قد يكون القطاع الوحيد الذي استطيع انتقاده دون أدنى شعور بتأنيب الضمير هو قطاع المرور. ذلك أن التقصير في هذا القطاع واضح بصورة مزعجة للجميع لا تدع لديك مجالا لالتماس الاعذار. لم يمر -حسبما اذكر - على المواطن السعودي وقت اصبح الاستهتار بقوانين السير وتجاوز الاشارة الحمراء وارتكاب المخالفات امام رجل الامن بهذا الشكل الذي نعيشه الان. اذ اصبح رجل المرور يجلس في سيارته بتململ"تأدية واجب" فقط ! ولن ترى واكرر بكل ثقة لن ترى في اماكن الاختناقات المرورية في شوارع العاصمة رجل مرور يترجل من سيارته ليقوم بتنظيم السير وهو الامر الذي يعد من بديهيات عملهم. لقد أصبحت المخالفات ترتكب بكل بساطه و"ببجاحة"، بل إن "ضعف التواجد" الذي يعاني منه المرور ادى الى تطاول العمالة والاجانب، فأصبح من الشائع ان ترى سائقين آسيويين يقودون سياراتهم بسرعة جنونية او يعكسون السير او يقفون بشكل مخالف.. ولم لا ؟ فهم يعلمون انهم يقودون سياراتهم في شوارع تكاد تخلو من صرامة تطبيق النظام، في حين نجد دولا مجاورة تضرب بيد من حديد على المخالفين فالكويت الشقيقة مثلا سنت قبل فترة وجيزة قانونا يقضي بتسفير أي أجنبي يثبت استهتاره بقوانين المرور! قد يعتذر البعض للمرور بقلة عدد افراده، وهذا عذر غير مفهوم، فإن كانت مشكلة المرور قلة الكوادر فلدينا سيل هادر من الشباب يتمنى ان ينضم الى القطاع الامني كما ان بإمكاننا ان نقضي على البطالة بهذا العمل. من الممكن ايضا التعاقد مع شركة يكون عملها معاقبة المخلين بقواعد السير بالمخالفات كما يحدث في جميع دول العالم، حيث لم يعد المرور هو المسؤول عن اعطاء المخالفات للوقوف الخاطئ او ارتكاب جنح مرورية بل المخول بذلك هو شركة متخصصة تقوم بتوزيع المخالفات دون الحديث مع المخالف عبر تصوير مخالفته كدليل مادي ورصدها فقط. لا اريد ان يبدو حديثي عن المرور سوداويا لكن ما يحدث في شوارعنا هو انتهاك فاضح لقواعد استخدام المركبات والمخالفات التي تشاهدها لدينا هي السبب في العدد الهائل من حوادث المرور اذ بحسب آخر الاحصائيات يموت شخص واحد كل ساعة ونصف في المملكة بسبب الحوادث! قطاع المرور بحاجة الى تنشيط ولو لم يكن كذلك لما وجدت رجل المرور يجلس في سيارته غير مهتم بما يحدث حوله ولا نجد له نشاطا يذكر في الترجل من سيارته والوقوف في الشارع لتنظيم السير! بل ان المخالفة تقع امام عينيه ويصد كأن لم يرها! ورغم المحاولات الخجوله التي قام بها المرور مؤخرا في وضع رجل امن عند بعض المطاعم التي تعاني من ازدحام الا انه لم يتغير شيء، ذلك ان هيبة القانون تحتاج الى صرامة وليس الى رجل أمن يستجدي المخالفين تحريك سياراتهم. وأخيرا بإمكان هذا القطاع الذي يعاني من سخط عام من قبل الناس ان يعيد للقوانين هيبتها عبر نشر رجال المرور في شوارع العاصمة وعبر تفعيل القوانين الصارمة مثل نظام النقاط ورفع قيمة المخالفات وتوزيعها بسخاء على المخالفين كما يجب ان يكون رجل المرور متواجدا في الميدان واقفا على قدميه يحرك السير ويأمر وينهى ويؤدي عمله اذ لن نستفيد منه وهو قابع خلف مكيف سيارته ترتكب المخالفات امامه ويغض طرفه كأنه لم يرها! نتحدث هنا ايها السادة عن قطاع هام وحيوي وخطير.. قطاع يؤدي التكاسل والتراخي في تطبيق قوانينه الى ضياع ارواح طاهرة ونأمل ان يقرأ المسؤولون في هذا القطاع ما ورد في هذه الاسطر وان يقوموا بتغييرات يشعر بها الناس ويشكرونهم عليها كما حدث مع امانة مدينة الرياض ووزارة العمل التي انتفضت وبدأت العمل بجدية شكرها عليها الناس جميعا.