لقد اعتادت أذننا على سماع الاخبار والتقارير التي تفيد بقرب وصول انتاج النفط في العالم إلى ذروته. أي بمعنى أن الطلب المتزايد على الطاقة سوف يستنزف معه احتياطات العالم من الذهب الأسود لتصل على أثره إلى مستويات تأخذ بعده بالتراجع. وكان يضرب دائما المثل بالولاياتالمتحدة التي بدأ انتاجها للنفط بداية السبعينات يتقلص. ولكن مثلما نرى فإن تلك التنبؤات التي خوفنا منها لم تحدث حتى الآن. من ناحية أخرى فنحن إذا نظرنا إلى النتائج المترتبة على ذلك النفير الأعلامي المتعمد فسوف نجدها متعددة. ففي البداية لا يمكن أن لا نلاحظ أن هذه التوقعات الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية وكبار المحللين في العالم قد أدت إلى ارتفاع الاسعار على مصادر الطاقة. وهذه الزيادة قد أدت إلى ارتفاع عائدات البلدان المنتجة للنفط والغاز مثل بلداننا الخليجية وروسيا وغيرها. ولكن من دون فائدة كبيرة تذكر. والسبب يعود إلى أن البلدان المستوردة للطاقة ترفع أسعار صادراتها من السلع والخدمات بنسبة قد تتعدى الارتفاع الذي طرأ على أسعار النفط. ولهذا فإن ما تدفعه البلدان المستهلكة للطاقة للبلدان المصدرة لها يتم استرداده بل وأكثر عند تصدير السلع والخدمات اليهم. في المقابل فإن شركات النفط العالمية العملاقة السبع وورثتها قد جنوا من ارتفاع أسعار النفط والغاز عائدات خيالية. وهذا أدى إلى تصدر هذه الشركات القائمة في البورصات العالمية. فالقيمة السوقية لشركة اكسون موبيل قد وصلت إلى 417 مليار دولار منافسة بذلك شركة آبل. كذلك تعتبر شركة رويال داتش شل هي الأكثر قيمة في بورصة لندن. وهذا هو حال بقية شركات النفط العالمية الكبرى تقريباً. كذلك فإن التوقعات الكاذبة بقرب نضوب النفط قد أدت إلى البحث الجنوني عن مصادر الطاقة البديلة والى تطوير الآلات والمعدات المستخدمة في التنقيب عن النفط نفسه، بحيث أصبحت الآبار الجافة وغير المجدية مجدية. فمصادر الطاقة الجديد مثل النفط والغاز الصخري ما كان لها أن تظهر لولا ارتفاع أسعار مصادر الطاقة التقليدية. فولاية تكساس التي كانت تنتج عام 2009 ما يقارب 20% من اجمالي النفط في الولاياتالمتحدة قد رفعت مساهمتها عام 2013 إلى 34,5%. فإنتاج هذه الولاية الذي وصل هذا العام إلى 2,5 مليون برميل في اليوم من المتوقع أن يرتفع إلى مستويات جديدة تتعدى معها مستوى انتاج المكسيك، الامارات، العراق والكويت. ولهذا نرى الولاياتالمتحدة قد عادت من جديد ضمن قائمة أكبر منتجي الطاقة في العالم. وعلى ما يبدو لي فإن الأمور لن تتوقف عند الغاز الصخري وحده فهناك أيضاً هيدرات غاز الميثان التي تجري اليابان تجارب عليها. فإذا حالف الهيدرات نفس حض الغاز الصخري فإن اليابان وجنوب شرق آسيا سوف يصبحون من أكبر منتجي ومصدري مصادر الطاقة في المستقبل غير البعيد ربما. وهذا لا يفرحنا. فهذه البلدان على قائمة مستوردي النفط من بلدنا ومن الخليج. إذاً فنحن وفي ظل هذه المعطيات الخاطئة المتعمدة يفترض أن نسرع الخطى نحو الانتقال لاقتصاد متعدد المزايا النسبية حتى لا نجد نفسنا في يوم من الأيام القريبة ضمن قائمة طويلة من منتجي مصادر الطاقة رخيصة الثمن.