ضمن سلسلة اللقاءات الدورية التي تنظّمها مؤسّسة الفكر العربي في مقرّها في بيروت، عقدت المؤسّسة لقاءها الثاني أمس الأول تحت عنوان "الشباب والرقمنة: تطوير أم عجز في النموّ الاقتصادي؟" وذلك بمشاركة خبراء ومختصّين، ناقشوا دور الرقمنة في تحفيز النموّ الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة، ومساعدة صانعي السياسات على وضع الخطط المدروسة، خصوصاً وأن الرقمنة أسهمت بنحو 193 مليون دولار أميركي في الناتج الاقتصادي العالمي، وفي خلق 6 ملايين وظيفة على مستوى العالم خلال العام 2011، بحسب تقرير لشركة "بوز آند كومباني". وقد تحدث بداية مؤسّس شركة Julythirteen للاستشارات والتدريب زياد حمدان، موضحا أن الرقمنة التي بدأت في السبعينيات استحوذت على الجزء الغالب من حياتنا اليومية، إذ أصبح هناك 6,8 مليارات موبايل، و96 % من سكان العالم موصولين بالإنترنت، في حين يوجد 40% من المستخدمين موصولين بالإنترنت على شبكة الهاتف الثابت. ولفت إلى وجود 77% مستخدم متّصل بالإنترنت من العالم المتطوّر، و31% من الدول الناشئة، مشيراً إلى أن عدد مستخدمي الإنترنت من الرجال هم 41% في حين أن عدد مستخدمي النساء هو 37%، علماً أن نسبة 2% من النساء هم الأقل في الدول المتقدّمة، بينما 16% من النساء هم من الدول الناشئة. ولفت حمدان إلى أن الإنترنت لم يعد من الكماليات في عصرنا الحالي، أكّد أن دور الرقمنة تجاوز الخدمات إلى تقوية وإدارة المعلومات والإسهام في تغيير حياتنا بشكل جذري، خصوصاً بالنسبة إلى الجيل الجديد. وأشار إلى أنه من أصل 360 مليون شخص يتحدّثون العربية، هناك 60 مليونا منهم يستخدمون الإنترنت فقط، ويوجد 1.1 % من المحتوى العربي على الإنترنت، في حين أنه من أصل 350 مليون متحدّث باللغة الفرنسية، يوجد 60 مليونا منهم متّصل بالإنترنت. وقدّم أستاذ اللسانيات والمعلوماتية في الجامعة اللبنانية الدكتور غسان مراد مداخلة، أكّد خلالها أننا نعيش مرحلة حتمية تكنولوجية، مما يفترض أن خلق فرص عمل يحتاج إلى خلق علوم تواكب هذه التغيّرات.. مؤكدا على ضرورة التفكير بالنظريات التربوية الحديثة التي تتماشى مع التطوّر التقني، والعمل على نظريات اللغة وسلوكيات الأطفال الذين تتعامل أدمغتهم مع هذه الوسائل بطريقة مختلفة، ومساعدة الجيل الجديد على فهم التكنولوجيا بشكل أفضل. كما تحدث المستشار في الرقمنة والمعلوماتية فادي بزري عن الرقمنة وتأثيرها على سوق العمل، وخلق شركات جديدة تعمل في مجال الإنترنت. وأشار إلى أن الرقمنة أسهمت في زيادة الإنتاج العالمي بنحو 200 مليار دولار وخلقت 6 ملايين فرصة عمل جديدة، مشيرا إلى أن الابتكار يلعب دوراً رئيساً في عملية الاستثمار يصل إلى مليارات الدولارات. من جانب آخر وصف مهندس نظم المعلومات الجغرافية جوزيف بشارة عن الأثر الفعلي للرقمنة في استحداث الوظائف أم العكس، مشيراً إلى تقارير حديثة تؤكّد أن الرقمنة أحدثت مفعولاً عكسياً لجهة زيادة نسبة العاطلين عن العمل. أما المستشارة في مؤسّسة "كشيدة" لخدمات التعليم الإلكتروني Kashida offshore S.A.L ربى مراد، فقدمت عرضاً عن التعليم الإلكتروني وارتباطه بالرقمنة، ودوره في توسيع دائرة المتلقين، وأكّدت أن التعليم الرقمي لا يتناقض مع مفهومنا للتعلّم، وهو يُسهم في التقاء الخبرات عبر الإنترنت، وسهولة وصول المعلومة إلى غالبية المستفيدين. وقد اختتم اللقاء الأمين العام المساعد في مؤسّسة الفكر العربي حمد العمّاري بكلمة، أكّد فيها على الجهود الكبيرة التي تبذلها المؤسّسة لإدخال نتاجها المعرفي من كتب ومشروعات مختلفة في عالم الرقمنة، بهدف نشر المعرفة وإيصال المعلومة إلى الوطن العربي كلّه..