حملت لنا الأخبار نبأ مفاده أن شركة جنرال الكتريك قد توصلت إلى اكتشاف تكنولوجيا لحبس الكربون. وهذا خبر محزن وسار في الوقت نفسه. فهو محزن لأن منافس البترول الفحم سوف تزال القيود المفروضة على استخدامه بشكل واسع إذا تم حبس أكسيد الكربون المنبعث منه. والأمر ربما ينطبق حتى على الغاز الصخري وإن كان بنسبة أقل. خصوصاً في تلك البلدان التي تضع اتفاقية المناخ بمثابة عقيدة لها وعلى رأسها البلدان الأوروبية. أما البلدان التي تستخدم الفحم على حياء فإن يدها سوف تصبح طليقة أكثر مما مضى للتوسع في استهلاك الفحم وإنتاج الغاز الصخري على إثر الاكتشاف الجديد. وهذا كله سوف يكون على حساب النفط في ميزان الطاقة العالمي. ورغم أن عملية إنتاج ونقل وتخزين الفحم لا تتم بمثل تلك السهولة التي عليها النفط فإن ارتفاع أسعار هذا الأخير ربما تلعب لعبتها الكريهة ضده. إما المفرح في الخبر فإن تلك المصائد سوف تساهم في تحسن حالتنا الصحية. فالإحصائيات تشير إلى أن هناك 30 مليار طن متري من غاز ثاني أكسيد الكربون تنبعث في أجوائنا من كل أنحاء العالم كل عام نصفها عائد لاستخدام الفحم. ويكفي هنا الاشارة فقط إلى أن الولاياتالمتحدة التي لديها أكبر اقتصاد في العالم تستخدم الفحم لتوليد نصف ما تحتاجه من الكهرباء. فإذا أخذنا بعين الاعتبار اعتمادها المتزايد في السنوات الأخيرة على الغاز الصخري فإن ذلك يعني أن هذا الاقتصاد الضخم هو من أكبر اقتصادات العالم تلويثاً للبيئة. ولهذا فإن اكتشاف جنرال الكتريك سوف يخلص سكان هذه المعمورة من خطر المواد الضارة بالصحة التي تترتب على عملية استخدام المواد الكربونية كمصادر للطاقة. من ناحية أخرى فإن الاكتشاف المشار إليه يفترض أن يصب في مصلحتنا إذا أحسنا التعامل مع الموضوع. فحبس الكربون والتخلص منه سوف يجعل فرض الضرائب على النفط في البلدان المستهلكة أمراً لا مبرر له. فالدول المستوردة للنفط وخاصة البلدان الصناعية الكبرى قد استغلت موضوع نظافة البيئة لفرض ضرائب باهظة على النفط الذي تستهلكه وخصوصاً على مشتقاته. فإذا صح خبر اكتشاف هذه المصائد فإن الذرائع التي تعتمد عليها تلك البلدان من أجل الجباية سوف تصبح بلا مبرر. وهذا معناه أن النفط سوف يصل إلى المستهلكين النهائيين في البلدان الأوروبية وغيرها بأسعار تقل بكثير عن أسعاره الحالية. الأمر الذي من شأنه أعطاء النفط قدرة تنافسية إضافية. بقي هنا الإشارة إلى أن عملية تسويق هذا الاكتشاف لن تكون من الأمور السهلة. فصيد الكربون ومن ثم التخلص منه بدفنه في التربة يحتاج قبل أن يبدأ استخدامه التجاري إلى استثمارات ضخمة قد تصل إلى 2.4 تريليون دولار. فهل ذلك مجدٍ اقتصادياً؟ كما أن هذا الاكتشاف يحتاج إلى وقت حتى يتم تجربته والتأكد من فاعليته. ولذلك فمن هنا وحتى عام 2025 يحلها ألف حلال.