لم تنته فصول معركة عبرا مع تواري الشيخ أحمد الأسير وأتباعه لكنّها خلّفت آثارا سلبية بدأت بالظهور الى العلن. وأمس الجمعة وقع اشتباك بين الجيش اللبناني ومسلّحين في المدينة وذلك عقب صلاة الجمعة في جامع "الزعتري" التي أمّها المفتي الشيخ سليم سوسان في حضور الرئيس فؤاد السنيورة، ولم تلاق خطبة سوسان المعتدلة تجاوبا من الحضور الذي طالب بخطبة أخرى لداعي الإسلام الشهّال. وكان مفتي صيدا استنكر "الاعتداء على الجيش اللبناني، متقدما بالتعازي من قيادة الجيش والضباط والأفراد بمن سقط منهم ومن المدنيين"، مؤكدا ان "الجيش هو ضمانة للسلم الأهلي وهم أهلنا واخوتنا وأبناؤنا ونرفض الانشقاق عنه ونحن الطائفة السنية جزء لا يتجزأ من مكونات الوطن".وأضاف:" اننا نرفع الصوت عاليا باسمي وباسم اخواني العلماء واهل صيدا، ان سمحوا ان اتكلم باسمهم واقول: ان التطاول والاذلال والقهر لمدينة صيدا امر مرفوض من اي جهة كان، وعلى الدولة ان تتحمل مسؤولياتها والا فإن الشارع سيفلت ويخرج الناس عن قهرهم وغضبهم وهدوئهم الذين نعمل مع كل المخلصين من اجلهم. سنفتح كل المساجد، هذه المساجد ودور عباداتنا لتكون هذه للتدين والاعتدال والحكمة والموعظة الحسنة والوطنية ولتبقى صيدا مدينة الاعتدال بالتنوع وبتعدد ابنائها ومسلكيتهم بدون تطرف او شحن مذهبي من هنا او من هناك، وبدون اي استقواء او اسر لمدينتنا سواء أكان دينيا او سياسيا او امنيا او حزبيا وجر المدينة الى حيث لا نريدها. واطلب من الاجهزة الامنية ومن المسؤولين تسهيل وصول أهلنا الى منازلهم وشققهم المدمرة لقضاء حاجياتهم وكفاهم ما اصابهم من خراب. كما اطلب الى الجهات المختصة الاسراع في تقديم مسح الاضرار ليصار الى التعويض عنها والاسراع في اصلاح الخدمات وخصوصا الماء والكهرباء. اننا نهيب بالدولة ان يكون القانون على الجميع في ظل خطة عدلية وصيدا تحت النظام والقانون ونرفض استعمال السلاح في الداخل من اي جهة كان وتحت اي عنوان كان الا سلاح الدولة والقانون والشرعية، ونحمل كل القوى المسؤولة في مدينتنا المتابعة مع الجهات المعنية في الدولة حتى نصل الى الامن والاستقرار والهدوء".وقال: "لا نرضى أن يساق الناس الى السجون لأنهم ملتحون ومنقبون"، داعيا الدولة الى أن تتحمل مسؤوليتها والا سيخرج الناس عن طورهم".واهاب سوسان ب"الدولة أن يسود النظام والقانون على الجميع، في ظل خطة امنية، مؤكدا ان صيدا تحت النظام والقانون، رافضا استعمال السلاح في الداخل من اي جهة كان وتحت اي مسمى كان الا سلاح الدولة والقانون والشرعية". وبعد الصلاة توجّهت مجموعة من المصلين في تظاهرة الى بلدة "عبرا" حيث تجدّد إطلاق النار بين مواطنين مسلحين تظاهروا تأييدا للشيخ أحمد الأسير والجيش اللبناني الذي سمح لعدد منهم بدخول باحة "مسجد بلال بن رباح" الذي كان مقرّا للشيخ الأسير. وفي المعلومات المتوافرة ل"الرياض" أن أهالي صيدا لم يتقبّلوا البتّة مقتل 35 شابا من أبناء المدينة كما لم يتقبلوا تصوير المعركة التي جرت مع الجيش على أنّها "انتصار" ل"حزب الله" ورفع أعلامه الحزبية في بعض الأمكنة. وعلى الرغم من محاولات الدولة اللبنانية تبديد الاحتقان عبر دفع "حزب الله" الى إخلاء شقتين يملكهما في المدينة إلا أن ذلك لم يخفف من الاحتقان الذي بلغ ذروته أمس بعد خطب الجمعة التي أطلق عليها "جمعة الغضب". ولاقت منطقة الطريق الجديدة (أكثرية سكانية سنّية) مدينة صيدا، فقد تمّ تنظيم اعتصام أمام مسجد "الإمام علي" شارك فيه عدد من المواطنين بدعوة من" حزب التحرير" احتجاجا على ما حصل من احداث أمنية في صيدا. ويبدو بأن الاشتباك يصوّر بين مجموعة لبنانية طائفية معينة وبين الجيش اللبناني بحيث شملت تحرّكات أمس المدن السنية في لبنان، ولم تكن مدينة طرابلس في منأى، بحيث أقيمت "صلاة جمعة" موحّدة في جامع "طينال" بدعوة من "هيئة العلماء المسلمين" والحركات الاسلامية و"الجماعة الاسلامية" ودار الفتوى في طرابلس. وأمّ أمين فتوى طرابلس الشيخ عمر إمام المصلين وألقى خطبة دعا فيها الى "فتح تحقيق بحوادث صيدا والأخذ بعين الاعتبار المطالب التي تقدمت بها هيئة علماء المسلمين في صيدا" رافضا ان "يستقوي طرف على طرف اخر في لبنان وان يفرض سيطرته على مؤسسات الدولة وعلى الجيش". ونفّذ المصلّون في الجامع "المنصوري" في طرابلس اعتصاما داخل باحة المسجد بدعوة من "حزب التحرير" احتجاجا على ما جرى في صيدا.