ردة فعل رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان على ثورة 30 يونيو في مصر متوقعة ومنسجمة تماما مع انتماءات رئيس وزراء تركيا الأيديولوجية وطموحاته الشخصية، فالسيد أردوغان ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين وبذلك تكون خسارة الجماعة لحكم مصر خسارة للانتماء الواسع الذي ينضم السيد أردوغان تحت لوائه، أما السبب الآخر فيعد سبباً ذاتياً يتمثل في طموحه لأن يكون سلطانا عثمانيا جديدا في المنطقة. ما سبق استنتاج مبسط لردة فعل تركيا على ثورة الشعب المصري، ولو دخلنا في التفاصيل لوجدنا أن رئيس الوزراء التركي اجتمع إلى سفرائه بعد الثورة مباشرة من أجل الوصول للمنظمات الدولية لكسب تنديد دولي بثورة 30 يونيو، فكان رد سفرائه ان هذا التوجه يستحيل أن يتحقق دبلوماسيا ونصحوه بالعدول عن هذا الرأي، وفي الجانب الآخر في اسطنبول اجتمع ممثلو جماعة الإخوان الذين جاؤوا من كل بلاد العالم من اجل الوصول لخارطة طريق تنقذ شرعية الرئيس المعزول من اعتراض الشعب المصري عليها، تسربت وثيقة من اجتماع ممثلي الإخوان لوسائل الاعلام، وكان كل ما فيها يثبت أزمة الإخوان ولا يقدم حلا، وهذا امر منطقي ان لا يكون هناك حل لأن مواجهة الشعب لا تكون الا بقوة عسكرية مثل ما هو حاصل في سورية، وإذا انضم الجيش للشعب تحقق التغيير الذي يريده الشعب. فإرسال مشاعر الرفض لا ينتج عنها رفض ولا تحقق ضمانا لعودة شرعية تنازل عنها الشعب الذي منحها، فموقف دولة مهمة مثل تركيا ضد ثورة الشعب المصري ووصفها بالانقلاب جاء كموقف حزب "التنمية والعدالة" وزعيمه وليس موقفاً للشعب التركي الذي نصفه لم يكن مع توجهات السيد أردوغان.. رئيس وزراء تركيا أراد أن يثبت للعالم قوة جماعة الإخوان في المنطقة وتضامنها لكي يكسر إرادة معارضيه في الداخل، ويقدم إغراءات للخارج الذي خسر نصف رهانه على حكم الإخوان، وبدأ يعيد حساباته وفقا لما يشاهد على ارض الواقع، وطالب اعضاء الجماعة بالعمل وفق المتغيرات لا القفز عليها. فليس من المعقول أن يستمر رئيس في الحكم وهو يعادي الجيش والقضاء، ولا اعتقد ان هذه الفرضية غائبة عن رئيس وزراء تركيا، فوصول حزبه للحكم جاء نتيجه قوة هاتين المؤسستين واستقلالهما فهما فقط من يستطيع ان يضبط حزب السيد أردوغان إن اراد الانحراف عن قاعدة الدولة العلمانية، وفي مصر هاتان المؤسستان أول من خسرهما الرئيس المصري، فكيف إن نزلت هاتان المؤسستان عند ارادة الشعب فأي شرعية للرئيس ممكن أن تبقى؟ صحيح أن طموح السيد رجب طيب أردوغان ضعف في تحويل نظام الحكم في تركيا من نظام برلماني الى رئاسي، ويكون هو الرئيس، فذاك الطموح شبه المنتهي بعد سقوط الإخوان في مصر فقد خسر بخسارة الإخوان حكم مصر رافدا حيويا يدعم زعامته في المنطقة، ولكن ذلك لا يبرر ان لا يعترف وريث السلطان العثماني بوطنية الجيش المصري وسلامة توجهاته، ولا ينكر أيضا على الشعب المصري ارادته الحرة في اختيار من يمثله، إلا إذا كان يعد أن تحرك الجيش المصري ومعه الشعب المصري يشبه عمل الكاميرا الخفية لا يمت للواقع بصلة، فعلى السيد أردوغان أن يعترف أن الإخوان فشلوا في حكم مصر مثل ما اعترف بعض اقطاب الجماعة او المقربين منهم مثل الكاتب الاسلامي فهمي هويدي الذي قال: "إن الجماعة تقف وراء فشل الرئيس مرسي"، وإن لم يعترف بذلك فعليه تحمل هتافات الشعب المصري التي تقول: "أردوغان مصر للشعب مش للإخوان".