جمعت التوسعة الكبرى للمسجد الحرام التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله مؤخراً، بين المتطلبات الوظيفية من حيث زيادة الطاقة الاستيعابية، ووفرة وتنوع ورقي الخدمات، إضافة إلى التميز في النواحي الجمالية والتشغيلية. وتعد توسعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمسجد الحرام أضخم توسعة في تاريخ الحرمين الشريفين، ضمن جهود الدولة منذ تأسيسها واهتمامها بكل ما من شأنه توفير الأجواء الروحانية للمعتمرين وضيوف الرحمن، في استكمالٍ لما بدأه الملك المؤسس عبد العزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثراه - في عام 1344ه وأمره بصيانة المسجد الحرام وإصلاحه. وتظل توسعة المطاف الحالية أبرز المشروعات في توسعة المسجد بشكلٍ عام وأكثرها تحدٍ، لاسيما وهي من الأجزاء التي لا تخلو من الطائفين على مدى 24 ساعة. وينتظر أن يكون لهذا المشروع دوراً رئيسياً في استيعاب الأعداد المتزايدة من الطائفين في ظروف زمانية ومكانية ملائمة للمتطلبات المتجددة للطائفين، وسيركز المشروع على توسعة صحن الطواف وإعادة بناء وتأهيل الأروقة المحيطة به في كافة الأدوار على ثلاث مراحل في خمسة أدوار وسيستفاد من المرحلة الأولى في شهر رمضان المبارك القادم إلى حدود الدور الأول. وحرصت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي على ما يحقق التطلعات الكريمة مع التكييف والتظليل لسطح الحرم وصحن المطاف بطريقة آلية مبتكرة، مع مراعاة كافة الأنظمة التشغيلية المطبقة في توسعة خادم الحرمين الشريفين للساحات الشمالية. وسيشمل ذلك إحداث دور لذوي الحاجات الخاصة في ميزانين الدور الأول وربطه بمنظومة من المصاعد والمنحدرات التي تكفي لاستيعاب حركة الدخول والخروج منه وإليه، وربطه بمسار ذوي الحاجات الخاصة في المسعى الذي تم توفيره في مشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة وتطوير خدمات المسعى. وسيراعى ارتباط توسعة المطاف بمشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتوسعة المسجد الحرام والساحات الشمالية في منظومة عناصر حركة رأسية وأفقية كالسلالم المتحركة والثابتة والمصاعد والجسور والمنحدرات، وسيتم تعزيز ذلك بمنظومة الإرشاد المكاني المتكاملة مع كافة أرجاء المسجد الحرام والساحات المحيطة به. وأكد معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس أن مشروع توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التاريخية لرفع الطاقة الاستيعابية للمطاف يهدف إلى التيسير على الحجاج والمعتمرين في أداء شعيرة الطواف، وسيحقق المشروع بعد انتهائه قفزه ونقله نوعيه في مستوى منظومة الخدمات التي تقدمها الدولة وفقها الله للمسجد الحرام وقاصديه الكرام. وبين أنه ستتضح معالم المشروع بشكلٍ دقيق في الأعوام القادمة، ولن يقتصر ذلك على استيعاب مضاعفة أعداد الطائفيين إذا ما اكتملت التوسعة في كافة مراحلها، بل يتجاوز ذلك إلى جودة وتنوع الخدمات التي سيوفرها هذا المشروع المبارك، فضلا عن تلبية الفراغات الداخلية ومسارات الطواف لكل المتطلبات الوظيفية والتشغيلية لكافة المستخدمين، بما في ذلك كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال منظومة حركة مستقلة ومتكاملة. وأشار معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي إلى أن المشروع سيتسع بإذن الله عند اكتماله إلى (105 آلاف) طائف في الساعة، وستنتهي المرحلة الأولى القائمة الآن قبل حلول شهر رمضان المبارك لهذا العام، كما ستنتهي المرحلة الأخيرة إن شاء الله في عام 1436ه. وقال معاليه: "بناء على العمل في هذا المشروع العملاق، لازال جاريا على قدم وساق، فقد ترتب عليه ضيق مساحة المطاف وازدحام وتكدس الطائفيين، الأمر الذي قد يكون خطراً على أمنهم وسلامتهم، وتهديداً لراحتهم وصحتهم، لاسيما وقد تفرع عن هذا المشروع مشروع آخر مهم وهو الجسر المعد لذوي الاحتياجات الخاصة، والذي سيأخذ حيزا كبيرا من المطاف، مما سيؤثر بالضرورة في تقليص عدد الطائفيين". وأضاف الدكتور السديس : "كان المطاف قبل المشروع يتسع لقرابة 48 ألف طائف في الساعة، وفي أثناء المشروع إلى 22 ألف طائف في الساعة، وبعد نهاية المشروع بحول الله سيستوعب (105 آلاف) طائف في الساعة، لذلك فإن الضرورة الشرعية والمصلحة العامة المرعية، تقتضي تخفيض نسبة أعداد الحجاج والمعتمرين بشكل مؤقت واستثنائي، حتى يتم الانتهاء من هذه المشروع العظيم، وهو أمر لابد من اتخاذه واللجوء إليه خلال فترة تنفيذ هذا المشروع المبارك". ودعا الدكتور السديس المسلمين إلى عدم تكرار الحج والعمرة خاصة في هذه الفترة، وإفساح المجال لإخوانهم اللذين لم تتح لهم فرصة أداء المناسك حفاظاً على أرواحهم وسلامتهم، ليؤدوا مناسكهم بشكل ميسر وبسهوله وأمان وراحة واطمئنان. وأفاد انه تم تنفيذ مطاف مؤقت للمعاقين على شكل حلقة دائرية محاذية للرواق القديم ومشرف على الكعبة، بعرض 12م وارتفاع 13م، وذلك لفصل الحركة بين المعاقين والطائفين في منطقة الصحن طيلة مدة تنفيذ مشروع المطاف الرئيسي والنهائي، ويتكون هذا المطاف المؤقت من طابقين أحدهما سوف يربط مع مستوى الدور الأول حيث يتكون من مدخلين رئيسي وفرعي، بالإضافة إلى مخرج طوارئ يتم استخدامه عندا لحاجة وهذا الطابق هو الذي سوف ينفذ ويستفاد منه خلال موسم شهر رمضان المبارك لهذا العام، أما الآخر سوف يربط مع الدور الأرضي كمرحلة ثانية بعد الموسم. من جانبه أكد معالي نائب الرئيس العام لشئون المسجد الحرام الدكتور محمد بن ناصر الخزيم أن مشروع خادم الحرمين الشريفين لزيادة الطاقة الاستيعابية للمطاف يهدف إلى التيسير والتسهيل لأداء مناسك الحج والعمرة وسيحدث بعد انتهائه قفزة كبيرة في مستوى الخدمات المقدمة للحجاج والعمار والزوار. وبين معاليه أنه ترتب على ذلك وتحقيقا للمصلحة العامة أن يتم مؤقتا تخفيض نسبة أعداد القادمين لأداء المناسك من الداخل والخارج، حتى يتم الانتهاء من أعمال التوسعة والتطوير لمشروع المطاف، وهو أمر ضروري لابد من اللجوء إليه حتى الانتهاء من أعمال المطاف، لأنه يحقق مصلحه عليا للأمة الإسلامية على المدى البعيد، داعيا المسلمين إلى التعاون مع المملكة في ذلك. وأوضح أن العمل مستمر في مشروع المطاف الذي سيستوعب بعد انتهائه (105 آلاف) طائف في الساعة، مؤكداً أن مكةالمكرمة والمدينة المنورة تشهد حاليا ورشة عمل كبرى خدمة لرواد الحرمين الشريفين. ودعا معالي نائب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام علماء الأمة الإسلامية أن يوضحوا للمسلمين في مختلف مواقعهم، سبب تخفيض نسبة الحجاج والمعتمرين وأن هذا أمر مؤقت، يصب في مصلحة المسلمين من المعتمرين والحجاج ورواد المسجد الحرام. ورأى وكيل وزارة الحج الدكتور حاتم قاضي أن قرار تخفيض حجاج الداخل إلى 50 %، وحجاج الخارج إلى 20 %، قرار استثنائي ومؤقت، لما يشهده المسجد الحرام من زحام، من أجل تقديم المزيد من الإمكانيات ولتوفير الراحة والاطمئنان لقاصدي بيت الله الحرام. وأكد أن المشاريع الكبيرة التي يجري تنفيذها في المشاعر المقدسة والمسجد الحرام والمسجد النبوي جاءت جميعها حتى يؤدي الحجاج والمعتمرون مناسكهم بكل يسر وسهولة وأمان، وأشار الى ان ما يشهده المسجد الحرام والمشاعر المقدسة حالياً من توسعات حيوية ومنها توسعة المطاف لرفع الطاقة الاستيعابية له، يستدعي تخفيض نسبة الحجاج بصورة استثنائية حتى تكتمل تلك المشروعات التي ستعود بمزيد من الراحة والأمن والأمان لوفود الحجيج.