يمتاز الشاعر (محمود حسن إسماعيل) بالصور الملونة كأنها فراشات طائرة في خميلة جميلة بين زهور وعطور، له خيال خصيب وذوق رفيع وسبك مُذَهَّب يتلألأ فيه شعره الأصيل. ومع أن له عدة دواوين رائعة إلاَّ أنه لم ينل الشهرة الكافية بسبب حبه للعزلة، وعدم اختلاطه مع الشلة الإعلامية في عصره. غنى له الموسيقار (محمد عبدالوهاب) قصيدة (النهر الخالد) فبقيت على مر الزمان من أجمل الكلمات وأروع الألحان: (مسافر زادهُ الخيال والسحر والعطر والظِّلالُ ظمآنُ والكأسُ في يديهِ والحبُّ والفنُّ والجمالُ شابت على أرضهِ الليالي وضيَّعت عمرِها الجبالُ ولم يزل ينشد الديارا ويسأل الليل والنهارا والناس في حبه سكارى هاموا على شطه الرحيبِ يا نيلُ يا ساحرَ الغيوبِ * * * يا واهبَ الخُلْدِ للزمانِ يا ساقيَ الحبًّ والأغاني هاتِ اسفني ودعني أهيم كالطير في الجِنانِ يا ليتني موجة فأحكي إلى لياليك ما شجاني وأغتدي للريح جارا وأسكب النور للحيارى فإن كواني الهوى وطارا كانت رياح الدجى نصيبي آهٍ على سرِّك الرهيبِ وموجك التائهِ الغريبِ يا نيلُ يا ساحرَ الغيوبِ * * * سمعتُ في شطك الجميل ما قالتِ الريحُ للنخيلِ يُسَبَّحُ الطيرُ أم يُغَنِّي ويشرح الحبَّ للجميلِ واغصُنٌ تلك أم صبايا شربن من خَمْرةِ الأصيلِ؟ وزورق بالحنينِ سارا أم هذه فرحةُ العَذارى؟ تَجري وتُجري هواك نارا حملت من سحرها نصيبي آهٍ على سرك الرهيبِ وموجك التائهِ الغريبِ يا نيل يا ساحرَ الغيوبِ)