غالباً ما نسمع عن الغرور بأنه مقبرة المبدع وبداية أفول النجم والحقائق الدالة على ذلك كثيرة بل إن الموضوع أصبح من شبه المسلم به ومع ذلك ما نزال نرى هذا الداء الخطير يتسلل إلى الكثير ممن تسلط عليهم أضواء الشهرة أيا يكن حجم هذا الشخص سواء كان نجما بقامة مبدع أو شبه شاعر، وأيا تكن مساحة الضوء المسلطة عليه سواء كانت بمساحة ضوء الشمس أو مجرد صورة هذا الغرور المتعمق في الشخصية والمرتبط بتركيبة وفكر وتربية هذا الشخص أو المكتسبة نتيجة الانخداع بضوء قابل للاختفاء نتاجه نقص حاصل في الشخصية يعتقد صاحبه أن التعويض عن ذلك يكون بالتعالي وتقسيم الناس بطبقية اجتماعية ممقوتة ووضع نفسه في طبقة فوقية بوصفها ما يناسب وضعه الاجتماعي ومكانته الأدبية المصطنعة هذا الداء حينما نتحدث به عن شعراء الشعر الشعبي فإنه يقودنا إلى تساؤل أكبر من هم الشعراء الحقيقيون الذين قدموا ما يجعلهم في نطاق التصنيف الاجتماعي في مرتبة الكبار؟ أو بصيغة أخرى من هم الذين أحدثوا تغييرا في الحركة الثقافية عموماً من خلال الشعر الشعبي؟ الجواب سيكون أننا أمام عدد قليل جداً لا يصل إلى عدد أصابع اليدين وربما أصابع اليد الواحدة فقط ولكننا برغم ذلك نجد أن هذه القلة القليلة هي الأقرب لمجتمعها هي التي رفضت الغرور رداءً لها لأنها توشحت وشاحا إنسانيا عظيما من خلال تقديم أدب راقٍ ارتقى بشخصياتهم إلى التعالي على الغرور نفسه ومعرفة أن الشاعر هو لسان الناس الناطق فتعاليه يبعده عن جسده الحقيقي وهذا يقودنا إلى الجزم بأن المتعالين ومرضى الغرور هم أنصاف شعراء غرهم نشر قصيدة وثناء على أخرى وغالباً ما يكون سبب الثناء مجاملة يتحتمها التواجد الإعلامي والمدح للوصول إلى المدح، هؤلاء هم عالة على الشعر وعلى المجتمع لأنهم لم يصلوا إلى المجتمع عبر المبهر من الشعر وفقدوا من عرفهم بالصدفة أو القرب أو الصلات الاجتماعية بسبب غرورهم فبهذا نهايتهم العزلة التامة وأن يتحولوا من مشروع شاعر نجم إلى مريض نفساني منتهي الكل عدوه والحقيقة أن لا عدو له إلا نفسه.