوقف عند الابن سلطان والحفيد نواف.. وأقول والحزن يعصر الفؤاد.. أحسن الله عزاءكما وعظم أجركما وجبر مصابكما.. فالمصاب جلل والفجيعة تفوق الوصف. لقد فقدتما الأب والجد والملك وفقده معكما كل السعوديين والعرب والمسلمين. أكتب عصر اليوم وقد ذهبت بالأمس لقصر الأمير سلمان معزياً فلم أستطع الدخول من شدة الزحام فالكل حضر للتعبير عن عظم المصاب.. ووجدت كثيراً من الرياضيين فتبادلنا العزاء والقلوب والألسن تلهج بالرحمة لولي أمر المسلمين.. وسأذهب هذا المساء لعلي أتمكن من الدخول وسط الجموع الحاشدة.. أو أجد بعض العزاء في رؤية صورة معبرة أخرى للولاء الذي بنيت عليه أسس الحكم منذ عهد المؤسس. رحمك الله - أبا فيصل - فقد كنت لنا الأب قبل الملك رحمك الله - أبا فيصل - فقد كنت نعم القائد للمسلمين والعرب.. رحمك الله - أبا فيصل - رحمة واسعة، وجمعك في دار كرامة مع أبيك وابنك واخوانك.. وزاد بالصبر ايمان اخوانك وابنائك وأحفادك وكل هذا الشعب لك أخ وابن وحفيد.. وأسأل الله لنا ولهم أن يصح فينا قوله تعالى: {وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون}.