تحتفل الأسرة الدولية اليوم الأحد بفعاليَّات "اليوم العالمي لالتهاب الكبد الفيروسي"؛ لتوعية شعوب الأرض بحجم المُشكلة، والسلوكيَّات الشخصيَّة المُؤدِّية إلى انتقال العدوى وطرائق الوقاية منها، كذلك تسليط الضوء على التهاب الكبد (ب) و(ج) الذي أصاب (500) مليون شخص حول العالم، كما تسبِّب بنسبة (75%) من حالات تليُّف وسرطان الكبد في إقليم شرق المتوسط. ويموت أكثر من مليون شخص في العالم سنوياً؛ نتيجة مضاعفات الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي (ب) و(ج)، كما يُصاب شخص من كل (12) شخصاً حول العالم مع عدم وجود أعراض ظاهرة، وتكمن خطورة هذا الوضع في نقل العدوى للآخرين من غير قصد؛ نتيجة عدم اتَّخاذ الإجراءات الوقائيَّة اللازمة. وأكَّد استشاريون في أمراض وزراعة الكبد بالمملكة إلى وجود حوالي (200.000) حالة مصابين بفيروس الكبد (ج) المزمن، كما وصلت أعداد المُصابين بالفيروس (ب) إلى حوالي (500.000) حالة. مرض صامت وقال "د. إبراهيم حمد الطريف" - استشاري أمراض وزراعة الكبد بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالرياض: "يوجد بالمملكة العديد من المصابين بأمراض مختلفة في الكبد، وهؤلاء قد يزيد عددهم على مليون مريض، معظمهم لا يكتشفون إصابتهم بهذه الأمراض إلاَّ عند إجراء الفحوصات المخبريَّة الخاصة بالكبد"، مُوضحاً أنَّ أمراض الكبد من الأمراض الصامتة التي لا تظهر أعراضها إلاَّ في مراحل مُتقدِّمة، مُشيراً إلى أنَّ من أكثر هذه الأمراض شيوعاً: تشحُّم الكبد بسبب البدانة وعدم تنظيم السكر وارتفاع الكولسترول، لافتاً إلى أنَّ عدد المصابين بتليُّف الكبد بالمملكة غير معروف حتى الآن، بيد أنَّه عددٌ كبير يعكس مدى انتشار أمراض الكبد في هذا الجزء الجغرافي من العالم. وأضاف أنَّ السبب الرئيس لتليُّف الكبد هو البدانة أو السُمنة، إذ تتفوَّق على الفيروسات في هذا الجانب كمُسبِّب للمرض، ذاكراً أنَّه تمَّ اكتشاف أنواعاً عديدةً من الأدوية، التي تتحكَّم في نسبة انتشار الفيروسات أو القضاء عليها بالكُليِّة، وذلك خلال العقدين الأخيرين، مؤكِّداً على أنَّ البدانة في مُجتمعنا ستكون السبب الرئيس لتشحُّم الكبد خلال العقود القادمة، ناصحاً من كان لدية تشحُّماً في الكبد مع ارتفاع في نسبة إنزيمات الكبد بالاستشارة الطبية دون تأخير؛ لكونه مُعرَّضاً لحدوث تليُّفاً بالكبد على المدى الطويل. وأشار إلى أنَّه توجد حاجة ماسَّة لإجراء (500) حالة زراعة كبد في المملكة سنويَّاً، مُوضحاً أنَّ مجموع الحالات التي تُجرى لها عمليَّات زراعة كبد في المملكة بشكل سنوي حالياً هي أقل من (200) حالة، مُشيراً إلى وجود أكثر من (100) مرض تصيب الكبد عند الكبار، ومن أكثرها شيوعاً: الفيروسات الكبدية، والأمراض الوراثيَّة، وتشحُّم الكبد، إلى جانب الأمراض المناعيَّة، وكذلك السموم، ومنها: الأعشاب الطبيعيَّة والعقاقير الطبيَّة، لافتاً إلى أنَّ العقاقير الطبيَّة تتضمَّن أكثر من (200) نوع من الأدوية التي تُستخدم بالمملكة حالياً، إذ إنَّها تُؤثِّر في الكبد، مؤكِّداً أنَّ من أهم أسباب الإصابة بأمراض الكبد الإسراف في شرب الكحول، داعياً إلى إنشاء مزيد من مراكز علاج الكبد في مناطق المملكة المختلفة. وأفاد "د. الطريف" أنَّه بالإمكان تجنُّب العديد من أمراض الكبد - بمشيئة الله - عند تلقِّي التطعيمات اللازمة ضد فيروسات الكبد، والحرص على الاحتفاظ بوزن مثالي بعيدا عن البدانة، وعدم تعاطي الكحول، وممارسة الرياضة، إلى جانب عدم استخدام الأعشاب والخلطات الشعبيَّة والعقاقير قدر المستطاع، كذلك التقيُّد ببرنامج غذائي صحي غني بالخضار والفواكه الطازجة والخبز الأسمر، إضافةً إلى التقليل من استخدام الدهون قدر المستطاع، لافتاً إلى أنَّ مُعظم أمراض الكبد قابلة للعلاج في حال تشخيصها بطريقة صحيحة، وعلاجها في الوقت المناسب. فشل الكبد من جانبه أوضح "أ. د. محمد القحطاني" - استشاري جراحة الكبد والبنكرياس وزراعة الأعضاء، رئيس قسم زراعة الأعضاء بمستشفى الملك فهد التخصصي بالدَّمام - أنَّ زراعة الكبد هي عمليَّة لإزالة الكبد المريض واستبداله بكبد سليم، مُضيفاً أنَّه يتم إجراء هذه العمليَّة منذ أكثر من (38) عاماً، مُشيراً إلى وجود العديد من الأمراض التي قد تتسبَّب في تدمير الكبد، وبالتالي تُؤثِّر تأثيراً خطيراً في عمليَّة امتصاص الفيتامينات والمواد الغذائية، وتُؤثِّر أيضاً في عمليَّة التخلُّص من المواد الضَّارة، لافتاً إلى أنَّ المريض يحتاج لزراعة الكبد عندما لا يتمكن الكبد لديه من أداء وظائفه على أتم وجه "فشل الكبد"، مؤكِّداً أنَّ الكبد عندما يفشل في تحمُّل الحياة الطبيعيَّة، فإنَّ ذلك قد يؤدي إلى وفاة المريض. وقال إنَّ الفشل الكبدي ينقسم إلى فئتين، وهما: الحاد والمُزمن، ذاكراً أنَّه في حال حدوث الفشل الكبدي الحاد، فإنَّ كبد المريض يكون في حالةٍ طبيعيَّة ثُمَّ يُصاب بمشكلةٍ أو مرضٍ يؤدِّي إلى فشل حاد وتدهور سريع في وظائفه، كما أنَّ ذلك قد ينتج عنه في بعض الحالات غيبوبة تحدث بشكلٍ تدريجيّ، وتُشكل في هذه الحالة خطراً كبيراً على حياة المريض، إلاَّ إذا أُجريت له عمليَّة زراعة الكبد، مُرجعاً حدوث هذا النوع من الفشل الكبدي إلى التسمُّمات الدوائيَّة والالتهابات الفيروسيَّة. وأضاف أنَّ فشل الكبد المزمن ينتج عن عدَّة أسباب، ومن أهمَّها: تعاطي الكحول، والفيروسات "التهاب الكبد سي وبي"، وأمراض المناعة الذاتيَّة "التليف الكبدي الابتدائي، والأقنية الصفراوية المصلبة"، والأمراض الأيضيَّة "الاستقلابيَّة"، مُوضحاً أنَّ وظائف الكبد تتدهور في هذه الحالات بشكلٍ تدريجي، إذ ينتج عن ذلك ظهور بعض الأعراض المرضيَّة، ومنها: الاصفرار والتدهور العقلي، ووجود السوائل في البطن، ونزيف الجهاز الهضمي وسرطان الكبد، مُشيراً إلى أنَّه قد يحدث أحياناً أن يعمل الكبد بشكل معقول إلى حدٍ ما، ومع ذلك فإنَّ المرض قد يُسبِّب أعراضاً حادَّة، مثل: الحكة الشديدة، التي لا تستجيب للعلاج الدوائي أو الطبي، مُبيِّناً أنَّ هذه الحالة قد تكون سبباً لإجراء عمليَّة زراعة الكبد. زراعة الكبد وأشار "د. القحطاني" إلى أنَّ من أسباب عمليَّات زرع الكبد في البالغين تعود إلى حدوث تليُّف الكبد الناتج عن الالتهاب الكبدي المُزمن من نوع "بي"، الذي ينتشر في المنطقة الشرقية ومنطقة جازان، ويُعدّ السبب الرئيس لأمراض الكبد المُزمنة في المملكة، ونوع "سي"، الذي يُعدُّ الأكثر شيوعاً في الولاياتالمتحدة الأمريكيَّة، مُوضحاً أنَّ الالتهاب المُزمن قد يُسبِّب سرطان الكبد، وتليُّف القنوات الصفراويَّة الأوَّلي، وتصلُّب القنوات المراريَّة. وقال يتم الامتناع عن إجراء عمليَّة زراعة الكبد، في حال ظهر على المريض أيَّاً من الأعراض التالية، وهي: وجود أيّ نوع من أنواع الأورام الخبيثة في جسمه، ووجود أمراض خطيرة بالقلب أو الرئة أو الجهاز العصبي، وفي حال كان المريض متعاطياً للمُخدرات، وعند وجود عدوى نشيطة أو خطيرة لديه، موضحاً أنَّ هناك عددا من الاختبارات التي يجب البدء بها قبل إجراء عمليَّة زراعة الكبد للمريض، مُبيناً أنَّ التبرُّع بجزء من الكبد للمريض يتم عادةً من قِبل أحد أقاربه، مُفيداً أنَّه يتم تقويم المُتبرِّعين بحذر شديد جداً قبل عمليَّة التبرُّع، كما أنَّه يتم أخذ هذا الجزء من الكبد من أحد المُتوفين دماغيَّاً بعد أخذ الموافقات الخاصَّة. 700 ألف حالة مصابة بفيروس الكبد «سي وبي» بالمملكة.. والعدد يتزايد وأضاف أنَّ عمليَّة زراعة الكبد إجراء مُعقَّد يتمُّ عبره إزالة الكبد القديم واستبداله بآخر جديد، مُضيفاً أنَّ هذه العمليَّة تستغرق عادةً من ثمان إلى (12) ساعة، مُشيراً إلى أنَّ العديد من المرضى يعودون لمنازلهم بعد مرور أسبوعين على إجراء العمليَّة، وبالنسبة لمعظم المرضى فإنَّ الأمر يتطلَّب مرور مدَّةً تراوح بين تسعة إلى (12) شهراً لكي يتماثلوا للشفاء بشكلٍ تام، لافتاً إلى ظهور بعض المُشكلات لدى العديد من المرضى بعد الانتهاء من إجراء عمليَّة الزراعة، ومن ذلك: ظهور مُشكلات خاصة بالجراحة نفسها، مثل النزيف أو ضيق القنوات المراريَّة أو الأوعية الدموية المتصلة بالكبد، وهنا قد يتطلَّب الأمر تدخلاً جراحياً في بعض الحالات، إلى جانب عدم صلاحيَّة الكبد المزروع، أو عدم عمله منذ البداية نتيجةً لسوء نقله أو تخزينه، وهنا تبرز حاجة المريض إلى كبد آخر خلال أيَّام، وكذلك عودة المرض الذي دمَّر الكبد القديم من جديد ليُهاجم الكبد الجديد مُسبِّباً القليل أو الكثير من الضرر، إضافةً إلى الرفض الحاد، ويُمكن علاجه بالأدوية بعد أخذ خزعة من الكبد، والسرطان، إذ إنَّ بعض المرضى الذين خضعوا لعمليَّات زراعة الأعضاء يكونون معرضين لبعض أنواع السرطان، خاصةً سرطان الجلد، حيث تنتشر هذه السرطانات بمُعدَّلٍ أسرع من غيرهم من الأشخاص العاديين، ومن المُشكلات أيضا حدوث بعض المضاعفات الأخرى، ومنها: العدوى، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة الكولسترول، وهشاشة العظام. وعد عمليَّة رفض جسم المريض للكبد المزروع من أكبر المُشكلات التي قد يتعرَّض لها المريض بعد إجراء العمليَّة، مُضيفاً انَّه يتم عادةً إعطاء المريض بعض الأدوية المُثبِّطة للمناعة، وذلك بشكلٍ مؤقت أو على مدى حياة المريض؛ وذلك لمنع الجسم من رفض الكبد المزروع، مُوضحاً أنَّه يوجد نوعان من الرفض، وهما: الحاد والمزمن، مُشيراً إلى أنَّ كليهما يُمكن أن يحدث في أيَّ مرحلة، بيد أنَّ الرفض الحاد يوجد في أقل من نصف الحالات، وعادةً ما يحدث في الثلاثة الأشهر الأولى، بينما يحدث المُزمن في السنة الأولى، مُبيِّناً أنَّه يمكن الكشف عن الرفض عن طريق إجراء خزعة للكبد، إذ عادةً ما يستجيب بشكل جيِّد عند تغيير أدوية المناعة، كما أنَّ الكبد عادةً ما يكون أقل عُرضةً للرفض مقارنةً بالكلى والقلب، لافتاً إلى أنَّ عمليَّة الرفض يمكن ملاحظتها عبر ظهور بعض الأعراض على المريض، ومن ذلك: الرغبة في القيء، والحُمَّى، واصفرار اللون، مؤكِّداً أنَّ ما بين (80 و90%) من الأكباد المزروعة تظل تعمل بشكل جيد بعد مرور عام على عمليَّة الزراعة، أمَّا إذا لم يعمل الكبد الجديد بشكلٍ جيِّد منذ البداية أو تمَّ رفضه من قِبل الجسم فإنَّ الطبيب غالباً ما يُقرِّر حاجة المريض لعمليَّة زراعة أخرى، ذاكراً أنَّ مُعظم المرضى يعودون لممارسة نشاطاتهم اليوميَّة بشكلٍ طبيعي عقب إجراء هذه العمليَّة. عمليات زراعة الكبد في المملكة لا تزيد على (200) حالة سنوياً د. إبراهيم المطرف د. محمد القحطاني