قد يختلف الشركاء أو المستفيدون على أمور لا تعود عليهم جميعاً بالنفع والفائدة، ولكن الصورة تتغير عندما يكون الكل مستفيدا فهنا يفرض الاتفاق نفسه، ويسعى الجميع إلى العمل معا، وإنجاح أي مشروع أو توجه أو فكر. الكل يعلم أن المملكة عانت وعانى معها العالم أجمع من أضرار وأخطار الإرهاب الذي لا يعرف زمنا محددا لتلاشيه أو زواله، ولا وطنا للنيل منه وتدميره. خلّف الإرهاب آلاف الضحايا ودمّر ممتلكات بالمليارات وتجرع العديد مرارة الخوف والتشرد والإبعاد. من هنا كان لزاما على الجميع توحيد الجهود على كافة المستويات والسعي الجاد لمطاردة هذا الإرهاب ومن يقف وراءه. نحمد الله أن المملكة سعت ونجحت في دحر الإرهاب وتعقب فلوله ومحاربته، ولا تزال الجهود مستمرة إلى اليوم. ومن تجربة المملكة ومعاناتها ورغبتها في أن يسود الأمن والسلام كافة أنحاء المعمورة قامت بالتواصل مع العالم الخارجي ومدت يدها إلى الأصدقاء مقدمة ما لديها من معلومات وخبرات تصب في حقل محاربة الإرهاب على كل المستويات. خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حمل لواء محاربة التصدي للإرهاب وجاء بمبادرة هي الفريدة من نوعها حين دعا إلى عقد مؤتمر دولي للإرهاب احتضنته المملكة عام 1425 ه، وخلال فعاليات المؤتمر أعلن، حفظه الله، عن دعوته إقامة مركز دولي للإرهاب يهدف إلى تبادل الخبرات وتمرير المعلومات بشكل فوري يتفق مع سرعة الأحداث، وتجنبها إن شاء الله قبل وقوعها. وقد تبرعت المملكة حينها بمبلغ عشرة ملايين دولار إسهاما منها في إقامة هذا المركز. منذ ذلك التاريخ والآمال معلقة بأن تكتمل عناصر إقامة المركز وبالتالي يمارس دوره المناط به وبما ينعكس على أمن وسلام دول العالم. ولكن مما يؤسف له أن حماس وتفاعل العديد من دول العالم لم يكن على مستوى المسؤولية، ولم تشهد الساحة أي فعاليات لهذا المركز المأمول، وكأن البعض استكثر المساهمة في الإنشاء، في حين فتر حماس البعض الآخر على الرغم من معاناته من ويلات الإرهاب. هنا جاء خادم الحرمين الشريفين كعادته في الوقوف مع كل مبادرة إيجابية، وفي تبني ومتابعة كل تحرك محلي أو دولي يهدف إلى إسعاد بني البشر. في كلمته، حفظه الله، بمناسبة عيد الفطر المبارك أعلن عن تبرع المملكة بمئة مليون دولار علها تكون سندا في تحمل تكاليف قيام المركز الدولي لمكافحة الإرهاب بعمله وتحقيق أهدافه، وبما يحفز الآخرين للقيام بواجباتهم تجاه المركز وأهدافه وهو، كما أشار الملك عبدالله في كلمته، واجب حتمي على كل من يرى في الإرهاب معول هدم يهدد أمننا وسلمنا العالمي، ومن يتخاذل في هذا الشأن فقد أحاط نفسه بدائرة الشكوك والتهم. الصورة اتضحت الآن وسيكشف المستقبل عن صدق نوايا وتوجهات الجميع، وكلنا أمل بأن تدرك دول العالم وقادتها أنه لا استقرار ولا أمن في ظل الإرهاب وأن دعم جهود مكافحته فرض عين على الجميع.