مثّل تعاقد نادي الهلال مع سامي الجابر على رأس الجهاز الفني للموسم المقبل خطوة جريئة من إدارة الهلال التي اتخذت القرار لاعتبارات مختلفة أهمها قناعتها بما يملكه سامي من ذكاء رياضي اكتسبه على مدى عقود تواجد خلالها في ناديه لاعبا تدرج الفئات السنية، ونجما لفريقه الأول وواحدا من المهاجمين البارزين في المنتخب الوطني، فضلا عن النجاح المطلق إداريا، غير أن هذه الأمور لا يمكن أن تنفي صفة كونه مدربا مغمورا لا يملك أي سجل تدريبي، يحمل التاريخ كثيرا من الأسماء العالمية التي توجهت للتدريب فور اعتزالها اللعبة، وحققت نجاحات منقطعة النظير (دونغا، غوارديولا ورايكارد )أما البرازيلي ليونارد الذي مثل أي سي ميلان فقد قاده تدريبيا فور الاعتزال ثم أشرف على تدريب انتر ميلان لكنه لم يوفق فتحول لمنصب مدير رياضي لباريس سان جيرمان. السيرة التدريبية هي برأيي من تحدد صفة المغمور على هذا المدرب أو ذاك؛ غير أنها في الوقت ذاته ليست حكما مسبقا بالفشل، وفي حال حقق سامي إنجازات مع "الأزرق" يمكن أن تكون بداية له نحو تكوين سيرة ذاتية لمدرب وطني سعودي مختلف. الحديث عن النجاح والفشل لا يحدده اسم مدرب، فكم من مدير فني تاريخه عظيم تعاقد معه الهلال وكان مصيره الرحيل قبل انتهاء مدة عقده!!، ولو لم يكن تأثير المدرب قويا في تحضير فرق كرة القدم والتعامل مع النجوم الحاضرة، واستثمار المواهب الصاعدة بمنحها الفرصة في الوقت المناسب، واختيار العناصر الأجنبية بعناية؛ فضلا عن التدخلات الدقيقة أثناء المباريات لما تكلفت الأندية في جميع أنحاء العالم عناء التنافس للفوز بخيرة المدربين، ولا ننس (الحظ) وجانب التوفيق الذي يحتاجه اللاعب والرئيس وكذلك المدرب. إن نجاح سامي الجابر في خطوته التاريخية مع الهلال يمثل نجاحا مهما للمدرب الوطني السعودي، ولن يتحقق ذلك إلا بتوفيقه وإدارة النادي بالتعاقد مع رباعي أجنبي يصنع الفارق، وتوفير أجواء أخوية مع نجوم الهلال المحليين الذين اعتادوا على الأجنبي، فسامي يحتاج من النجوم السعوديين بذل أقصى الجهود لمساعدته في تنفيذ ما يريد، فقد استعان الهلال بأجهزة فنية من جميع أنحاء العالم وبكلفة مادية كبيرة بهدف الحصول على لقب دوري أبطال آسيا لكنه لم يوفق، واليوم يخوض تجربة مختلفة بقيادة وطنية يجب أن تدعمها الجماهير "الزرقاء" وهو الذي يحظى بشعبية كبيرة بعدم استعجال النتائج ومنحه الفرصة الكاملة على مدى عامين متتاليين، نحن أمام خطوة مهمة لن يجني الهلال وحده ثمارها، فربما كانت البداية الحقيقة لصناعة جيل من المدربين الوطنيين المميزين الذين يكونون مطلبا ملحا للفرق المحلية في الدوري السعودي وتوافر المدربين الوطنيين ذوي الكفاءة العالية بأعداد كبيرة يعدها الاتحاد الدولي والقاري إحدى أهم المحاور المهمة التي تبرز نجاحات الاتحادات المحلية.