مضى على دخول المرأة مجلس الشورى كعضوة كاملة العضوية مع افتتاح أعمال السنة الرابعة من الدورة الخامسة للمجلس خمسة أشهر ونيف منذ التسمية (11 يناير 2013) وأربعة أشهر منذ أداء القسم (19 فبراير 2013)، وخاضت خلالها أربع وثلاثين جلسة بحلوها ومرها عصرتها تحديات "فرق التوقيت" وفق تعبير د.فوزية أبو خالد، لتحاول تحسس موقع قدمها وقضاياها، ما بين الوقت المناسب وغير المناسب وما يقال وما لا يقال، وكيف تضمن أن تتبنى قضية ستنجح في التصويت عليها؟ وكيف تنسق جهودها مع جهود بقية العضوات والأعضاء لتخرج بأفضل النتائج، وليس هناك أفضل من توصية يُؤمن بها ويُحسن عرضها والتدليل على أهميتها وسوق الحجج على ضرورة تبنيها، فيتم التصويت عليها بالأغلبية، إنها حلم نجاح كل عضوة وعضو أن تُكلل جهود بحثهم وتلمسهم لمتاعب ومشكلات المجتمع بنجاح وصول صوتهم وحل قضيتهم. كنت أرغب في الانتظار مرور ستة أشهر على انخراط الشوريات في العمل قبل أن أحاول تقييم عملهن وأدائهن، ولكن القرار الذي صدر عن المجلس الاثنين الماضي "اضطرني" بسعادة غامرة أن أعجل في الكتابة، فقد وافق مجلس الشورى خلال جلسته العادية الرابعة والثلاثين التي عقدها في 8 شعبان 1434 ه الموافق 17 يونيو 2013 م برئاسة معالي نائب رئيس المجلس الدكتور محمد بن أمين الجفري على قرار كان نصه: "تحديث شروط القرض من صندوق التنمية العقارية بناء على الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية المستجدة للمجتمع السعودي، ومساواة المواطنة بالمواطن في جميع شروط الحصول على القرض كالسن والحالة الزواجية وغير ذلك" (موقع مجلس الشورى). لن أستخدم العبارات الفخمة من قبيل "أول انتصار"، ولكني أزعم أنه خطوة ناجحة بامتياز، في حق مجلس الشورى وحق الشوريات الثلاث اللاتي اقترحن التوصية: الدكتورة لبنى الأنصاري، نائبة رئيس لجنة الشؤون الصحية والبيئة، الدكتورة منى آل مشيط عضوة لجنة الشؤون الصحية والبيئة، والدكتورة وفاء طيبة عضوة لجنة حقوق الإنسان والعرائض، وقد تبنى المجلس القرار بأغلبية 76 صوتا مقابل 29 صوتا معارضا، مع ملاحظة أن هذا الموضوع سبق لعضو مجلس الشورى الدكتور نواف الفغم أن اقترحه العام الماضي بتاريخ 5/6/2012 ولكنه حفظ وأعادت العضوات طرحه دون أن يعلمن بتاريخه، وهذه نقطة تستحق التوقف، وهي ضرورة وجود أرشيف بالاقتراحات المحفوظة أو حتى المرفوضة لإعادة النظر فيها وقت الحاجة لاسيما إذا استجدت أدلة أو حجج. ويحسب لعضوات مجلس الشورى هذا نجاحاً وهن يتحسسن الطريق بجانب أخوتهن أعضاء مجلس الشورى ممن لهم أسبقية التجربة، وهن اللاتي يبذلن قصارى جهدهن، أي الجهد المضاعف لتغطية كل الفروقات المذكورة أعلاه وتجسير الفجوات في التجربة وفي ارتفاع سقف التوقعات الذي يضغط المجتمع به عليهن، ولمقاومة المواقف السلبية التي شوشرت على بداية انطلاقة التجربة وما شنه عليهن بعض الملاحَقين قانونياً الآن بتهمة القذف، ولمقاومة بُعد الشقة بين تخصصات البعض والمواضيع التي تُطرح على جدول أعمال المجلس، فعلى الرغم من كل هذا، بدأت تباشير العمل المشترك، رجالاً ونساءً، والمبني على العرض العلمي المدعوم بالحجج والأدلة المنطقية ليحظى بهذه الموافقة. إن أي نجاح لتوصيات مجلس الشورى في القضايا المجتمعية هي انتصار للإنسان سواء كان رجلاً أو امرأة، وهذا اليوم البشرى كانت لصالح المرأة المواطنة، التي ظلمت في الحصول على سكن يؤويها وأبنائها عندما تكون المعيلة أو اليتيمة أو الأرملة أو المطلقة أو غير المتزوجة، إن كانت فوق سن الاشتراط أو أصغر من سن الاشتراط أو أرملة وبانتظار القرض لتقبل الزواج أو غير متزوجة ولم تصل للسن المشروط وغيرها من اشتراطات كانت مهينة ومميزة ضد المرأة على أساس من السن والحالة الاجتماعية والتي لم تكن شرعية ولا منطقية. وكان صندوق التنمية العقاري يشترك للحصول على قرض إذا كان مقدم الطلب رجلاً ألا يقل عمره عن 21 سنة إذا كان متزوجاً، وألا يقل عمره عن 24 سنة إن كان أعزب، أما إذا كانت المقدمة امرأة، فيشترط عليها لتتقدم بالطلب ألا يقل عمرها عن 40 سنة، إن لم يسبق لها الزواج، والمطلقة التي مضى على طلاقها سنتان فأكثر، والأرملة التي لم تتزوج، واليتيمة التي تجاوزت 18 سنة، لكنه إن كانت أقل من 21 سنة يلزمها إحضار إثبات عدم زواج. ودعواتنا بأن تتبنى العضوات والأعضاء مراجعة القوانين المدنية واشتراطاتها الخاصة بالمرأة والتي تحمل كثيراً من أوجه الشبه بما كانت عليه الحال في صندوق التنمية العقاري، كما آمل ألا يستغرق مجلس الوزراء طويلاً في التصديق على توصية مجلس الشورى ونراها تطبق على الأرض في القريب العاجل.