مطالب بالمتابعة الدقيقة للمشروعات والتأكد من التزامها بالمواصفات المطلوبة وبالجدول الزمني للتنفيذ أكد الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السويلم مدير دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية أن ظاهرة تعثر بعض المشاريع التنموية للدولة تعتبر خسارة وطنية تفرز العديد من السلبيات على الوطن والمواطن، وهذه المشاريع هي مرافق وخدمات تقدمها الدولة أعزها الله للمجتمع لتنميته وتطوره وتعثرها يعتبر إهدارا للثروة الوطنية ولذلك تبذل الجهات الرسمية جهوداً لإنجاح هذه المشاريع، كما أن هناك أيضاً رغبة قوية من الجهات الرسمية ذات العلاقة لتنفيذ وتسريع المشاريع التنموية والتي رصدت لهذه المشاريع ميزانيات ضخمة والتي هي دليل واضح على هذا التوسع وهذه الرغبة في إنهاء هذه المشاريع ولكن نظراً لأن هذه الظاهرة عولجت بطرق تقليدية أدت إلى النظر إلى أرخص الأسعار عند تنفيذ مشروع حيوي فإنها تسببت في تعثر العديد من المشاريع التنموية في العديد من مناطق المملكة خاصة أن هذه المشاريع التنموية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بخدمات ومرافق تقدم للمواطن. وأضاف السويلم في تصريح خاص ل "الرياض" في ظل حاجة المجتمع للعديد من المشاريع في قطاع الخدمات تم إطلاق العديد من المشاريع الجديدة كما أن هناك مشاريع عملاقة قادمة في قطاعات حيوية مثل القطارات والطرق والمطارات والمدارس والمستشفيات والتي يتطلب تنفيذها تلافي أسباب تعثر المشاريع والاستفادة من تجاربنا الناجحة التي تمت في كافة مناطق المملكة مثل مستشفى الملك فيصل التخصصي وفندق الانتركونتننتال والتي مر على تنفيذها أكثر من 40 عاماً ومازالت ناجحة وقائمة وتقدم خدماتها للمجتمع وتعتبر نموذجاً يحتذى به ومن المهم الاستفادة من هذه النماذج الناجحة من المشاريع. د. توفيق السويلم ممارسات سلبية وأكد مدير دار الخليج للدراسات الاقتصادية إن هذا التعثر الواضح في العديد من المشاريع التنموية تتداخل فيه العديد من المسؤوليات تجاه العديد من الجهات والتي تعتبر بمثابة الحلقات المتكاملة والتي تشتمل على: الجهة الراغبة في تنفيذ المشروع لصالحها، ونظام المناقصات والاشتراطات الحكومية لتنفيذ مثل هذه المشاريع، والجهة التي ترسي هذه المشاريع، والجهة المنفذة للمشروع، والجهة المتابعة والمراقبة والمشرفة على الجهة المنفذة للمشروع، والجهة المستلمة للمشروع بعد اكتماله, ولا يمكن إغفال أن هناك بعض الممارسات السلبية من بعض موظفي القطاع العام تؤثر بشكل واضح على أداء ومعدل إنجاز هذه المشاريع التنموية. والملاحظ أنه عند طرح المشروعات يتم تحديد المواصفات بصورة تقليدية وترسيتها على أرخص الأسعار دون تحديد للمشاريع ذات الأولوية لدى الجهات المستفيدة مما يترتب عليها عدم الاهتمام بمتابعة الجهة المنفذة للمشروع، أو يتم إسناد العمل إلى مقاول إمكانياته ضعيفة، أو قد يكون المشروع من أولوياتها ولكن ليس لديها من الكوادر القادرة على متابعة تنفيذ هذا المشروع وإتمامه بالشكل الصحيح. وبين السويلم لا شك أن هذه الطريقة في طرح وترسية المشاريع تتسبب بشكل مباشر أو غير مباشر في تعثر المشاريع، فقد ساهم ذلك في ترسية بعض المشاريع على بعض الجهات ذات الإمكانيات الضعيفة وليس لديها القدرة على تنفيذ المشروعات الضخمة مما نتج عنه تعثراً لهذه المشروعات، في نفس الوقت ليس لدى الجهات ذات العلاقة المرونة التي يسمح لها اختيار جهة قادرة على تنفيذ مثل هذه المشروعات نتيجة للقيود المتولدة عن نظام المناقصات والاشتراطات الذي يركز على أقل الأسعار في أغلب الأحيان، ويضاف إلى ذلك ضعف الإمكانيات الفنية والإدارية والمالية التي تساعدها على المتابعة والإشراف على تنفيذ المشروع، كما أن الجهة المستلمة للمشروع بعد تنفيذه يؤثر فيها عاملان أساسيان هما التقليدية في تنفيذ العمل، وعدم وجود خبراء قادرين على معرفة مدى تنفيذ العمل طبقاً للمواصفات المطلوبة والمحددة في كراسات الشروط. أسباب متنوعة وأشار الدكتور توفيق السويلم الى أن وسائل الإعلام المحلية تناولت هذا الموضوع لعدة مرات حتى أصبح ظاهرة تستحق المراجعة والدراسة والتقت وسائل الإعلام وناقشت الكثير من المسؤولين والمقاولين والاستشاريين وبينت اتفاقهم على كثير من أسباب تعثر المشاريع منها: عدم وجود المواصفات والشروط بشكل عادل ومنصف للطرفين إذا أن حماية الطرفين ضرورية وأن أي تعثر هو خسارة للاقتصاد الوطني وفي هذا السياق جاء تقرير ديوان المراقبة العامة بذكر تجاوز إجمالي مبالغ الاعتمادات المالية التي لم تستفد منها الجهات الحكومية المختلفة ما يقارب 13.6 مليار ريال بمخصصات 555 مشروعاً مختلفة ومتنوعة منها 472 مشروعاً للقطاع المدني والباقي موزع على قطاعات أخرى في الدولة ولخص التقرير عدم الصرف من الاعتمادات المالية سواء بنقلها لبنود أخرى أو بقائها وفراً في نهاية السنة المالية إلى العديد من الأسباب منها على سبيل المثال لا الحصر: - عدم جاهزية بعض المقاولين لاستلام مواقع المشروعات للبدء في تنفيذها في المواعيد المحددة لضعف إمكاناتهم المادية والفنية من عمالة وتجهيزات ومعدات. - مخالفة بعض المقاولين للجدول الزمني المتفق عليه للتنفيذ وتقصيرهم في تنفيذ التزاماتهم التعاقدية وفقا للشروط والمواصفات الفنية المتفق عليها في العقود المبرمة معهم. - ضعف قدرات بعض أجهزة القطاع العام والإدارات المشرفة على المشروعات في متابعة سير العمل وتقييم أداء المقاول أولا بأول. - تراخي بعض الجهات في اتخاذ الإجراءات النظامية المنصوص عليها في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية. - إدراج بعض المؤسسات اعتمادات المشروعات قبل التأكد من تخصيص الأراضي اللازمة لها عن طريق البلديات أو الشراء ونزع الملكية. - تأخر الفسوحات والتراخيص الخاصة بأرض المشروع ما يتسبب في تأخير طرحه للمنافسة إلى حين توفير الأرض. - افتقار بعض الجهات الحكومية للكفاءات العلمية والخبرات المهنية للإعداد والتخطيط الهندسي لمشروعاتها. - تأخر بعض الجهات في إعداد الشروط والمواصفات الفنية. - تأخير إبرام العقود حتى الأشهر الأخيرة من السنة المالية ما يؤدي لتأخر البدء في تنفيذ المشروعات وانتهاء السنة المالية قبل أن يبدأ الصرف عليها. - عدم كفاية الاعتمادات المخصصة لبعض المشروعات في الميزانية ساهم في تأخر التنفيذ إما لارتفاع سعر أقل العطاءات عن الأسعار السائدة في السوق أو لعدم دقة تقدير تكاليف المشروع المعتمدة في الميزانية. وأوضح التقرير بعض المشاريع التي حدث تعثر فيها منها: خمسة برامج ومشروعات معتمدة لوزارة الخدمة المدنية ضمن خطة التنمية من ميزانية عام 30/1431ه، تقدر قيمتها الإجمالية بنحو 12,736,000 ريال، والطريق الدائري الداخلي ببريدة والذي أعلنت عن تنفيذه بلدية محافظة بريدة قبل 15 عاماً كمشروع حيوي يربط ما بين الجهات الأربع بالمحافظة، وكذلك مشروع متنزه الردف في محافظة الطائف الذي ظل أكثر من 3 سنوات تحت الصيانة، لكن ذلك المشروع ظل معلقا. وشدد السويلم إلى أن رئيس هيئة مكافحة الفساد محمد الشريف، خلال كلمته التي افتتح بها المؤتمر الثالث لإدارة المشاريع، الذي عقد في الرياض إلى 4 أسباب وراء تعثر المشاريع الحكومية، تتمثل في عدم الاعتناء بإعداد مواصفات المشاريع وشروطها قبل طرحها في المنافسة، وإسناد الأعمال بالباطن، وضعف الإشراف على المشاريع، إضافة إلى ضعف كفاءة أعضاء لجان الاستلام الابتدائي والنهائي للمشاريع. خطوات لانقاذ المشاريع من التعثر وقال هناك العديد من الخطوات الضرورية التي يجب أن يتم اتخاذها حتى يتم انقاذ العديد من المشروعات التنموية من التعثر وهذه الخطوات تتطلب تضافر الجهود من قبل العديد من الجهات سواء الرسمية كمجلس الشورى والمجلس الاقتصادي الأعلى وغيرها كالغرف التجارية ومجلس الغرف التجارية الصناعية والقطاع الخاص حتى نستطيع تجنب مثل هذه التعثرات. ومن هذه الخطوات على سبيل المثال لا الحصر: - تحديث نظام الاشتراطات والكراسات ونظام المشتريات الحكومية بما يحمي العديد من المشروعات من خلال عدم إسنادها إلى جهات منفذة ليس لديها الإمكانيات الفعلية لتنفيذ هذه المشروعات. - المتابعة الدقيقة لجميع المشروعات التي يتم تنفيذها والتأكد من التزامها بالمواصفات المطلوبة وبالجدول الزمني للتنفيذ. - توفير الكوادر الفنية والمهنية القادرة على متابعة مثل هذه المشروعات التنموية. - التأكد من قدرة المقاولين الفنية والمالية المرتبطة بتنفيذ المشاريع، من خلال إعادة النظر في تصنيف المقاولين ووضع القواعد التي تساعد عملياً في تطبيق تصنيف منصف وعادل وواقعي للمقاولين. - تسهيل حصول شركات المقاولات الجادة على الكوادر الفنية والمهنية المطلوبة والتي يثبت واقعها عدم تعثرها في أي من المشروعات التي أسندت إليها ولديها من الإمكانيات الفنية والمالية ما يؤهلها لتنفيذ هذه المشروعات التنموية.