استكمالاً لمقال (دروس ابن جدلان) الذي تحدثت فيه عن تواضع الشعراء الكبار كسعد بن جدلان في مُقابل الغرور والتضخم الذي أصاب بعض الشعراء الشباب كسعد علوش الذي صرّح تصريحه الشهير بعدم وجود شاعر مبدع سواه، أود الحديث عن ظاهرة نجومية الشاعر الشعبي التي برزت مع بروز المجلات وزالت مع زوالها على الرغم من المحاولات المُستميتة من بعض الشعراء لاستبقاء هالة النجومية الزائفة التي أحاطتهم بها تلك المجلات، ولمرض النجومية الزائفة أعراض منها ما هو واضح وجلي للمُتابع كاعتقاد الشاعر بأنه هو الأفضل وهو الشاعر الأوحد القادر على الإبداع وإدهاش الجماهير، وإسرافه في مدح نفسه والثناء على شاعريته واجتهاده الدائم في التقليل من شأن الشعراء الآخرين. ومن أعراض مرض النجومية ما يحتاج للتأمل في ممارسات بعض من يُحسبون على أنهم شعراء نجوم لكي يتم معرفتها واكتشاف ملامحها بدقة، من بين أعراض الإصابة بمرض النجومية والتضخم لدى بعض الشعراء توهم الشاعر بأن المُحيطين به من جمهور وإعلاميين يحاولون التسلق على أكتافه والاقتباس من وهج نجوميته والاستفادة من مجده العظيم، لذلك يتعامل معهم باستعلاء ويحاول الهروب منهم قدر المستطاع ويسعى لعدم ذكر اسم أي شخص أو الثناء عليه في حواراته أو أحاديثه. من أعراض مرض النجومية الزائفة التي تزايدت مؤخراً حرص الشاعر على صوره بشكل مُبالغ فيه وسعيه إلى الظهور في تلك الصور في هيئة الرجل المُثقف الثري الدائم الأسفار، ومع كل قصيدة ينشرها لا بد من نشر مجموعة من الصور التي يُطل علينا فيها من إحدى العواصم الأوروبية، والتنافس على هذا التقليد الغريب أصبح شائعاً كما هو الحال في الصراع على زيادة المتابعين في تويتر، إذ يتنافس عدد من الشعراء الذين ما يزالون يعيشون وهم النجومية في زيادة أعداد المتابعين لحساباتهم بكافة الوسائل، فتجد أعداد المتابعين تتزايد بشكل مُستمر وتقفز قفزات هائلة وغريبة، لكن الأمر الذي يدعو للسخرية –وربما للشفقة- هو أن نسبة تفاعل مُتابعي الشاعر النجم الذين يحسبون بمئات الآلاف ضعيف ومُخجل جداً، إذ كيف يُمكن لي أن أتعامل مع الناس على أني شاعرٌ نجم وأتوهم التفوق على كثير من الشعراء في حين أن نسبة التفاعل مع تغريداتي الشعرية أقل بكثير من 1% من مُجمل عدد الآلاف الذين يتابعونني ..؟! أعتقد أن وصول الشخص لمرحلة النجومية نعمة عظيمة لا يتحصل عليها سوى قلة قليلة ممن تميزوا في مواهبهم، ونجومية مُعظم شعراء ساحة الشعر الشعبي مُجرد خيالات وأوهام ينسجها للشاعر شيطان الغرور الذي يتسلط عليه ويُساعده على ابتكار الأكاذيب والألاعيب والعيش لأطول مُدّة في عالم النجومية الزائفة. أخيراً يقول المُبدع مشعل فالح الذيابي: بحر الهوى كل الخطر والظما فيه لا ينومن غدره ولا ينشرب ماه سافرت لأعماقه وغادرت شاطيه واليوم أدوّر ساحله وآتمناه