المواطنون يصابون بإحباط وخيبة أمل عندما تتعثر مشاريع تنموية وتطويرية معتمدة في الميزانية لتحقيق نقلة نوعية حضارية في مختلف مناطق المملكة، هم في أمس الحاجة لها. المعضلة ليست وليدة اليوم ولكنها معضلة تراكمية من سنوات لم تجد الحلول لدى الوزارات المعنية وعلى رأسها وزارة المالية. على سبيل المثال مشاريع حيوية تعثرت كمشروع يربط الجهات الأربعة بمحافظة بريدة تعثر منذ البدء فيه قبل 10 سنوات، مشروع منتزه الطائف منذ 3 سنوات ظل تحت الصيانة ولم ينتهِ، مشروع عقبة المحمدية الذي مضى عليه 10 سنوات كمرحلة أولى من الطريق البالغ طوله 20 كم تعثر، أما المشاريع المتعثرة في منطقة مكةالمكرمة كما أشار إليها تقرير الأمارة النوعي نسبة التعثر في المشاريع 13% وتقدر تكلفتها 44 مليار ريال، أما المشاريع المتوقفة فبلغت نسبتها 5% من الإجمالي وبقيمة 600 مليون ريال، فيما بلغت المشاريع المتعثرة والمتوقفة 319 مشروعاً، وتتمثل في مشاريع القطاع الصحي، يليه قطاع التعليم. التقرير الصادر عن ديوان المراقبة العامة يشير إلى تجاوز إجمالي مبالغ الاعتمادات المالية التي لم تستفد منها الجهات الحكومية المختلفة ما يقارب 13.6 مليار ريال تتعلق بمخصصات 555 مشروعاً مختلفة ومتنوعة، منها 55 مشروعا للقطاع العسكري و472 للقطاع المدني والبقية موزعة على المؤسسات العامة، الأمر الذي حقق وفرة في ميزانية الدولة بنسبة 13% (التقرير عن السنة المالية الحالية خلاف المشاريع المتعثرة عن الأعوام السابقة والتي تجاوزت 55 مليار ريال)، ولخص التقرير أسباب عدم الصرف من الاعتمادات المالية سواء بنقلها لبنود أخرى أو بقائها وفرا في نهاية السنة المالية في 12 نقطة منها: 1- عدم جاهزية بعض المقاولين لاستلام مواقع المشروعات للبدء في التنفيذ في الموعد المحدد لضعف إمكانياتهم المادية والفنية. 2- مخالفة بعض المقاولين للجدول الزمني المتفق عليه للتنفيذ وتقصيرهم في تنفيذ التزاماتهم التعاقدية وفقا للشروط والمواصفات الفنية المتفق عليها في العقود المبرمة. 3- ضعف قدرات بعض الأجهزة الحكومية المشرفة على المشروعات في متابعة سير العمل وتقييم أداء المقاول أولا بأول. 4- تراخي بعض الجهات في اتخاذ الإجراءات النظامية المنصوص عليها في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية. 5- إدراج بعض المؤسسات اعتمادات المشروعات قبل التأكد من تخصيص الأراضي اللازمة لها عن طريق البلديات أو الشراء ونزع الملكية. 6- تأخر الفسوحات والتراخيص الخاصة بأرض المشروع ما يتسبب في تأخير طرحه للمنافسة إلى حين توفر الأراضي. 7- افتقار بعض الجهات الحكومية للكفاءات العلمية والخبرات المهنية للإعداد والتخطيط الهندسي لمشروعاتها. 8- التأخر في إعداد الشروط والمواصفات الفنية. 9- التأخر في إبرام العقود حتى الأشهر الأخيرة من السنة المالية قبل أن يبدأ الصرف عليها. 10- عدم كفاية الاعتمادات المخصصة لبعض المشروعات في الميزانية ساهم في تأخير التنفيذ إما لارتفاع سعر اقل العطاءات عن الأسعار السائدة في السوق أو لعدم دقة تقدير تكاليف المشروع المعتمدة في الميزانية. التقرير الصادر عن ديوان المراقبة العامة لهذا العام أوضح أوجه القصور في تعثر المشروعات التنموية الحيوية وهذه هي كل مسؤوليات الديوان وصلاحياته، وليس من صلاحياته المحاسبة والمساءلة. وفي الأعوام السابقة أصدر ديوان الرقابة تقارير سنوية تشير إلى المشكلة ذاتها وأبلغت جميع الوزارات والمصالح الحكومية، بالإضافة إلى ما ينشر عبر الصحف عن المشاريع المتعثرة، وما يرفع لوزارة المالية من الجهات الحكومية، وما أوصى به خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وولي عهده الأمين بسرعة إيجاد الحلول لإنهاء المعضلة إلا أن تراخي بعض الوزارات في تنفيذ التوجيهات السامية زاد من تراكم المعضلة وازدادت معاناة الناس والحلول ليست معضلة، المعضلة في التراخي والاستمرار في السبات العميق دون مساءلة ومحاسبة.