وتنضج وردة بعد خروجها من التجربة بأغنية "بعمري كله حبيتك"( 1984) لحسين السيد ومحمد عبد الوهاب لتخلص إلى قدرية أمور الحب في حلوها ومرها. لعل هذا التصالح مع الذات سهل لها استئناف التعاون الفني مجدداً مع بليغ حمدي في أغنية "من بين ألوف" (1986) التي توحي في برودتها العاطفية محاولة بليغ حمدي لبس عباءة ألحان سيد مكاوي التي علت نجاحاتها آنذاك من بعد انفصالهما وشكلت مرحلة جديدة بالنسبة لوردة غنائياً وهي سلسلة أغنيات جميلة بعد أن انطلق معها بأغنية "أوقاتي بتحلو" (1976) وأغنية "ولو إنك يا حبيبي بعيد" (1978) استأنف مجدداً بأغنيات أخرى "قال إيه بيسألوني (1980)، قلبي سعيد، شعوري ناحيتك (1981)، بحبك صدقني (1983)". ورغم أن وردة ستسجل قصيدتين "حب الحبيب، ووعد الحبيب" (1987) من شعر مانع سعيد العتيبة غير أنهما يؤكدان حتمية الانفصال الفني لازم للإنساني. وهو ما نقل بليغ حمدي نحو التوغل إلى ذاكرته فكتب ولحن رسالة جديدة "أنا بعشقك" (1988) في غربته بعد صدور حكم مجحف بحقه في تهمة مدبرة لتحطيمه فنياً وإنسانياً، وبعدها وضع لحن أغنية "ثلج ونار" (1989) الذي عالج موضوع الغيرة غير أنه كان أضعف ألحانه للحناوي. غير أنه سيتجدد الدم في عروقه عندما قدم طعناً في الحكم ونال براءته فعاد إليه نشاطه الفني ليقدم رائعته "الحل الوحيد" التي كشفت له اعترافه بالندم وهذا ما جعل يكمل أغنية "بودعك" ليقدمها ذات العام مع وردة لتكتمل تلك "المراسلة الغنائية" التي كانت ملهمتها وردة وكان صداها في أوتاره. وهو يعترف أنه كان ضلعاً في نهاية تلك العلاقة الممكنة الاستمرار ولم يكن. فيقول "خرجت من تجربة طلاقي لوردة بأن الإنسان أحياناً يكون عنيداً مع نفسه بدون داع أو تفكير" (أيمن الحكيم، موال الشجن، 2013). ورغم أن وردة خاضت مرحلة جديدة في حياتها المهنية مطلع التسعينيات بعملها مع الملحن صلاح الشرنوبي في مجموعة "بتنوس بيك" (1992) ثم كانت في حالة خصوبة غنائية عام 1993 لتقدم ثلاث مجموعات دفعة واحدة "حرمت أحبك" مع صلاح الشرنوبي، و"بحر الحب" مع أمير عبد المجيد، و"سيبوه" مع أبو بكر سالم فداهمها فترة تسجيل المجموعة الأخيرة خبر وفاته في باريس. ويبدو أن وردة لم تنس أن تكتب بنفسها تلك الحكاية ففي أثناء تحضيرها لفيلم "ليه يا دنيا؟" (1994) وضعت أغنية "خليك معايا" تلخص فجيعة وردة بالفقد. "قلبي بينبض في صدرك/ وروحي وردة ف إديك/ غمضة ليه يا حبيبي حياتي نجمة ف عنيك"..