أرجو أن لا يمر علينا خبر إنتاج اليابان لغاز الميثان من الهيدرات شبه السائلة، على السواحل المقابلة لها مرور الكرام. فهذا الإنتاج التجريبي إذا ما كتب له النجاح من شأنه أن يؤدي ليس فقط إلى سداد احتياجات هذا البلد من الطاقة وإنما إلى تصدير الهيدرات إلى الأسواق. بل ان الأمور قد تأخذ منحى أخطر وذلك لأن هيدرات الميثان لا تتواجد فقط بالقرب من السواحل اليابانية وإنما في البحار والمحيطات الممتدة حول كافة البلدان. ولذا فإن التقديرات تشير إلى أن احتياط هيدرات غاز الميثان في العالم قد تصل إلى 700000 تريليون قدم مكعب. أي ما يزيد عن إحتياط الغاز الطبيعي بأكثر من 100 مرة. ولذلك فلا غرابة أن يطلق على هذا الغاز اسم الذهب الأبيض وذلك على أساس أن هيدرات اﻟميثان هي وقود ثلجي ﻗﺎﺑﻞ للاحتراق. إذاً فإن الذهب الأسود بعد المنافسة التي صار يتعرض لها من قبل الذهب الأزرق أصبح عليه أن يستعد لمواجهة خصم جديد هو الذهب الأبيض. وهذا أمر ليس سهلا خصوصاً للبلدان العربية المنتجة للنفط أعضاء الأوبك وبلدان مجلس التعاون على قائمتها. والسبب يعود إلى أن بلدان جنوب شرق آسيا واليابان والصين هي المستورد الرئيسي لمصادر الطاقة من الخليج. ففي عام 2010 استولت منطقة آسيا والشرق الأقصى على حصة الأسد من صادرات المملكة من النفط الخام وذلك بنسبة 64%. أما أمريكا الشمالية فإن نصيبها من صادرات نفطنا الخام في العام المشار إليه لم يتعد 18%. وهكذا فإننا والحالة هذه أمام تحد واضح. فنحن من جهة نخشى أن تؤدي الاكتشافات العلمية الجديدة في مجال الطاقة إلى تطور نوعي تصبح معه تكلفة إنتاج الغاز الصخري وهيدرات الميثان مجدية اقتصادياً من ناحية وأقل خطراً وتلويثا للبيئة من ناحية أخرى. فهذان الأمران إذا تم التغلب عليهما فإن ضغوط السوق سوف تزداد علينا. الأمر الآخر أن الغازات الجديدة سوف تنتج ليس في أفريقيا أو في استراليا وإنما في قلب أسواق شركائنا التجاريين. وهذا يعني أن نسبة نفطنا في ميزان الطاقة لتلك البلدان سيتعرض من جديد إلى الانخفاض. فمثلما نعرف فإن العالم منذ سبعينيات القرن المنصرم وهو يسير نحو زيادة الاعتماد على الغاز الطبيعي الذي ارتفعت نسبته في ميزان الطاقة العالمي من 19% عام 1980 إلى 24% عام 2010. وذلك على العكس من النفط الذي تقلصت مساهمته خلال الفترة المشار إليها من 43% إلى 34%على التوالي. وأعتقد أن المحرك لكل هذه الاكتشافات هو الأسعار المرتفعة لمصادر الطاقة التقليدية. فنحن ربما لو حسبنا صافي العائد علينا من مقص ارتفاع أسعار النفط المصدر وتضخم أسعار كافة السلع المستوردة فقد لا نجده كبيراً. فالسعر الحقيقي للنفط في هذه الحالة قد لا يتعدى 15 دولاراً للبرميل. ولهذا فقد يكون من الأجدى للبلدان المصدرة للنفط أن تعيد كافة حساباتها المتعلقة بأسعار صادراتها النفطية حتى لا تمول بصورة غير مباشرة الاستثمارات في مصادر الطاقة البديلة.