الاحتفال بالعيد وإظهار الفرح بهذه المناسبة العظيمة بشكلها الاجتماعي بدأت تتلاشى بشكل تدريجي في المدن؛ وصولاً إلى بعض القرى التي تكافح بقوة للحفاظ على هذه الصور الجميلة من العلاقات الاجتماعية خلال يوم العيد. ولعل من أهم أسباب تلاشي هذه المظاهر الاحتفالية بالعيد التي يفترض أن يشترك فيها أفراد المجتمع في المدن الكبيرة والصغيرة؛ هو أن هذه المناسبة تمر على الجميع والكل مغلق على نفسه أبواب منزلة، بدأً من ليلة العيد التي يقضيها معظم الأسر باستكمال التسوق المحموم في الأسواق مع ما يعانونه من زحام المواصلات وإرباك التحضير؛ ليأتي صباح العيد ومعظم الشباب والفتيات يغطون في نومٍ عميق ويمر صباح العيد ومعظم نهاره دون إظهار لأي معنى أو قيمة أو أهمية لهذه المناسبة، عدا ما يتم من علاقات التواصل الأسرية، ومثلها على نطاق ضيق مع بعض المقربين من الجيران الملاصقين، أما مظاهر الفرح التي يفترض أن يشترك فيها أبناء الحي فإنها شبه معدومة، ومن الملاحظ أن مما ساعد على طمس هذه الاحتفالات هو اختزال إظهار الفرح من خلال حفل رئيس يقام في موقع واحد أو موقعين في أقل الأحوال من المدينة يغلب عليه طابع الرسمية. وبالتالي كان لابد أن يعيد المجتمع لمناسبات الأعياد تلك القيمة السامية من التواصل والترابط وإظهار الفرح والانسجام مع البعض في برامج وفعاليات ومناشط ترفيهية واحتفالية متنوعة داخل الحي؛ تبعث على الفرح والسرور للاحتفاء والاحتفال بالعيد، عبر برامج يتم الإعداد لها بشكل مؤسسي يشرفها عليها فروع وزارة الشؤون الاجتماعية عبر مراكز الأحياء الاجتماعية، والهيئة العامة للسياحة والآثار والأمانات والبلديات وجميع الجهات التي من الممكن أن تسهم في دعم هذا المجهود تحت مظلة إمارات المناطق؛ لكي يكون لكل حي احتفاليته الخاصة بمجهوداته الذاتية المدعومة، وفي مواقع يخصص فيها أماكن للرجال والشباب والأطفال ومثلها أماكن مخصصة للنساء تقام فيها البرامج المنوعة والمسابقات، ولكي يكون هناك تنافس بين الأحياء في تقديم أفضل العروض والفعاليات والبرامج الترفيهية. مقومات النجاح وقال "سليمان الفايز" -مساعد المدير العام للتربية والتعليم ومدير جمعية الثقافة والفنون بمنطقة القصيم- أن فكرة إقامة احتفالات الأعياد داخل الأحياء لها مقومات نجاح عديدة لعل من أبرزها تفعيل الطاقات داخل الأحياء، وإتاحة الفرصة للموهوبين والمبدعين، موضحاً أن وجود مراكز التنمية الاجتماعية تعتبر عاملاً مساعداً في النجاح، بالإضافة إلى تفعيل أندية الأحياء التابعة لوزارة التربية والتعليم، وكذلك دور عمد الأحياء من خلال التواصل مع أئمة المساجد كعمل تنسيقي، وكذلك شباب الحي المتطوعين في اللجان العاملة، يضاف إلى ذلك تفعيل دور الأسر داخل الحي من خلال المنافسة والمسابقات المختلفة فيما بينها، كأفضل طبق شعبي، وأفضل زي شعب، كل هذه عوامل تجعل المنزل يتفاعل مع فعاليات الاحتفال بالعيد. تمويل الفعاليات وحول تمويل برامج وفعاليات العيد قال "الفايز" من المؤكد أن هناك برامج وفعاليات تحتاج إلى تمويل، وهنا يأتي دور القادرين والموسرين لكي يكونوا داعمين لفعاليات وبرامج احتفالات الأحياء بالعيد، وفي الوقت نفسه هناك برامج لا تحتاج إلى أي تكاليف مثل إخراج وجبة إفطار العيد من أُسر الحي، وإشاعة مظاهر الفرح بالعيد، وكذلك هدية العيد المتوفرة عن طريق اللجنة الرئيسة المنظمة للفعاليات التي تقدم مبالغ بسيطة في حدود خمسة آلاف ريال لكل حي، موضحاً: "لقد خاطبنا وزارة الشؤون الاجتماعية بهدف دعم برنامج (العيد في الحي) ضمن حزمة دعم تقدمها الوزارة لبعض البرامج، حيث تم هذا العام دعم اللجان الأهلية". أهمية الاحتفال وأضاف أن الهدف من الاحتفال بالعيد داخل الحي هو توفير عدة برامج أهمها إخراج وجبة إفطار العيد، وتزاور الأسر، وزيارة كبار السن والمرضى، والمسابقات بين الأسر ومن ذلك مسابقة (البيت الفرحان)، وهي عبارة عن منافسة بين البيوت لإظهار معالم الفرح من خلال تزيين واجهات المنازل بلمسات بسيطة وغير مكلفة لإظهار وإبراز طابع الفرح بالعيد، والأناشيد التي يقدمها الأطفال ولبس الملابس التقليدية لإظهار الفرح بالعيد. وأشار إلى أن دور الهيئة العامة للسياحة والآثار مهم فهي تدعم البرامج التراثية والحرف التقليدية، وهناك تنسيق معهم لوضع مثل هذه البرامج في روزنامة هيئة السياحة والآثار من حيث الدعم ونتمنى أن نجد من عندهم الدعم كفكرة وهدف. تجربة أولى وحول تطبيق فكرة الاحتفال بالعيد داخل الأحياء بمنطقة القصيم، قال "سليمان الفايز" المشرف على البرنامج، إن الفكرة عملت بشكل منظم وأعتقد أنها الأولى، حيث الاحتفالية بالعيد تبدأ مساءً بمسيرة (الحقاق) للأطفال، وفي الصباح يتم إخراج وجبة العيد من أسر الحي والمعايدة بين أهل الحي وزيارة المرضى وكبار السن في الحي، وفي مساء يوم العيد من بعد صلاة المغرب هناك فرق متنوعة وديوانية وعروض شعبية وشعرية متنوعة ومسابقات بين الشباب، وهناك برامج إظهار المواهب وبرامج ترفيهية متنوعة من حي إلى حي آخر، تستمر لمدة ثلاثة أيام. إشراف رسمي وأضاف أن فعاليات الاحتفال بالعيد في الأحياء تجري تحت إشراف جمعية الثقافة والفنون بالمنطقة، وبدعم من سمو أمير منطقة القصيم وسمو نائبه، كما تشارك بعض القطاعات الحكومية المعنية بتقديم المساندة مثل أمانة المنطقة، من خلال تجهيز مواقع الفعاليات من إضاءة وتسوية وتوفير بعض المستلزمات مثل الفرش والكراسي ومنصات تقديم فقرات الحفل وغير ذلك، كما تشارك في دعم هذه الفعاليات لجنة التنمية الاجتماعية التابعة للشؤون الاجتماعية، من خلال تقديم الدعم المالي للجان والدعم بكوادر بشرية تدير العمل في الأحياء، موضحاً أن الغرفة التجارية الصناعية بمنطقة القصيم قدمت مساهمة مالية لدعم هذه الفعاليات الاحتفالية داخل الأحياء. جهود ذاتية وحول دور رجال الأعمال قال "الفايز" إن اللجنة لم تخاطب رجال الأعمال لرغبة اللجنة أن تكون إدارة وتوجيه الفعاليات إدارة ذاتية تنبع من مجتمع الحي، مؤكداً على أن تحقيق نجاح هذه الخطوة سوف يكون نواة لتنشيط الاحتفاء بالمناسبات الوطنية والثقافية في الأحياء، متمنياً أن تكلل هذه الجهود بالنجاح والتوفيق حتى يشعر أبناء الأحياء بقيمة العيد ويستمتعوا بما يتم إعداده من فعاليات ومناشط تضفي مزيد من البهجة والسرور على سكان الحي بكافة فئاته. دور مراكز الأحياء واقترح "د. عبدالعزيز الشاوي" -رئيس مجلس إدارة حي الريان ببريدة- أن يتم ربط احتفالات الأعياد داخل الأحياء بمراكز اللجان المحلية للتنمية الاجتماعية أو ما يسمى بمراكز الأحياء، موضحاً أن هذه الاحتفالات تعتبر جزءاً أساسياً من مهام وعمل تلك المراكز، مشيراً إلى أن ما يسمى باللجان المحلية للتنمية الاجتماعية والتي انتشرت على مستوى المملكة تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية تؤدي جهوداً اجتماعية كبيرة ومشكورة في تلبية جميع الاحتياجات الاجتماعية، والتي منها الثقافية والرياضية والتربوية والترفيهية لجميع الفئات العمرية على مدار العام، وقد بدأت بعضها تتجه إلى إنشاء مقرات لها تتناسب مع أعمالها وطموحاتها، لافتاً إلى أن مركز حي الريان الاجتماعي ببريدة على سبيل المثال انتقل من مقره المستأجر بعد سنوات من العمل والخبرة ومعرفة الاحتياجات الرئيسة لمثل هذه المراكز بمقرات معينة ومواصفات خاصة للجنسين ولجميع الأعمار ولجميع المناشط، مثل الملاعب والمسابح والقاعات؛ مما اضطره إلى شراء موقع متميز بالجهود الذاتية والديون التي تجاوزت أكثر من ثلاثة ملايين ريال تنتظر الدعم من أهل الخير لتغطية التكاليف وسداد الديون والاستمرار في جهوده المباركة لخدمة الشباب والأطفال والنساء والفتيات، حيث يقام في هذا المركز أكثر من 100 فعالية خلال العام للجنسين، مؤكداً على أن هذه المراكز تعنى بالعمل الاجتماعي وتقديم الفعاليات الترفيهية والثقافية والاجتماعية لجميع الفئات العمرية للجميع من الجنسين. زيادة الدعم وقال "د. الشاوي" إن وزارة الشؤون الاجتماعية تقدم دعماً لبعض البرامج والأنشطة، مطالباً الوزارة بأن تزيد مشكورة الدعم لهذه المراكز، خاصة مع زيادة مهامها الاجتماعية ومنها احتفالات الأعياد والبرامج والفعاليات والمناشط الاجتماعية الأخرى التي تقام طيلة أيام العام وخلال المواسم، مقترحاً أن يكون المخصص من الدعم لك مركز حي لا يقل عن مليون ريال، مشيراً إلى أن معظم مراكز الأحياء في المملكة تمارس عملها من خلال مقار مستأجرة، وتدفع رواتب موظفيها، إلى جانب أن للجان العاملة تعمل بمكافآت، كما أن لكل منشط له مصاريف خاصة بالهدايا واستئجار مكان لتنظيم ذلك المنشط أو الفعالية. توحيد الجهود وأضاف "د. الشاوي" أن إقامة احتفال للعيد في كل حي يعتبر مكلفا وفيه تضييع للجهود والمال ولا يساعد على الديمومة، وبالتالي فإن مركز الحي بثقله الاجتماعي والإداري وقدرته على التنظيم، وخبرته بالحفلات فإنه يمثل الجهة التي ينبغي أن يناط بها هذا الأمر، حيث أن حفلات الأعياد تحتاج إلى تنظيم مالي وقدرة على إدارة الحفلات والمناسبات واستقطاب الشخصيات المهمة في إنجاح المهرجانات لفئات الشباب والأطفال والنساء والفتيات، بالإضافة إلى الخبرة والقدرة في التنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، كما أن هذه المراكز لديها لجان متخصصة بمثل هذه الفعاليات والأنشطة وتنفيذها ومن ثم دراسة الجوانب الإيجابية فيها واستثمارها وتجنب الجوانب السلبية في المرات القادمة. استقطاب الرعاة وأشار "د. الشاوي" إلى أن هذه المراكز لديها القدرة والاعتمادية والموثوقية على جذب الرعاة والداعمين وإبراز رعايتهم ومشاركتهم، بالإضافة إلى القدرة على إدارة التنسيق الإعلامي لإبراز هذه الجهود وتحفيز الآخرين للمساهمة في تقديم الدعم والمشاركة في التنظيم في إطار المساهمة الاجتماعية حتى يتم استقطابهم في المناسبات القادمة. تقييم الأداء وقال إن تنفيذ فعاليات ليالي العيد عبر مراكز الأحياء سوف يتيح الفرصة لإجراء تقييم من خلال إمارة المنطقة ووزارة الشؤون الاجتماعية لأبرز وأفضل مركز حي قام بإعداد فعاليات ناجحة ومتنوعة، وهذا يساعد أيضاً على تكريم المشاركين والرعاة والداعمين والمتميزين في فقرات ومناشط تلك الاحتفالات، مؤكداً على أهمية مشاركة الهيئة العامة للسياحة والآثار من خلال تقديم الدعم وتقديم المشورة والتقييم، متسائلاً لماذا نتجه إلى تشتيت الجهود والأفكار في موضوع جهة تنظيم احتفالات الأعياد ونحن لدينا جهات اسمها اللجان المحلية منتخبة من أهل الحي، ومعتمدة من قِبل وزارة الشؤون الاجتماعية، ولديها حسابات رسمية في البنوك تعطي المصداقية لمن أراد التبرع والمشاركة بعيداً عن عشوائية جمع التبرعات وصرفها؟، بالإضافة إلى أن هناك محاسب قانوني لدى كل مركز حي يتولى ضبط الإيرادات والمصروفات وتقديم التقارير المالية، إلى جانب التقارير الأخرى عن المناشط للداعمين والجهات المعنية. ملامسة المشاعر وقال "يزيد المحيميد" -مدير وحدة الإعلام بأمانة منطقة القصيم- أن التحول الحديث في احتفالات الأعياد وتحويلها إلى احتفالات شعبية داخل الأحياء والتجمعات، يعكس تفكير سليم عبر ملامسة مشاعر الناس بشكل أقرب، و هذا الأمر يقود إلى إظهار ملامح الفرح في مواقع جغرافية متعددة وبطرق شعبية محببة تستهدف وتصل إلى كافة شرائح المجتمع، وتعيد الذاكرة إلى حيث كان يفعل الآباء والأجداد في زمن مضى، ومواجهة لمؤثرات الحياة المدنية التي باتت العلاقات الاجتماعية تتلاشى فيها بشكل أو بأخر. شراكة جماعية وأضاف "المحيميد" أن إقامة تلك المناسبات الاحتفالية بشكل موزع على أحياء المدينة يعكس شراكة مجتمعية فاعلة بين سكان الحي والأجهزة المعنية بتنظيم تلك المناسبات، كما تمثل أحد أوجه برامج خدمة المجتمع لتلك الأجهزة، معتقداً أن هذا تطلع قائم لأفراد المجتمع يقابله مبادرات فعلية لتلك الجهات الحكومية، ومن هنا فإن الدور يبقى متحتماً على القطاع الخاص في المساهمة ودعم هذه المناسبات لإظهارها بالشكل المناسب، ومشاركة الناس في أفراحهم، بالإضافة إلى الدور الأساسي لمؤسسات المجتمع المدني بالمساهمة بالإعداد والتنظيم والمشاركة كلجان التنمية الاجتماعية بالأحياء، وقبلها الهيئة العامة للسياحة والآثار التي لا زلنا نتطلع منها المزيد من المخرجات. وأشار إلى أننا كمواطنين ننتظر أصوات ضحكات الأطفال ورؤية الابتسامات البيضاء منهم خلال أيام وليالي العيد السعيد، كما نتطلع إلى أن تساهم هذه الاحتفالات بتعزيز التواصل الاجتماعي بين الجميع، والمشاركة بالعادات الجميلة كتبادل هدايا العيد، ومشاركة الطعام صباح يوم العيد وغيرها من المظاهر القديمة التي اندثرت منذ زمن، وإطلاع الجيل الجديد على تلك المظاهر الغائبة. وقال:"نحن في القصيم على موعد مع تجربة جديدة هذا العام في الاحتفال بعيد الفطر المبارك عبر تفعيل دور الأحياء وإقامة الاحتفالات داخل كل حي، ومسيرات حدائية وغيرها يشترك في تنظيمها عدد من الأجهزة الحكومية"، متمنياً لهذه التجربة النجاح والتوفيق. حضور نسائي احتفاءً بالعيد وسط الحي أعاد البسمة والتواصل بين الجميع «أرشيف الرياض» حضور أطفال الحي للاحتفال يزيد من حجم التواصل مستقبلاً أطفال الحي متعة العيد ومظاهر الفرح التي لا تتوقف «أرشيف الرياض» تفعيل دور مراكز الأحياء يضمن نجاح تنظيم الاحتفال بالعيد مسابقات وجوائز تترك الفرح عامراً داخل الحي العيدية خلّصت وبقي الفرح بين الجميع حضور وترقب وتفكير بالجائزة