عرضت قناة العربية مؤخراً فيلماً وثائقياً بعنوان "علويو تركيا.. زوار بيت الجمع". ولا شك أن عمل فيلم يتناول الطائفة العلوية في منطقة قريبة جغرافياً من سورية كتركيا وسط حالة الاستقطاب المذهبية بسبب الثورة السورية, هو أمر هام وحيوي جداً. ومثلما عودتنا الإعلامية ديانا مقلد كاتبة ومخرجة هذا الفيلم الوثائقي على مستوى مميز من ناحية الشكل والمضمون يأتي فيلمها ليعكس ذات المستوى المعتاد. على المستوى الفني، يتميز الفيلم بلغة بصرية جميلة جداً أما من ناحية المضمون فقد تناول تاريخ الطائفة العلوية ونسبتهم وأنهم خليط من العرب والأكراد والأتراك واختلافهم عن الشيعة واعتقاداتهم وطقوسهم وهمومهم وما يطمحون إليه, والسؤال الأهم في الحلقة والذي أثار الكثير من اللغط هو: موقفهم من الأحداث في سورية على اختلاف أصولهم العربية والكردية والتركية. أسلوب السرد رغم تعقد الموضوعات وتشابكها كان سلساً وممتعاً ويكشف عن موضوعات ليست حاضرة ومعروفة, فموضوع الطوائف والمذاهب بسبب حساسيته دائماً ما يغلف بكثير من الكتمان والتحفظ. ولذلك فالكشف الذي أحدثه البرنامج يكتسب أهمية السبق ممزوجة بالقدرة على الامتاع الحسي والذهني. قد يكون المأخذ الوحيد على الفيلم هو أنه ليس هناك من مرجع يحكي تاريخ العلويين سوى العلويين أنفسهم والراوية, ولا يوجد هناك دلائل ومؤرخون آخرون يؤكدون بعض المعلومات, وهذا أمر إشكالي في موضوع حساس كطقوس طائفة وتاريخها في حقب تاريخية مختلفة. ولكن الشكل الذي خرج به الفيلم وتناول الموضوع في حد ذاته خاصة وأن هناك أطرافا سارعت للتشكيك في نوايا القناة والمخرجة لمجرد أنه لا يعكس وجهة نظرها في أن العلويين يناصرون النظام السوري؛ يُحسب لصالح المخرجة ولقناة العربية. الفيلم عرض رأي ضيف أكد أن الثورة السورية هي مؤامرة ورداً على سؤاله حول رأيه في طائرات النظام التي تقصف الأحياء والمدنيين حاول تبرئة النظام السوري من وحشية المجازر التي يرتكبها، لكن هناك من قال من العلويين الضيوف أيضاً أن من يؤيد بشار الأسد من العلويين الأتراك هم فئة بسيطة جداً وأنهم لم يروا يوماً أن النظام السوري يمثلهم بل كانوا يرونه دوماً على أنه نظام بعثي مستبد وديكتاتوري. ربما كانت هذه العبارة هي سر غضب من أدان الفيلم وادعى أنه لم يعرض إلا وجهة نظر واحدة!