شكل نبأ اختلاس 150 مليون ريال بإدارة تعليم الرياض، نتيجة التزوير واستغلال النفوذ صدمة عنيفة للرأي العام ولطمة موجعة للأخلاق والقيم خصوصا بعد إقصاء وإبعاد مساعدي المدير ورؤساء الأقسام بإدارة الشؤون المالية ممن لديهم وازع اخلاقي ووطني وظلت وزارة التربية تحقق في الموضوع منذ عام، ومازالت مستمرة في خطواتها الإجرائية "على حد قول ناطقها الإعلامي".. هذا الموضوع سيطر على حديث المجالس بشكل لافت كونه يمثل نموذجا واقعيا لحالات الفساد التي قوضت التنمية وعصفت بالقيم وأفرزت سلوكيات هددت مقدرات الوطن.. ولي وقفات مع هذه القضية: الوقفة الأولى: إن النهضة البشرية تولد من رحم التعليم ووقوع هذا الفساد في مؤسسة تربوية معنية بغرس قيم الأمانة وسلوك النزاهة كان محبطا للغاية، فكيف يكون مستقبل الأجيال ومن بين مسؤولي هذه المؤسسة من خان الأمانة وعبث بالقانون والأخلاق؟! الوقفة الثانية: الشكوى كانت بتاريخ 29/7/1433ه، ومر عام على التحقيق و لم يسفر عنه شيء حتى الآن فلماذا لم تتولَ المباحث الإدارية جهة الاختصاص ملف القضية لقدرتها على تقصي الأدلة والقرائن.. لا ان يحقق بها إداريون بوزارة التعليم وهم غير متخصصين بالتحقيق و حتى تنأى الوزارة نفسها عن دخان التأويلات بدلا من الهمز واللمز بوجود أيد خفية تحاول إهالة التراب على الموضوع وطمس معالمه. الوقفة الثالثة: واقع انتشار استغلال المنصب لتحقيق مصالح شخصية سلوك يجرمه القانون عززه غياب الرقابة الرسمية وغياب تطبيق نظام تأديب الموظفين الذي مضى عليه 40 عاما دون أن يحقق اهدافه حتى اننا لم نسمع بإحالة المفسدين النافذين للتحقيق بما يوازي حجم الفساد المنتشر في جسد بعض المؤسسات الحكومية. الوقفة الرابعة: ضعف آليات المساءلة والمحاسبة أفرز لنا سلوكيات إدارية جعلت من المسؤولين فريقين؛ الأول فاسد والثاني مخلص نزيه فيقوم الأول بممارسة الاغتيال الإداري لكل فرد من الفريق الثاني من خلال التهديد بالفصل التعسفي أو المضايقات في الترقيات و المزايا الوظيفية أو النقل الإداري حتى باتت تلك الممارسات أمرا مألوفا وأصبح الفاسد صادقاً والنزيه كاذباً بينما الأحق أن يكرم الفريق الأخير ويمنح حصانة إدارية، وامتيازات تحفيزية تقديرا لإخلاصه وحسه الأخلاقي والوطني.