خلقت من بليغ حمدي تجربة الانفصال شاعراً ليقول ما لا يستطيع أن يقوله الشعراء الآخرون، بعد تأكده من اختفاء وردة من حياته رغم أنه ظل لأعوام لم يتمكن من تجاوز صدمته، فيما ترك الانفصال جرحاً كبيراً عند وردة. وهذا ما يتضح عند الأعمال التي صدرت بين عامي 1980- 1986، وهي المرحلة الأولى التي تشكل العلامة الكبيرة لما بعد علاقتهما: الصدمة والجرح. ففي حين كان يرعى صوت سميرة سعيد وميادة الحناوي تلك السنة عام 1979 ليتخطى فترة الانفصال وضع لحن أغنية "فاتت سنة" (1980) التي تطلق شرارة "المراسلة الغنائية" بينهما كأنما يتوهم عودتها لكن وردة أطلقت عملاً كبيراً مع أستاذها رياض السنباطي في قصيدة "يا حبيبي"(1980) للشاعر إبراهيم عيسى، التي حملت رمزية كبيرة من تحطم المعبد (بيت الزواج)، وتذكر ليالي السعادة، وقرار الرحيل. وهو ما دفع بليغ حمدي لكتابة قصة الحب في أغنية "الحب اللي كان"، ولا يواجه حدث الانفصال بل يلوم الزمن وأهله، ويسكن دور الضحية. وفي فترة تحضير وردة فيلم "قضية حب" عام 1980 ولم يكتمل؛ لخلافها مع المخرج وتوقف العمل لوفاة المنتج فاستعانت بالأغنيات لتكون أعمالها على المسرح، فاختارت أغنية حملت عنوان الفيلم، كتبها حسين السيد ولحنها محمد الموجي لتكون اعترافاً صارخاً بينها وبين نفسها لاتخاذ أمر الانفصال رغم صعوبته، ومحاولة تبرير خطأ بليغ نحوها، وقناعتها بأن للحب عمر وينقضي. وقد كانت هناك فرصة لعودة التعاون بينهما مجدداً في أغنية "مش عوايدك"(1983) غير أن وردة تبرر أنه أعطاها ميادة الحناوي نكاية بها تلك الفترة، ولكنها تحمل الأغنية موضوعة الصدمة والإنكار لحالة الفقد، وربما فضل بليغ حمدي أن يكون العمل مرسلاً إليها لا مرسلاً منها! وتجددت فرصة تلك "المراسلة الغنائية" بينهما بأغنية "أكدب عليك" (1983) التي كتبها مرسي جميل عزيز، ولحنها محمد الموجي التي تضع "موت الحب" موضوعها الأساسي، وهو ما دفع بليغ حمدي إلى أن يتحول بعد تلك الصدمة إلى مرحلة الحنين والتصالح ليحاول أن يؤكد قيمة الوفاء والخلود لحبهمها في أغنية" أول وآخر حبيب" (1984) بينما سيجدد من تلك الصدمة في أغنية رائعة "سيداتي آنساتي" (1986) مع سميرة سعيد.