جمعت التوسعة الكبرى للمسجد الحرام التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- أخيراً، بين المتطلبات الوظيفية من حيث زيادة الطاقة الاستيعابية ووفرة وتنوع ورقي الخدمات، والتميز في النواحي الجمالية والتشغيلية، فيما تعد أضخم توسعة في تاريخ الحرمين الشريفين، ضمن جهود الدولة منذ تأسيسها واهتمامها بكل ما من شأنه توفير الأجواء الروحانية للمعتمرين وضيوف الرحمن. وتظل توسعة المطاف الحالية أبرز المشروعات في توسعة المسجد بشكلٍ عام وأكثرها تحدياً، لاسيما وهي من الأجزاء التي لا تخلو من الطائفين على مدى ال 24 ساعة، وينتظر أن يكون لهذا المشروع دور رئيس في استيعاب الأعداد المتزايدة من الطائفين في ظروف زمانية ومكانية ملائمة للمتطلبات المتجددة للطائفين، مركزاً في أعماله على توسعة صحن الطواف وإعادة بناء وتأهيل الأروقة المحيطة به في الطوابق كافة على ثلاث مراحل في خمسة طوابق، سيستفاد من أولاها في شهر رمضان المبارك المقبل إلى حدود الطابق الأول. وحرصت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي على ما يحقق التطلعات، مع التكييف والتظليل لسطح الحرم وصحن المطاف بطريقة آلية مبتكرة، ومراعاة كل الأنظمة التشغيلية المطبقة في توسعة خادم الحرمين للساحات الشمالية، مستحدثة في الوقت ذاته طابقاً مخصصاً لذوي الحاجات الخاصة في ميزانين الطابق الأول، وربطه بمنظومة من المصاعد والمنحدرات التي تكفي لاستيعاب حركة الدخول والخروج منه وإليه، وربطه بمسار ذوي الحاجات الخاصة في المسعى الذي تم توفيره في مشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة وتطوير خدمات المسعى. وسيراعى ارتباط توسعة المطاف بمشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتوسعة المسجد الحرام والساحات الشمالية في منظومة عناصر حركة رأسية وأفقية كالسلالم المتحركة والثابتة والمصاعد والجسور والمنحدرات، وتعزيز ذلك بمنظومة الإرشاد المكاني المتكاملة مع أرجاء المسجد الحرام والساحات المحيطة به. وأكد الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس أن مشروع توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التاريخية لرفع الطاقة الاستيعابية للمطاف يهدف إلى التيسير على الحجاج والمعتمرين في أداء شعيرة الطواف، وسيحقق المشروع بعد انتهائه قفزه ونقله نوعيه في مستوى منظومة الخدمات التي تقدمها الدولة وفقها الله للمسجد الحرام وقاصديه الكرام. موضحاً أن معالم المشروع ستتضح بشكلٍ دقيق في الأعوام المقبلة، ولن يقتصر ذلك على استيعاب مضاعفة أعداد الطائفين إذا ما اكتملت التوسعة في مراحلها كافة، بل يتجاوز ذلك إلى جودة وتنوع الخدمات التي سيوفرها هذا المشروع ، فضلاً عن تلبية الفراغات الداخلية ومسارات الطواف لكل المتطلبات الوظيفية والتشغيلية لجميع المستخدمين، بما في ذلك كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال منظومة حركة مستقلة ومتكاملة. وأشار الرئيس العام إلى أن المشروع سيتسع عند اكتماله إلى 105 آلاف طائف في الساعة، وستنتهي المرحلة الأولى القائمة منه حالياً قبل حلول شهر رمضان المبارك لهذا العام، فيما ستنتهي المرحلة الأخيرة في عام 1436. وقال: "بناء على العمل في هذا المشروع العملاق الذي يتواصل على قدم وساق، فقد ترتب ضيق مساحة المطاف وازدحام وتكدس الطائفين، الأمر الذي قد يكون خطراً على أمنهم وسلامتهم، وتهديداً لراحتهم وصحتهم، لاسيما وقد تفرع عن هذا المشروع مشروع آخر مهم وهو الجسر المعد لذوي الاحتياجات الخاصة، الذي سيأخذ حيزا كبيرا من المطاف، ما سيؤثر بالضرورة في تقليص عدد الطائفين". وأضاف الدكتور السديس: "كان المطاف قبل المشروع يتسع لقرابة 48 ألف طائف في الساعة، وفي أثناء المشروع إلى 22 ألف طائف في الساعة، وبعد نهاية المشروع سيستوعب 105 آلاف في الساعة، لذلك فإن الضرورة الشرعية والمصلحة العامة المرعية، تقتضي خفض نسبة أعداد الحجاج والمعتمرين بشكل موقت واستثنائي، حتى يتم الانتهاء من هذه المشروع، وهو أمر لابد من اتخاذه واللجوء إليه خلال فترة تنفيذ هذا المشروع". ودعا الدكتور السديس المسلمين إلى عدم تكرار الحج والعمرة خصوصاً في هذه الفترة، وإفساح المجال لإخوانهم الذين لم تتح لهم فرصة أداء المناسك حفاظاً على أرواحهم وسلامتهم، ليؤدوا مناسكهم بشكل ميسر وبسهوله وأمان وراحة واطمئنان، مشيراً إلى إنشاء مطاف مؤقت للمعوقين على شكل حلقة دائرية محاذية للرواق القديم ومشرف على الكعبة، بعرض 12 متراً وارتفاع 13 متراً، لفصل الحركة بين المعوقين والطائفين في منطقة الصحن طيلة مدة تنفيذ مشروع المطاف الرئيس والنهائي. واستطرد: "يتكون هذا المطاف المؤقت من طابقين أحدهما سيربط مع مستوى الطابق الأول، ويتكون من مدخلين رئيسا وفرعيا، إضافة إلى مخرج طوارئ يتم استخدامه عند الحاجة وهذا الطابق هو الذي سينفذ ويستفاد منه خلال موسم شهر رمضان المبارك لهذا العام، أما الآخر فسيرتبط مع الطابق الأرضي كمرحلة ثانية بعد الموسم". وأكد نائب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام الدكتور محمد بن ناصر الخزيم أن مشروع خادم الحرمين الشريفين لزيادة الطاقة الاستيعابية للمطاف يهدف إلى التيسير والتسهيل لأداء مناسك الحج والعمرة، وسيحدث بعد انتهائه قفزة كبيرة في مستوى الخدمات المقدمة للحجاج والعمار والزوار. وأوضح أن تحقيق المصلحة العامة التي ترتبت على تنفيذ المشروع، يتطلب خفض نسبة أعداد القادمين لأداء المناسك من الداخل والخارج موقتاً، حتى يتم الانتهاء من أعمال التوسعة والتطوير لمشروع المطاف، وهو أمر ضروري لابد من اللجوء إليه، لأنه يحقق مصلحه عليا للأمة الإسلامية على المدى البعيد، داعياً المسلمين إلى التعاون مع المملكة في ذلك. ولفت إلى أن مكةالمكرمة والمدينة المنورة تشهدان حالياً ورشة عمل كبرى خدمة لرواد الحرمين الشريفين، داعياً في الوقت ذاته علماء الأمة الإسلامية أن يوضحوا للمسلمين في مختلف مواقعهم، سبب خفض نسبة الحجاج والمعتمرين الموقت، لانه يصب في مصلحة المسلمين من المعتمرين والحجاج ورواد المسجد الحرام. ورأى وكيل وزارة الحج الدكتور حاتم قاضي أن قرار تخفيض حجاج الداخل إلى 50 في المئة، وحجاج الخارج إلى 20 في المئة، قرار استثنائي وموقت، لما يشهده المسجد الحرام من زحام، من أجل تقديم المزيد من الإمكانات ولتوفير الراحة والاطمئنان لقاصدي بيت الله الحرام. وأكد أن المشاريع الكبيرة التي يجري تنفيذها في المشاعر المقدسة والمسجد الحرام والمسجد النبوي جاءت جميعها حتى يؤدي الحجاج والمعتمرون مناسكهم بكل يسر وسهولة وأمان، مشيراً إلى أن ما يشهده المسجد الحرام والمشاعر المقدسة حالياً من توسعات حيوية ومنها توسعة المطاف لرفع الطاقة الاستيعابية له، يستدعي هذا الخفض الاستثنائي حتى تكتمل تلك المشروعات التي ستعود بمزيد من الراحة والأمن والأمان لوفود الحجيج. الدكتور السديس الدكتور محمد بن ناصر الخزيم