يحفل سوق الأسهم بأمور غريبة وعجيبة ونوعاً ما تأتي من حين إلى آخر فتغرس الحيرة والارتباك في نفوس المتداولين. أما المحللون والمحترفون في السوق فيصيبهم نوع من الإرهاق لما يرونه من عجائب ومتناقضات لا تجد لها تفسيراً مهما أجتهدوا أو حاولوا. هناك أمور غريبة تحدث في أغلب أسواق العالم ولكن العديد منها تكون أمور استثنائية بمعنى مرة، مرتين وينتهي أمرها وتأثيرها، ولكن في سوق الأسهم السعودي تحدث هذه الغرائب والعجائب وتتكرر وكأن من يهمهم أمر السوق لا يتعلمون من الأخطاء والاستثناءات التي تحث وتؤثر على السوق. كمثال نلاحظ تكرر الضعف اللغوي والنظري في الإعلانات أو الأخبار حتى أن بعضها أصبح طرفة يتندر بها المتداولون وكذلك تتكرر الايقافات للأسهم قبل إعلانات معينة وهي إيقافات لا تستند على معايير محددة ما يجعلها تصنف من ضمن الغريب أو الشاذ في سوق الأسهم، وكذلك يتكرر خروج الشركات عن تخصصاتها في توجه غريب وعجيب يعاكس الاحترافية الإدارية المفترضة وتخالف نظام السوق نفسه ما يجعلها تصنف كأحداث غريبة في سوق عجيب. قصة سابك واللجين بدأنا مع الأستاذ عايض حمد الذي يقول بأن هناك الكثير من الأشياء الغريبة التي تحدث في السوق مصادفة أو عن قصد ولكن ليس هناك أعجب من قصة سابك واللجين التي هي في الحقيقة أشبه ما تكون بالمسرحية أو المسلسل المكسيكي!! في يوم فائت اتصل علي أحد الأشخاص ليسألني لماذا ترتفع الباحة بالنسب بعد إعادتها للتداول مع أنها شركة لا تحقق أرباحاً فقلت له: المضاربة التي ترفع سعر السهم وتخفضه بدون الاعتبار بالأرباح والخسائر وأسهم المضاربة في السوق كلها ترتفع بالنسب على مزاج المضارب وأردت أن أضرب له مثلاً فقلت مثل اللجين و.... ولكن لم يجعلني استكمل حديثي بل قال «لا يا أخي اللجين ستندمج مع سابك وتستحق الارتفاع»!! عندها فقط هممت بمد رجلي(!!) وعرفت أن جزءاً كبيراً من صغار المغلوبين قد انخدعوا بمسرحية اللجين وسابك - وفي مجالس أخرى يتحدثون عن أخبار مثل: - سابك اشترت اللجين!! - سابك تتشارك مع اللجين!! وهكذا، مع أن الموضوع كله وجله لا يتعدى اتفاقية بين سابك واللجين لتسويق إنتاج مصنع تمتلك فيه اللجين ما نسبته 40٪ (لا إندماج ولا بيع ولا شراء)!! المشكلة في سوقنا أنه عندما يثار هذا الموضوع ترتفع اللجين نسبة وعندما تنفي سابك الخبر ترتفع اللجين نسبة ويقول قائل إن مجرد ذكر سابك للجين ولو في سياق نفي خبر ما يرفعها نسبة لأن ذلك يثبت أن اللجين شركة(!!!) ومن كثر ما تتكرر سالفة اللجين وعلاقتها بسابك وكيف رفعت هذه المسرحية الهزلية+ سعر اللجين من ظلمات المائة ريال إلى نور الثلاثمائة فإن الكثير من الناس يتداولون هذه الطرفة عبر رسائل الجوال: «لا تفوتك شركة معدنية فقد تأكد أن أم رئيس معدنية أرضعت رئيس سابك»!! رمل الجماعي!! محمد العتيبي يذكر العديد من الأمور الغربية والعجيبة في سوقنا العامر ولكن أغربها على الإطلاق حكاية «رمل الجماعي» فيقول: معقولة شركة مساهمة كبيرة واعتقد أنها محترمة تقدم على مشروع بدون معرفة الأثر المالي!! والأدهي من ذلك أن رئيس الشركة صرح بأن حصول الشركة على المشروع سيجعلها تطلب رفع رأس مال (راجع تصريح منشور لرئيس مجلس الإدارة) ولكن عندما حصلت الشركة على المشروع اكتشفنا أنها لم تدرس أصلاً جدوى المشروع لتدرس امكانية رفع رأس المال؟! رائحة رفع رأس مال!! الأستاذ فهد بن محيا يقول ليس هناك أعجب من تأثير المنتديات على التداول في سوقنا. في الأسبوع الماضي كتب أحدهم العبارة التالية «رائحة رفع رأس مال»!! فقط رائحة!! وانتقلت إلى صفحة تداول الأسهم مباشرة لأجد أن خمس أو ست شركات تعانق النسب وهي طيبة وفتيحي وجازان والكابلات... وغيرها لقد أصبحت عملية تحريك التداول ورفع الأسهم بالنسب مرهونة بكاتب محدد في المنتدى الفلاني أو العلاني ما يبين هشاشة الأسس التي يقوم عليها السوق. كله عند العرب «بتروكيماويات» كثيرة هي الأمورالغريبة التي تحدث في سوق الأسهم ولكن أغربها «بدعة» البتروكيماويات هذه التي جعلت الشركات تتسابق لتغيير نشاطها والتوجه نحو البتروكيماويات وكأنها أسطورة الذهب الذي حرك موجات هجرة الأمريكيين إلى الغرب وكاليفورنيا بالذات. هذا المقطع من مداخلة الأستاذ محمد البدر حيث ذكر بأن دخول القصيم الزراعية كمؤسس في شركة كيان للبتروكيماويات والإعلان عن ذلك وارتفاع سعر الشركة إلى قريب من المائتي ريال كلها لا تجد تفسيراً لدي، فالشركة بهذا التصرف تخالف نظام الشركات الذي يدعو الشركة إلى العمل في مجال محدد أو تخصص معين ولكن هكذا تعلن الشركة عن مخالفتها فتكافأ بإعلان ذلك على موقع رسمي آلي بل أن الكثير من الشركات المساهمة بدأت تميل إلى الابتعاد عن المجال الرئيس الذي أسست للاستثمار فيها (غرض الشركة) كما هي الحال مع الدوائية والفنادق وغيرهما. وبعض الشركات تحولت إلى مجرد صناديق استثمارية أو محافظ مالية كما هي الحال مع جازان (التي حذفت زراعية إلى الأبد واستبدلتها بكلمة التنمية). ونلاحظ أن الشركة التي في اسمها «تنمية» تبدأ تعمل في كل شيء من صناعة الملح إلى صناعة الطائرات مروراً بالعقارات والاستثمارات ومطاعم المندي وطبعاً البتروكيماويات.. إن أغرب ما في سوقنا فقدان أهمية الغرض والتخصص وتحول الشركات المساهمة وعلى رؤوس الأشهاد إلى شركات «مطاطة» لا تعرف لها شخصية ولا توجه وإنما محافظ استثمارية نشطة!! متى المنحة؟ يقول المهندس حسن بحيري إنه رأى العجب العجاب من اسطوانة المنحة المفترضة لبعض الأسهم التي عندا يضغط زرها (دخ) تصعد الأسعار إلى الأعلى وعندما يضغط زرها (دئئ) تعود الأسعار إلى أدراجها فأصبحنا في عالم «غىه»فه» وهذا مصطلح انجليزي يعني «طالع - نازل».. لقد اشتريت سهم الشرقية للاسمنت في الأعالي لأنه قفز بنسب متوالية على ضوء إشاعة منحة ولكن السهم خذلني وعاد بشكل مرير إلى مستويات متردية بعد انقشاع الإشاعة والآن هناك حركة للأعلى بعد أن عادت الروح إلى إشاعة المنحة!! ونفس الكلام ينطبق على اسهم شركات أخرى لعل أبرزها الدوائية واسمنت اليمامة والعقارية وغيرها. أقول إن المستثمر مخطئ عندما يعتمد على إشاعة المنحة ولكن بما أن جميع المؤشرات المالية تشير إلى ضحية المنحة في عدد من هذه الشركات حيث أن الاحتياطي لديها ضخم للغاية فلماذا لا تعلن هذه الشركات عن نواياها سواء بالمنح أو بغيره لتقطع الطريق على الإشاعات ومروجيها؟!