حقيقتان لا يستطيع أحد إنكارهما.. وهما تميز عقائدي وأخلاقي وسلوكي له صدارته الخاصة في أذهان كل قارئي التاريخ.. أولاً: إسلامنا.. لم يقم على بدايات سهلة.. ولم يحقق أهدافاً سهلة، بل إن معجزته الأولى.. بسبب جزالة الايمان.. هي كيف تحوّل ذلك التواجد القبلي المتباعد المفاهيم والعلاقات وتحكمه مثيرات حروب خاصة.. كان محاصراً لإبعاد بدائيات حياته بعيداً عن واقع الدول المجاورة له والمليء بأصناف البطش.. أتى الإسلام.. وكانت معجزة الرسالة السماوية عن طريق النبي محمد صلى الله عليه وسلم وجود تحول سريع.. جداً جداً.. ومن ذلك الواقع البدائي إلى ما عرف عبر مختلف المراجع التاريخية إلى وجود دولة فرضت عدالة التعامل مع المواطنة وفرض شرعيات الحقوق وتحويل الإنسان من قاتل كي يقتني إلى مؤمن يعطي نفسه ويعطي غيره.. تعدّدت الدول التي تعاقبت، لكن مبادئ الإسلام الأساسية لم يستطع أحد أن يتلاعب بها عبر فرض وجود مختلف منطلقات الإرهاب، كما لو كانت وسائل معيشة إسلامية.. الحقيقة الثانية.. أن من يريد أن يقرأ تاريخ المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها وحتى حاضرها لن يجد أنها وجهت في أي عام أو شهر كي تكون وسيلة عدوان ضد طرف إسلامي آخر.. لنترك الماضي البعيد ونراجع الدولة الثالثة السعودية.. عصرنا.. منذ الملك عبدالعزيز وحتى حاضرنا.. لم يحدث أبداً.. أن كانت المملكة طرفاً حاداً ضد استقرار دولة إسلامية أخرى.. لم يحدث أن تبنّت السلطة هنا أي أفراد جاهزين لممارسة عدوان غير معلن ضد مجتمع آخر.. وما هو تميز خاص أيضاً أن هذه الدولة لم تستخدم فئات من داخلها أو خارجها ضد فئة اختلفت معها في داخلها.. إن الملك عبدالله.. الرجل التاريخي العظيم فيما تضمنه خطابه الأخير من مفاهيم مثالية قد قدم واقع ما هو مطلوب من سلوكيات هي الإسلامية الأولى.. حماية الكل العربي والإسلامي، وليس الانقسام المتعدد عدوانياً ضد فئاته.. بأخلاقية عالية وعمق فكري لم يأت من فكر محترفي خصومات، وإنما من فكر رجل يعي أنه يقود مجتمعاً كامل الأمن، وبعيداً عن احتراف فئات الإرهاب.. ومع ذلك فهو بدوافع إسلامية وإنسانية عبر أفكاره المعلنة يدعو الإسلاميين والعرب لنبذ وسائل الإرهاب المتعددة المصادر وإلباسها ما هو إيهام كاذب لما تريده من مشروعية تواجد أو تدخل في كل استقرار آمن.. نادر جداً أن يتواجد في العالم رجل يعطي ليوم العيد منطلقاً عقلانياً نحو الآخرين في كل مكان بضرورة أن يواجه الإرهاب عبر تجمع سبق أن تمت المطالبة به عبر المركز الدولي لمكافحة الإرهاب.. يواجه جدية الكبح من انتشار هذا الانحدار بالإنسان نحو القتل أو احتراف الجريمة.. ونعرف أن الملك عبدالله هو الذي ساند البداية، ومنحت المملكة هذه البداية عشرة ملايين دولار، وكان ذلك في عام 2005م.. إن خطورة ما يحدث أنه ليس نتيجة سلوك محدد لدى دولة أو أخرى أو لدى حزب وآخر.. ما يحدث الآن مثّل انتشاراً جعل العديد ممّن تساقطوا من مسارات الانقياد للقوانين الدولية مرّروا - وبخبث قذر - هذا الأسلوب العدواني الشرس الذي يفترض عدم قبوله إطلاقاً في أي مجتمع متدين.. أياً كانت ديانته..