سلم عصر أمس، وفد سياسي وديني ومديني كبير من مدينة صيدا (جنوب لبنان) رئيس الجمهورية ميشال سليمان مذكرة بأحوال المدينة بعد الأحداث التي شهدتها بلدة عبرا الأحد والاثنين الماضيين بين الجيش اللبناني ومسلحي الشيخ أحمد الأسير والتداعيات التي خلفتها، متضمنة شكر سليمان على «الجهود التي بذلتموها في متابعة تطورات الأوضاع الأمنية في صيدا لحظة بلحظة وتجاوبكم الدائم مع رغبة أبنائها وإرادتهم في قيام وتعزيز دور الدولة القادرة والعادلة وإحلال الاستقرار في صيدا»، لكنها شرحت ما جرى بعد «الاعتداء على الجيش والأحداث الأليمة وامتدادها إلى أكثر من منطقة في المدينة»، لافتة إلى أن المدينة «تشهد حالياً تصاعداً للقلق والمخاوف حيال بعض الممارسات التي تسجل في صيدا ومحيطها». وضم الوفد رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري ومفتي صيدا الشيخ سليم سوسان ورئيسي بلديتي صيدا محمد السعودي وعبرا وليد مشنتف وممثلين عن مبادرة «صيدا للجميع ولا غالب ولا مغلوب فيها»: هبة حنيني ومحمد اليمن وأمجد خولي. وحضر اللقاء قائد الجيش العماد جان قهوجي. كما سلم الوفد بعد ذلك، نسخة من المذكرة إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. مضمون المذكرة وأوردت المذكرة بعضاً من الممارسات التي تسجل: «الملاحقات والتوقيفات العشوائية بحق عشرات الشبان والقيام بالمداهمات التي تطاول أماكن سكنية إضافة إلى ثبوت قيام مجموعات مسلحة بتوقيفات وتحقيقات ما يثير الغضب والذعر والرعب في صفوف المواطنين ويؤدي للتسبب بنقمة شعبية عارمة ويترافق مع القيام ببعض الملاحقات لأشخاص لا إشكال عليهم ولم يشاركوا في أية أعمال تتصل بالمشكلة التي حصلت لا من قريب أو بعيد». ولفتت إلى «عودة بعض المجموعات المسلحة التابعة لحزب الله وما يسمّى بسرايا المقاومة وبعدد أكبر من السابق مع كامل سلاحهم وعتادهم إلى شقق ومكاتب لهم في منطقة عبرا ومحيطها، وظهور كثيف للسلاح بأيدي المجموعات التابعة لحزب الله وسرايا المقاومة وحلفاء الحزب في صيدا استناداً إلى تصاريح حمل أسلحة معطاة لهم، ورفع الرايات الحزبية في أكثر من منطقة في صيدا بطريقة استفزازية». وطلبت المذكرة من سليمان «بصفتكم رئيساً للدولة وحامياً للدستور، وحاملاً لأمانة الحفاظ على السلم الأهلي والعيش المشترك وعلى حقوق المواطنين وكرامتهم إعطاء توجيهاتكم والإيعاز إلى من يلزم من أجل تحقيق الآتي: في موضوع التحقيق والملاحقة، وجوب إحالة ملف أحداث صيدا – عبرا إلى المجلس العدلي بأسرع وقت ممكن كون الأحداث تهدد السلم الأهلي والأمن الداخلي للوطن، وقيام مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالتحقيق شخصياً في أحداث صيدا – عبرا ريثما يحال الملف إلى المجلس العدلي، نظراً إلى طبيعة الأحداث وخطورتها من جهة وحفاظاً على حقوق وكرامات الناس من جهة مقابلة، وعملاً بأحكام أصول المحاكمات الجزائية، وليتناول التحقيق المسببات الحقيقية والجوهرية التي أدت إلى حصول هذه الأحداث وأن يتناول جميع الجهات المشاركة في هذه الأحداث على اختلاف انتماءاتهم الحزبية والسياسية وتحديد هوية جميع الأشخاص الذين سقطوا من المسلحين وكذلك الجرحى من هؤلاء، وأن تضع الأجهزة المعنية المختصة لائحة محددة بأسماء الأشخاص الملاحقين وتحديد دورهم في تلك الأحداث، وعدم التوقيف العشوائي لمجرد كون الشخص المعني كان مؤيداً للشيخ أحمد الأسير أو أنه كان يتردد إلى مسجده، وعدم التوقيف على أساس الالتزام الديني أو على أساس الشكل (إطلاق اللحى)». وخاطبت المذكرة سليمان «الأكثر دراية وعلماً» بالإشارة إلى أن «كل ما قد يصدر من أخطاء من قبل العناصر المولجة التحقيق يطاول بالسوء صورة الدولة التي عليها أن تتصرف كأب لكل اللبنانيين بشكل عادل ومتساوٍ ومن دون أي انحياز أو تمييز». وفي موضوع المظاهر والممارسات المسلحة، شددت المذكرة على «ضرورة الالتزام والتنفيذ الفوري لإخلاء كل الشقق والمكاتب التي تستخدم من قبل المجموعات المسلحة في منطقة عبرا ومحيطها وفي كل حي من أحياء المدينة وإغلاقها. وعدم السماح بأن يكون فيها أي سلاح غير سلاح المؤسسات العسكرية والأمنية الشرعية، ومنع المظاهر المسلحة على اختلافها في كل أحياء وشوارع صيدا ومحيطها وسحب وعدم إعطاء تراخيص أسلحة لأية جهة في المدينة، ووقف رفع الرايات الحزبية في مختلف مناطق صيدا ومحيطها ومنع أية ممارسات استفزازية من أي فريق كان، وملاحقة المخالفين والمخلين بالأمن». وأعرب أصحاب المذكرة عن ثقتهم «بتجاوب الرئيس سليمان معها لجهة التزام المعنيين بتنفيذ بنودها. فأنتم وعلى رأس جميع اللبنانيين تعلمون أن الاستقرار والطمأنينة يكونان عبر العدل والتوازن في الحكم والأحكام». ولفتت المذكرة إلى «أن سكان وأهالي صيدا وعلى رغم التجارب العصيبة التي مرّت عليهم حرصوا على الوقوف إلى جانب الدولة ومؤسساتها، وخصوصاً الأمنية منها ومن حقهم أن يطالبوا الدولة ومؤسساتها بالتصرف في المدينة بعدل ومن دون تمييز مع الالتزام بتطبيق القانون واحترام حقوق الإنسان وعدم اعتماد المعايير المزدوجة»، مؤكدة أن «سكان صيدا الذين يفخرون بانتمائهم اللبناني والالتزام بتطبيق القانون يشعرون أن هذه الإجراءات التي تطبق بحقهم غير عادلة ولا تطبق بحق الآخرين الشركاء في الوطن، وتؤدي إلى تأسيس حالات احتقان لا مصلحة للبنان ولا للبنانيين على مختلف انتماءاتهم فيها».